الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أعود لاستخدام الريميرون بسبب فقدان الوزن والاكتئاب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشعر دائماً برغبة في التقيؤ، وفقدان شهية مستمر، لدرجة أنني لا أستطيع الوقوف، مع دوخة مستمرة وإرهاق، وسبقت هذه الأعراض غازات كريهة الرائحة، وطعم غريب في فمي، ذهبت إلى طبيب، فشخص الحالة بأنها التهاب في المعدة والقولون، وكتب لي "أوميبرازول، Omeprazole" و"ماندوريكس، Mandorex" فاتح شهية، بالإضافة إلى مضاد حيوي "رانسيف، Rancif".

في موعد الاستشارة بعد خمسة أيام، سألني الطبيب عن الأعراض، فأخبرته بأنها ما زالت مستمرة، فقال إن الكشف لا يُظهر وجود التهاب حالياً، وذكر أن السبب قد يكون نفسيًا، أو مشكلة عضوية أكبر، لا تظهر إلا بالتحاليل أو الأشعة.

شرحت للطبيب أنني لا أشعر حاليًا بوجود أمر نفسي يزعجني، لكنني أصبت بنفس الأعراض قبل أربع سنوات، وازدادت حالتي سوءاً حينها، رغم التحاليل والأدوية، ثم تعافيت بعد استخدام نصف حبة من "ريميرون Remeron"، حيث تحسنت حالتي بشكل كبير، وازداد وزني من 45 إلى 55 كيلوجرامًا في أقل من شهر، ثم توقفت عن تناوله بعد خمسة أشهر ونصف، والمشكلة أنني أحتاج إلى "ريميرون" من وقت لآخر، وقد استخدمته لفترة استمرت سنة ونصف، وفي كل مرة أتوقف عنه، ينخفض وزني مجدداً، طولي 167 سم، ووزني الآن 52 كيلوجراماً، وأتأثر نفسيًا كثيرًا بفقدان الوزن، لدرجة أنني لا أرغب في الخروج من المنزل، وشعرت بالراحة عندما بدأت الإجازة الصيفية، حتى لا أضطر إلى مقابلة أحد.

وصف لي أحد الأطباء دواء "ستابلون، Stablon" ثلاث مرات يوميًا، لكن طبيبًا قريباً لي قال: إن الدواء الذي نعرفه أفضل من دواء جديد، وخصوصًا أنني ارتحت مع "ريميرون"، ونصحني بالاستمرار عليه، كما أخبرني سابقًا أنه يمكنني استخدام "ريميرون" وقت الحاجة، لأنه يساعد حتى في حالات ألم المعدة.

لا أعلم إن كنت أظلم نفسي باستخدام دواء نفسي، أم أظلمها أكثر بعدم فعل شيء، خاصة أنني أشعر أنني سأموت إن بقيت نحيفة، أرغب بشدة في زيادة وزني؛ لأن النحافة تؤثر على نفسيتي ومظهري، ومع أنني أبلغ من العمر 29 سنة ونصف، ولم أتزوج بعد، إلَّا أن أكثر من خاطب تراجع عن خطبتي بسبب نحافتي، وقد صرح لي البعض بذلك.

ملحوظة: لم أتناول "ستابلون"، ومعدتي تحسنت تقريبًا بعد علاج الطبيب، ويبدو أن المشكلة كانت تحتاج فقط إلى وقت، لكنني بطبيعتي لا آكل كثيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن أعراض الجهاز الهضمي التي أصابتك، من الواضح أن الحالة النفسية قد لعبت دورًا كبيرًا فيها، والأعراض بالصورة التي ذكرتها غالبًا ما تنتمي إلى الحالات المعروفة بالحالات النفسوجسدية (Psychosomatic)، أي أن الأعراض عضوية وجسدية، لكن سببها ليس عضويًا، وإنما نفسي، فالأسباب النفسية، مثل: القلق النفسي أو الاكتئاب، هي التي تؤدي إلى ظهور هذه الأعراض، كما أن الكتمان وعدم الإفصاح عما في النفس، وقلة التعبير عن الأمور المزعجة، يؤديان إلى تراكمات واحتقانات داخلية، وتُحدث تشويشًا نفسيًا كبيرًا، وتنعكس في صورة أعراض جسدية.

استجابتك السابقة لعقار (ريمارون، Remeron) هي خير دليل على ما نقوله، وقد لا تكون الأعراض النفسية واضحة بما يكفي لتلاحظيها، إذ إن القلق أو الاكتئاب قد يكونان خفيين، لدرجة تُعرف بالقلق أو الاكتئاب المقنّع، ومن وجهة نظري، فإن الحالة بسيطة، والحمد لله تعالى، وبما أنكِ قد توصلتِ إلى التشخيص الصحيح، وهناك مؤشرات سابقة على تحسنك مع العلاج، فأعتقد أن المشكلة أصبحت محلولة تمامًا.

ما أود اقتراحه هو العودة لتناول الريميرون، فهو دواء جيد وفعّال جدًا، يمكنك البدء بنصف حبة (15 ملغ) ليلًا، والاستمرار عليها لمدة شهر، ثم رفع الجرعة إلى حبة كاملة ليلًا لمدة ثلاثة أشهر، وبعد ذلك أنقصي الجرعة إلى نصف حبة يوميًا لمدة عام، ثم إلى نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم إلى نصف حبة مرة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناوله، وستلاحظين أني قسمت الجرعات إلى جرعة تمهيدية، وجرعة علاجية، وجرعة وقائية؛ والهدف من الجرعة الوقائية هو حمايتك من عودة القلق والاكتئاب، إذ يبدو أنكِ لديكِ استعداد لهما، فالدواء آمن جدًا كما ذكرت، وإن شاء الله ستشعرين بالتحسُّن، وتختفي الأعراض النفسوجسدية، وفي الوقت نفسه سيبدأ وزنك بالازدياد.

أحيانًا أنصح بدعم الريميرون بدواء آخر يُعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول، Flunaxol)، ويُعرف علميًا باسم (فلوبنتيكسول، Flupentixol)، بجرعة حبة واحدة (0.5 ملغ) صباحًا لمدة شهرين، إذا رغبتِ في إضافة هذا الدواء، فبإذن الله سيكون مفيدًا، وإن قررتِ الاستمرار على الريمارون وحده، فذلك أيضًا خيار جيد.

أمَّا دواء الـ (استبالون، Stablon)، فلا أعتقد أنه سيكون مناسبًا، إذ تحيط به الكثير من الخلافات، وهو في كثير من الأحيان قد يؤدي إلى التعود، والحمد لله أنكِ لم تشرعي في تناوله.

كما أنصحك بالتركيز على الآليات العلاجية الأخرى، ومن أهمها: أن تكوني إيجابية في تفكيرك، وألّا ترسمي صورة ذهنية سلبية عن نفسك، وأن تحسني إدارة وقتك؛ فهذا أمر بالغ الأهمية، ويمنح الإنسان الثقة بالنفس والرضا عنها.

أسأل الله تعالى أن يهيئ لكِ الزوج الصالح، ونشكرك جزيل الشكر على تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً