الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندما أتوتر أشعر بالحاجة لدخول الحمام، فهل من حل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 23 سنة، وعندما أكون في مواقف أشعر فيها بالارتباك أو القلق، ينتابني شعور مفاجئ بالحاجة إلى الذهاب إلى الحمام، فعلى سبيل المثال، أثناء وقوفي أمام الطلاب في الطابور الصباحي، أو عندما شرحتُ موضوعًا أمام زملائي في الجامعة، شعرتُ بهذا الإحساس بسبب خوفي وقلقي.

الآن، لا أعلم كيف سأتمكن من الوقوف يوم حفلتي في صالة الأفراح؟ أعلم أن السبب هو الخوف؛ لأنني بطبيعتي لست جريئة، كذلك أشعر بالأمر نفسه عندما أضحك كثيرًا، فهل توجد طريقة أو علاج لحل هذه المشكلة؟

شكرًا لكم، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

حالتك هذه حالة بسيطة -إن شاء الله-، وكما تفضلتِ وذكرتِ، فإن المواقف التي تجعلكِ عرضة للقلق والتوتر؛ تجعلكِ تحسِّين بضرورة الذهاب إلى الحمام.

فالذي يحدث هو أن القلق -أيًّا كان نوعه- يؤدي إلى بعض التغيرات الجسدية، وهذه التغيرات الجسدية تظهر في شكل انقباضات عضلية، وأكثر العضلات التي تكون عرضة للانقباض: هي عضلات الصدر وعضلات الرأس؛ لذا تجدين الكثير من الناس يشتكون من ضيق في الصدر، أو من صداع بسيط.

وبعض الناس يكون هذا الانقباض لديهم في عضلات القولون؛ لذا تجدينه عند من يشتكون من القولون العصبي. وأيضًا قد يكون الانقباض في عضلات المثانة، وتتحول المثانة إلى ما يُعرف بالمثانة العصبية، أي أن الانقباضات الشديدة الناتجة من التوتر، تجعل المثانة تنقبض وتضيق سعتها؛ مما يعطي الإحساس بضرورة التبول.

فالعملية بسيطة جدًّا، وهي عملية فسيولوجية كجزء من الحالات التي نُسميها بالحالات النفسوجسدية، أي أن الوضع النفسي نتج عنه هذه التغيرات الجسدية مثل النوع الذي يحدث لكِ.

والضحك أيضًا يُعتبر نوعًا من الانفعال، فبالرغم من أنه انفعال يختلف عن الخوف والقلق، إلا أنه يؤدي كذلك إلى انقباضات عضلية، ولذا يأتيكِ مثل هذا الشعور.

والذي أنصحكِ به هو أولًا: أن تعرفي أن حالتكِ ميسورة.

ثانيًا: حاولي أن تُقاومي الشعور بالذهاب إلى الحمام، فهذا مهم جدًّا. وبعض الناس يأتيهم هذا الشعور متى ما علموا أن هناك دورة مياه قريبة منهم، أما إذا كانوا في مكان لا تتوفر فيه دورة مياه، فغالبًا لا يأتيهم هذا الشعور. فالذي أرجوه منكِ أن لا تذهبي فجأة إلى دورة المياه، وأنا أؤكد لكِ أنه لن يحدث لكِ أبدًا فقدان للتحكم أو التبول على نفسكِ -فهذا لن يحدث إن شاء الله-.

ثالثًا: هناك تمارين تُسمى بتمارين الاسترخاء، وهي تمارين جيدة، أرجو أن تُطبقيها بصورة مستمرة، ولتطبيق هذه التمارين:

- اجلسي في مكان هادئ داخل الغرفة مثلًا على كرسي مريح.
- بعد ذلك خذي نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف.
- واجعلي صدركِ يمتلئ بالهواء.
- ثم أخرجي الهواء بقوة وببطء عن طريق الفم.
- ويفضل أن تُغمضي عينيكِ، وأن تركزي على عملية التنفس التدريجي.
- كرري هذا التمرين خمس مرات متتالية، بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء.

وهناك أيضًا تمارين استرخائية للعضلات، وفي أبسط صورها، يمكنكِ القيام بالآتي:
- قومي بالقبض على راحة يديكِ بشدة وقوة حتى تُحسي بالألم، ثم أطلقي يديكِ.
- وقولي لنفسكِ: "الآن أنا في حالة استرخاء بعد أن كنت في حالة انشداد".
- كرري هذا ثلاث مرات متتالية، ثم انتقلي إلى مجموعة أخرى من العضلات كعضلات البطن مثلًا، وقومي بشدِّها ثم بالاسترخاء، وهكذا.

هذه تمارين جيدة جدًّا، وبالطبع لو وجدتِ شخصًا يُدربكِ عليها فستكون الفائدة أشمل وأعم. وأنصحكِ أيضًا بممارسة أي رياضة، خاصة الرياضة التي تُساعد في تقوية عضلات البطن.

التمرين الثالث: أن تعرضي نفسكِ لمواقف الخوف في الخيال، مثلًا: تصوري أنكِ أمام الطلاب والمعلمات وطُلب منكِ أن تُقدمي عرضًا معينًا بصورة مفاجئة، وعيشي هذا الخيال بكل تركيز وقوة.

ومع خيال آخر، تصوري أنكِ في مناسبة اجتماعية كبيرة، وقد طُلب منكِ من قِبل بعض النسوة والفتيات أن تُقدمي لهنَّ برنامجًا معينًا أو محاضرة أو شيئًا من هذا القبيل. والهدف من ذلك هو أن تُعرضي نفسكِ للمواقف الاجتماعية في خيالكِ، ويجب أن يكون هناك نوع من التركيز.

والنصيحة الأخرى هي: أن لا تتجنبي المواقف التي تكونين فيها عرضة للقلق والتوتر؛ لأن التجنب يزيد من القلق والتوتر، أما التعرض فيزيد من القلق والتوتر في بداية الأمر، وبعد ذلك يُحس الإنسان بحالة من الاسترخاء التام.

وكما ذكرت لكِ: ممارسة الرياضة تُعد من الأمور المفيدة جدًّا في مثل هذه الحالات.

وبقي أن أصف لكِ أحد الأدوية الممتازة والفعالة، والتي تُساعد -إن شاء الله- في القضاء على هذه الظاهرة، وهو دواء يُعرف تجاريًّا باسم (سيبرالكس، Cipralex)، ويُعرف علميًّا باسم (استالوبرام، Escitalopram).

أرجو أن تتحصلي على العبوة التي تحتوي على عشرة مليجرام، ابدئي بتناول نصف حبة (أي خمسة مليجرام) يوميًّا، في الصباح أو المساء، ويفضل بعد الأكل.

استمري على هذه الجرعة الصغيرة لمدة أسبوعين، ثم ارفعيها إلى حبة كاملة يوميًّا، واستمرّي عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفّضي الجرعة إلى نصف حبة يوميًّا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا الدواء فعّال ومضاد للقلق والتوتر والمخاوف الاجتماعية بجميع أنواعها -إن شاء الله-، وهو غير إدماني، ولا يُسبب التعود، كما أنه سليم ولا يؤثر مطلقًا على الهرمونات النسوية.

ونشكركِ كثيرًا على تواصلكِ مع استشارات إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً