الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف وقلق خارج البيت في العمل وعند الذهاب للمناسبات فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

أنا عمري 28 سنة، متزوج منذ سنتين، وأعاني منذ أكثر من 5 سنوات من عدة أمراض، منها آلام متعددة ومبهمة في الصدر، وأحيانًا ارتفاع ضغط، ولكن بصورة غير مستمرة، ولقد قمت بعمل الكثير من الفحوصات، وصور للرأس، والقلب، والكلى، ومعظم فحوصات الدم -والحمد لله- لا يوجد بها شيء، ولكني أصبحت أعاني من الخوف والقلق خارج البيت في العمل، وعند الذهاب للمناسبات والضيافة.

من تلك الأمراض أني أعاني من ارتفاع الضغط، والرعشة، والتلعثم، وتسارع القلب، وعدم المقدرة على الكلام، وبمجرد الرجوع للبيت تتلاشى هذه الأعراض، وأيضًا عند حدوث موقف أو مشكلة مع شخص ما، أعاني من هذه الأعراض، وبعد فترة (لمجرد رؤيتي لهذا الشخص أو المكان تعود إليّ نفس الأعراض وبسرعة).

وهناك الكثير من الأعراض التي أشكو منها, ولكن ما ذكرته أهمها.

أفيدوني، جزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله تعالى أن يعيننا بأن نصل إلى التشخيص الصحيح، وتزول عنك هذه المعاناة.

أنت ذكرت أعراضك بصورة جميلة جدًّا وواضحة جدًّا، وحقيقة أعجبني قولك: إن أعراضك تتلاشى حين ترجع إلى البيت، هذه ملاحظة مهمة جدًّا، حيث إنه يوجد نوع من الرهاب يسمى برهاب (الساح), أو قلق الساحة، وهو نوع من القلق الذي لا يختفي إلا بعد أن يرجع الإنسان إلى أمان البيت، أو يكون دائمًا في صحبة رفقة مؤتمنة, ومحببة بالنسبة له، ورهاب (الساح) كثيرًا ما يرتبط أيضًا بشيء من نوبات الهرع أو الفزع، وكذلك الخوف, أو الخجل الاجتماعي.

إذن أستطيع أن أقول لك: -وأنا على درجة عالية جدًّا من اليقين إن شاء الله تعالى- إن حالتك هذه فعلًا حالة تتطلب شيئًا من التعمق للوصول إلى تشخيصها، وأنا أرى أنها فعلًا قلق مخاوف, يتميز بوجود المؤشرات التشخيصية لما يعرف برهاب الساح.


طريقة العلاج هي:
أولًا: ما دمنا قد توصلنا -بتوفيق من الله تعالى- إلى التشخيص الصحيح, أقول لك: إن الحالة ليست خطيرة أبدًا، وحتى إن سببت لك إزعاجًا فهذا -إن شاء الله تعالى- أمر عابر، ومن أهم ما تقوم به أن لا تتردد على الأطباء، كل الأعراض الجسدية والتي وصفتها بأنها مبهمة – وهذا وصف دقيق جدًّا – هي ناتجة عن حالة القلق المصاحب لهذه المخاوف.

إذن لا يوجد مرض عضوي، ولكن الأعراض ناتجة عن النفس، وهذا ما نسميه بالأعراض نفسوجسدية.

إذن تفهمك لطبيعة الحالة هو في حد ذاته جزء كبير جدًّا من العلاج.

الخطوة الثانية في العلاج هي: صرف انتباهك عن هذه الأعراض، وذلك من خلال حسن إدارة الوقت, وأن تكون فعالًا، وأن تشغل نفسك بما هو مفيد.

ثالثًا: ممارسة الرياضة تعتبر أمرًا هامًا وضروريًا جدًّا لصرف هذا النوع من الأعراض، وكذلك تمارين الاسترخاء، والتي كثيرًا ما ننصح بها، وقد أثبتت فائدتها وجدواها، فأرجو أن تتدرب عليها, وذلك من خلال تصفح أحد المواقع على الإنترنت والبحث في (جوجل) عن كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء.

رابعًا: الجزء المهم في العلاج هو تناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف والتوترات والقلق، وعقار لسترال, والذي يعرف تجاريًا أيضًا باسم (زولفت), ويعرف علميًا باسم (سيرترالين), سيكون دواءً مناسبًا جدًّا لك.

أرجو أن تبدأ في تناول السيرترالين بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً – أي نصف حبة – تناولها بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك ارفعها إلى حبة كاملة، تناولها ليلًا بعد الأكل، وبعد شهر اجعلها حبتين في اليوم، يمكن أن تتناول كجرعة واحدة في المساء, أو تناولها حبة صباحًا وحبة مساءً، وهذه هي الجرعة العلاجية، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعدها خفضها إلى حبة واحدة ليلًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

إذن السيرترالين هو العلاج الدوائي الرئيسي، ونريد أن ندعمه أيضًا بدواء آخر بسيط يعرف علميًا باسم (سلبرايد), ويعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل), تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا في الصباح لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.

هذه هي الإرشادات العلاجية الضرورية، والتي أسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وبالنسبة للمخاوف لابد أن تواجه، ولا شك أن تناول الدواء, واتباع ما ذكرناه لك سوف يعطيك -إن شاء الله تعالى- القدرة, والدافعية, والاستعداد, والإرادة لأن تتخطى مخاوفك.

نصيحة أخرى أعتبرها مهمة جدًّا وهي: أن تكون حريصًا على صلاة الجماعة، وأن يكون ذلك في الصف الأول؛ لأن هذا النوع من التعريض يعرف عنه أنه من أميز الوسائل التي تقضي على الرهاب, والخوف الاجتماعي, وكذلك قلق (الساح).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية طارق

    انا نفس الشي ياخواني وعمري

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً