الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اضطراب الشخصية بسبب ما تعانيه من قلق اكتئابي وأثر ذلك على بناء العلاقات الاجتماعية

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد حلاً سريعاً لمشكلتي، فأنا مزاجي سيئ باستمرار، وأعاني من الاكتئاب، وأحياناً من الحزن، وعندما أتحدث للآخرين أشعر بالتوتر وعدم الارتياح في الكلام، وينتابني شعور بتأنيب الضمير عندما أقول شيئاً، وبعد أن أقول أي كلام يتردد الكلام في ذهني كثيراً، وأشعر بالذنب أحياناً، فأنا غير اجتماعية، وأحب دائماً الجلوس بمفردي أو على النت، وهذا يُضايقني كثيراً، وأحياناً يزعج هذا أقاربي، ولكن لا ألقي لهم بالاً، والمشكلة ليست في أقاربي ولكنها في الأصدقاء، فأنا لا يوجد لدي أصدقاء كثيرون، وبالأحرى أنا لا أعرف أن أصادق أحداً، ودائماً بداياتي خاطئة أو لا أعرف كيف تكون البدايات للصداقة.

أريد من يأخذ بيدي، فأنا محتارة، وأحياناً أصطنع أنني اجتماعية، على الرغم أن هذا ليس محبباً إلى نفسي، وأشعر أن إرادتي وما أريده في اتجاه، وما تريده نفسي في اتجاه آخر، وغالباً الكفة تكون باتجاه ما تريده نفسي، وأحس أنني شخصان في واحد، للدرجة التي تجعلني أكره نفسي.

أرجو الإفادة، وشكراً على الإنصات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أنت لديك عسر في المزاج، ولديك شعور بالقلق والكدر، وهذه درجة من درجات ما يُعرف بالاكتئاب القلقي، والاكتئاب القلقي أو قلق الاكتئاب هي حالات وجدانية منتشرة بكثرة الآن، خاصة وسط الشباب، ولا ندري ما هو السبب وراء ذلك، ولكن هنالك بعض المعلومات التي تُشير إلى أن أهم العوامل لذلك هي درجة الإحباط التي يشعر بها الشباب عامة، خاصةً فيما يخص مستقبله الدراسي، ومستقبله في سوق العمل، وكذلك التنازعات الشديدة فيما يخص الأهواء، وتحديد الهوية لدى الشاب أو الشابة، وأنماط التواصل الاجتماعي اختلفت بصورة كبيرة جدّاً، وكثيراً ما يجد الإنسان نفسه في حيرة بين واقعه وما يريده لنفسه، وهذا بالطبع يؤدي إلى الكثير من التصادم والقلق وعدم الاستقرار النفسي.

أيتها الفاضلة الكريمة: يمكن أن نقول أن لديك ما يسمى بالبُعد ما بين قطبي الشخصية، وهذا البعد ما بين القطبين هو الذي يجعلك مترددة وقلقة، وكما تفضلت فهنالك نوع من التجاذب ما بين ما تريده نفسك وما بين ما تحسين به، وهذا لا نعتبره تعدداً في الشخصية، إنما هو درجة بسيطة من اضطراب الشخصية، ولا نعتبرها علة مرضية، وأعتقد أن وجود القلق والاكتئاب لديك هو الذي جعل الألوان الحقيقية لشخصيتك تكون واضحة وظاهرة، أعني بذلك درجة إحساسك بالتناقض، وقد ساهم اضطراب القلق الاكتئابي في ظهورها.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أرى أن العلاج الدوائي سوف يكون جيداً بالنسبة لك؛ لأن المزاج إذا تحسن يستطيع الإنسان أن يقوم بعملية الترميم الذاتي، ويستطيع الإنسان أن يقبل نفسه، وأن يقبل ذاته، وأن يفهمها، وهذه هي المتطلبات الضرورية، فلذا ننصحك بتناول أحد مضادات الاكتئاب، ومن أفضلها عقار يعرف تجارياً باسم (فلوزاك) واسمه العلمي هو (فلوكستين) وهو موجود في مصر، ويُعتبر من الأدوية السليمة المتداولة بكثرة جدّاً، والجرعة هي كبسولة واحدة في اليوم، يفضل تناولها بعد الأكل، واستمري على الجرعة لمدة ستة أشهر، بعد ذلك اجعليها كبسولة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الأمر الآخر: بالنسبة لبناء العلاقات الاجتماعية وبناء الصداقات، فالناس يختلفون في ذلك كثيراً، والناس طباعهم ليست واحدة، ولابد أن نقتنع بالفوارق الفردية بين البشر، وأرجو أن لا تحاسبي نفسك بقسوة في هذا المجال، ولا تعتبري نفسك فاشلة لأنك وجدت صعوبة في تكوين صداقات.

الإنسان دائماً يمكن أن يبدأ بتكوين علاقات بسيطة ومحدودة، فاختاري زميلة في الدراسة مثلاً، أو قريبة لك تجدين فيها السمات التي تتوافق مع مزاجك، وإن شاء الله سوف تجدين أن هذه العلاقة بدأت في التطور، وليس من الضروري أن يتم هذا التطور بسرعة، بل على العكس تماماً نريده أن يكون بطيئاً وبخطوات متفاوتة.

بعد ذلك سوف تتوسع دائرة معارفك، وأنا قناعتي قوية جدّاً أن الإنسان إذا شارك في الأنشطة الثقافية والاجتماعية والخيرية، مثل الذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن مثلاً، وحضور المحاضرات والدروس، وسوف يجد من يوائمه من ناحية التفكير ومن ناحية المزاج والطباع، ويحدث شيء من التقاء الرؤى ما بين الطرفين، ومن هنا تبدأ الصداقة وتبدأ الأخوة، وينتهي إن شاء الله الشعور بالوحدة والانعزال.

المهم هو أن يسعى الإنسان، وفي نفس الوقت أرجو أن تزيلي من تفكيرك فكرة أنك فاشلة أو أنك لست مقتدرة اجتماعياً، فالفكر الخاطئ والفكر السلبي والفكر المشوه هو الذي يضر بصاحبه، ودائماً رتبي وقتك ونظميه، وكوني فاعلة، فهذا يفيدك كثيراً في أن تجدي أن مشاعرك قد تحولت بصورة إيجابية جدّاً، وهذا هو أساس النجاح فيما يخص العلاقات الاجتماعية.

وللمزيد من العلاجات السلوكية راجعي هذه الروابط:
260965 - 277926 - 266195

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً