الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع تلبية طموحي... هل بسبب التشتت الذهني أم الاكتئاب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب جامعي، عمري (21) عاماً، أدرس هندسة الكترون، وصلت لهذه الدراسة بفضل الله عز وجل فقط! لأنني منذ أن كنت في المرحلة الإعدادية، وأنا أشعر بوجود شيء ما يعيقني، فيجعلني أؤجل دراستي، على الرغم من أنني أعرف طريق النجاح والتفوق، وأنه بحاجة للدراسة لساعات متواصلة، لكنني لا أستطيع الالتزام بأي عمل؛ لأنني لا أملك الصبر للاستمرار به.

أحب التقرب إلى الله، ولكن أحياناً يزين لي الشيطان العادة السرية، ويبعدني عن الطريق الصحيح، ولكنني من فضل الله أعود لصوابي.

أشعر بنقص اجتماعي يجعلني ملولاً، لا أحب العمل، لا أحب الدراسة، أشعر بالوحدة عندما أسافر للدراسة؛ لأن جامعتي في محافظة غير التي أعيش مع أهلي بها, والآن أصبحت في السنة الثانية ولا أستطيع التأقلم والدراسة والعيش في هذا المكان.

أشعر بشتات ذهني فظيع؛ لأنني في كل عام من السنة الدراسية الجديدة أؤجل دراستي، اليوم وغداً واليوم وغداً، حتى يأتي الامتحان وأرسب أو أنجح - بفضل الله - بدون دراسة كافية, بالإضافة لمشاكل ومصاعب الحياة بشكل عام، والأحداث التي تجري في سوريا بشكل خاص, هذه الضغوط تشعرني بالإحباط والاكتئاب، وأنا الآن لا أستطيع الدراسة، لا أشعر بالتفاؤل والنجاح، لا أرغب التكلم إلى أحد، لا أرغب بفعل شيء.

مع العلم أنني أتناول مضادات الهيستامين منذ (6) أعوام متواصلة بشتى الأنواع، كيف يمكنني التخلص من هذا الشتات الذهني؟ وهل يمكن أن أعود بحالة نفسية سليمة؟ وهل سبب حساسية أنفي المزمنة هو حالتي النفسية؟

أفيدوني أفادكم الله، وأزال عنكم كل كرب وهم، الله يجزيكم الخير، وأعتذر على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فرسالتك تشير وبصورة واضحة أن مشكلتك الأساسية هي عدم تحديد أسبقياتك في الحياة، وكذلك عدم إدارتك للزمن والوقت بصورة صحيحة.

الدراسة لساعات طويلة ومتواصلة ليس أمرًا صحيًّا، الوقت يجب أن يوزع ويدار بصورة جيدة، فالإنسان يجب أن يأخذ قسطًا كافيًا من الراحة، يجب أن يرفه عن نفسه بما هو مشروع، يجب أن يتواصل اجتماعيًا، يجب أن يمارس الرياضة، أن يكون حريصًا في عباداته، وأن يخصص وقتًا للدراسة، هذا النوع من التوازن في إدارة الزمن هو أهم وسيلة من وسائل النجاح.

الإنسان حتى يتجنب التسويف ويحرك إرادته الداخلية لابد أن تكون له خارطة ذهنية ثابتة تبدأ من صلاة الفجر، وبعد ذلك ينطلق: سوف أقوم بكذا في الساعة كذا، والإنسان لابد أن يعقد نيته، والنية الصادقة دائمًا توصل صاحبها لهدفه، العبادات لا تصح بدون نية، وكذلك أعمال الدنيا لا تنجز بدون نية، هذا هو المبدأ الأول.

الأمر الثاني: أنا انزعجت قليلاً أنك تتناول مضادات الهستامين لمدة ست سنوات، هذه المضادات قد يتعود عليها الإنسان، ويعرف عنها أنها ربما تضعف التركيز، دراسات كثيرة تشير إلى ذلك، وربما تؤدي أيضًا إلى الإحباط، فلابد أن تتوقف عنها تدريجيًا، وخلال أربعة أسابيع يمكنك التخلص منها تمامًا.

القلق النفسي ذاته يزيد من الحساسية، وأنا أعتقد أن جانباً آخر يسيطر عليك وهو درجة بسيطة من القلق الاكتئابي، فهذه العوامل كلها هي التي جعلتك تفقد الطريق قليلاً فيما يتعلق بالدراسة والتركيز، فحاول أن تدير الزمن بطريقة صحيحة، وحاول أن تكون لك أهدافاً واضحة، وأن تضع الآليات لتطبيقها، الأحداث الحياتية مثل ما يحدث في سوريا وغيرها لا شك أنها أمور مزعجة ومؤلمة، لكن هذا أمر يعم الناس كلهم، وعليك بالدعاء وأن يحفظ الله تعالى دماء الناس، وأن يولي عليهم خيارهم.

سوف أصف لك دواءً جيداً وسليماً ومحسناً للمزاج، ومزيلاً للقلق - إن شاء الله تعالى - الدواء يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) واسمه العلمي هو (فلوكستين) ابدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجرامًا، تناولها بانتظام والتزام لمدة شهر، ويفضل تناول الدواء بعد الأكل، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم - أي أربعين مليجرامًا - استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناولها، هذا الدواء دواء متميز وجيد - وإن شاء الله تعالى - تجد فيه الخير والنفع الكثير.

أخي الفاضل: أرجو أن تتبع ما ذكرناه لك من إرشاد، وأن تكون أكثر تفاؤلاً وثقة في مقدراتك، فالإنسان لديه طاقات كامنة كثيرة جدًّا متى ما تذكر أنها موجودة وعقد النية على التغير الإيجابي سوف يتغير.

العادة السرية أنت تعرف قبحها وسوءها ومضارها، فعليك -أخي الكريم- أن تلزم نفسك بأن تبتعد عنها، وممارسة الرياضة والصبر والصيام متى ما كان ذلك ممكنًا - إن شاء الله - هذه كلها حلول، وعليك أيضًا بالصحبة والرفقة الطيبة، فالإنسان يحتاج لمن يعينه في أمور الدين والدنيا.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول علاج عدم التركيز سلوكياً: ( 226145 _264551 - 2113978 ) وأضرار هذه العادة السيئة: (38582428424312 - 260343 ) وكيفية التخلص منها: (227041 - 1371 - 24284 ) والحكم الشرعي للعادة السرية: (469- 261023 - 24312) .

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً