الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابنتاي مصابتان بالوساوس القهرية والرهاب، فما العلاج المناسب لهما؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم وأدعو لكم على هذا الجهد الجبار في خدمة الإسلام والمسلمين.

أنا رجل متزوج منذ عشرين سنة، وذو ثقافة إسلامية جيدة، وأسكن في استراليا، لدي ثلاث بنات في عمر المراهقة والشباب، ومشكلتي هي أن ابنتي الوسطى والأخيرة يعانين من مرض الوسواس القهري والرهاب الاجتماعي، وضعف الذكاء في تحصيلهن الدراسي؛ بسبب الخجل المفرط والخارج عن حد الاعتدال، حتى أقرب الناس لهن وهو أنا، ولديهن مشكلة كبيرة ومؤلمة في الصلاة والطهارة من كثرة الشك وتكرار الصلاة والوضوء، وقد اتبعت معهن كل وسائل العلاج السلوكي الموصى بها من قبل أهل الاختصاص من أكاديميين ورجال الدين، وليس كل الطرق، بل معظم الطرق، ولكن لم أذهب إلى أخصائي الأمراض النفسية لسبب موضوعي، وهو أن الأطباء هنا يحتاج الذهاب لهم إلى مترجم لم لا يحسن اللغة الإنجليزية وكل المترجمين هم من معارفي، ولا أحبذ أن يطلعوا على حالة بناتي لأسباب موضوعية، ولذلك طرقت بابكم.

أرجو إرشادي وعلاج ابنتيّ (الوسطى من مواليد30_11_1998، والأخيرة من مواليد5-7-2001)، فهل يوجد علاج لهن يخلو من آثار جانبية؟ علما أن زوجتي تعاني منذ زمن ليس بالقصير من الاكتئاب والعصبية المفرطة، وهي مستمرة على العلاج الدوائي.

أرجوكم أيه السادة الكرام ساعدوني، ولكم جزيل الأجر والثواب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو دعاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الوساوس القهرية في الطفولة المتأخرة وسن اليفاعة نشاهدها لدى اثنين إلى ثلاثة بالمائة من هذه الفئة، وهذه الوساوس قد تكون عابرة، وفي بعض الأحيان تكون مستمرة، ووطأتها شديدة على الشخص المصاب بها.

الجوانب الوراثية في الوساوس القهرية ضعيفة، بمعنى أن تأثير الوراثة ليس بالقوة والوضوح الذي نشاهدها في بعض الحالات النفسية الأخرى.

مواصلة المنهج السلوكي هو العلاج مطلوب لعلاج الوساوس القهرية، وهذه العلاجات السلوكية يجب أن تتطور وتشمل ما نسميه بالسيكودراما، أي أن تجعل ابنتيك يلعبن أدوارا تمثيلية تشارك فيها مثلاً أنت وبقية أعضاء الأسرة، ومن تثقون فيه مثلاً من أصدقائكم، وإن لم يكن ذلك ممكنًا فيمكن أن يحصر العلاج النفسي السلوكي الدرامي على الأسرة فقط، وفكرة العلاج السلوكي الدرامي هو نوع من التطبيق العملي لبعض الممارسات التي تطور المهارات الاجتماعية، فمثلاً أن تقوموا بكتابة سيناريوا أو مشهدا بسيطا لدور درامي تلعبه إحدى بناتك، وتقوم في هذا الدور مثلاً تمثل كل ما هو مطلوب من المعلمة الناجحة، اجلسوا أنتم كتلاميذ وأنصتوا لها، واجعلوها هي تقوم بدور المعلمة.

ودور تمثيلي آخر، هو مثلاً: أن تكلف بتنظيم رحلة للأسرة. دور ثالث: أن تقوم بالصلاة بوالدتها وبقية أخواتها. وهكذا.

وتطوير المهارات الاجتماعية يتطلب التواصل الاجتماعي، فاجعل بناتك يرتبطن بالمركز الإسلامي مثلاً، هذا مهم وضروري جدًّا. اجعل إحداهنَّ تكون مسؤولة عن نظافة وترتيب المنزل لمدة أسبوع، وتكون الأخرى مسئولة عن ميزانية الأسرة لمدة أسبوع آخر، وهكذا.

هذه كلها مهارات بسيطة، لكن اكتسابها يجعل الفتاة أكثر تفاعلاً من الناحية الاجتماعية، كما أنه يساهم كثيرًا في تطوير المقدرات المعرفية.

أنت ذكرت أنهنَّ يعانين من ضعف الذكاء، هذه مشكلة إذا كان هنالك بفعل ضعف في الذكاء، أما إذا كان الأمر فقط يتعلق بشيء من ضعف التحصيل الدراسي المرتبط بالتكاسل وضعف التفاعل الاجتماعي، فهذا الأداء الدراسي سوف يتحسن - إن شاء الله – بتحسن تطوير المهارات الاجتماعية. وهنالك مهارات اجتماعية بسيطة جدًّا يجب أن تساهم أيضًا في تعليمها لبناتك وكذلك والدتهنَّ بالطبع، منها كيفية إلقاء التحية، وكيفية ردها، وهكذا.

بالنسبة لأمر الصلاة: دعهنَّ يقمن بالوضوء باستعمال الماء الموضوع في إناء كالإبريق الصغير مثلاً، أو قنينة أو شيء من هذا القبيل، ولا يكون الوضوء من ماء الصنبور. تحديد كمية ماء الوضوء وزمن الوضوء هذا يساعد كثيرًا في القضاء على الشك. الصلاة في جماعة تساعدهنَّ أيضًا في القضاء على التردد وتكرار الصلاة والوضوء.

هذه وسائل ناجحة جدًّا وفعالة جدًّا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أعتقد أن عقار بروزاك والذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين) هو الدواء المناسب لفئتهنَّ العمرية، وكلاهما تحتاج للدواء بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، يكون الاستمرار عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك تخفض الجرعة إلى كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم يمكن التوقف عن تناول الدواء.

والدتهنَّ لابد أن تتحكم في مشاعرها، وحاول أن تحفزها وتشجعها، وسيّر لها الآليات لتعبر عن ذاتها حتى يتحسن مزاجها وتزول هذه العصبية المفرطة، ولا مانع أن تستمر على علاجها الدوائي، ويمكن أن تعدل الجرعة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله أن يقر عينك بأبنائك وبأهلك.
وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً