الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من غثيان واكتئاب وحزن شديد، كيف أعود لطبيعيتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 18 عاما, أصبت السنة الماضية مع بداية العام الدراسي ولأول مرة في حياتي باكتئاب ( فقدان للشهية – الشعور بالغثيان والإقياء –الوسواس- تمني الموت أحيانا - الحزن الشديد والملل – الأرق الشديد وعدم القدرة على النوم إلا بمنوم) كنت أخاف المدرسة لكني عندما أذهب إليها تزول جميع الأعراض, حيث كانت المدرسة هي سبب مرضي وعلاجي في نفس الوقت.

بعد انتهاء الفصل الدراسي الأول شعرت بتحسن في حالتي بفضل الله بدون أي دواء, لكن بقي الشعور بالحزن, وفقدان السعادة, والقلق من المستقبل موجود في أغلب الأحيان, والآن وبعد انتهاء العام الدراسي ظننت أني سأشفى تماما, لكني إلى الآن لا زلت أشعر بالحزن, والملل الشديد, لدرجة أني أشعر بأن هذه الحياة لا قيمة لها, وأنها نوع من الروتين السيء, دراسة ثم زواج وأولاد.

المستقبل بالنسبة لي معروف, ولا جديد, وهذا ما يزيد من اكتئابي, وأما بالنسبة للشعور بالسعادة فهو نادر, حتى أنه يكاد ينعدم, ومع اقتراب العام الدراسي الجديد؛ والذي سيكون نقلة نوعية في حياتي, إذ سأنتقل من مرحلة المدرسة إلى المرحلة الجامعية؛ تزداد مخاوفي يوما بعد يوم من أن تعود إلي أعراض الاكتئاب الشديدة من (غثيان وأرق..), وأشعر أني دائما قلقة من ذلك.

ما هو العلاج المناسب؟ وكيف أعود لحالتي الطبيعية وأتخلص من هذا الشعور بالاكتئاب, لاسيما أن أي لحظة حزن أمر بها أربطها بالاكتئاب, ولا حول ولا قوة إلا بالله.

بالنسبة لتاريخ عائلتنا الطبي فوالدي قد أصيب في نفس عمري باكتئاب وشفي منه والحمد لله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مستشيرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأعتقد أن المشكلة الأساسية لديك هو ما نسميه بالقلق التوقعي، والقلق التوقعي حقيقة في حالتك يتمركز جوهريًا حول المستقبل وما يحمله والتبعات الحياتية الخاصة بتلك المرحلة.

بالطبع هذا النوع من الخوف خوف غير مبرر، وكثيرًا ما يكون الجانب الوسواسي (التردد والتفصيلي) جزء من القلق التوقعي، وكل هذا بالطبع يؤدي إلى شعور بالكدر وعدم الارتياح.

أعتقد أن المطلوب في حالتك هو أن تعيدي تقييم وضعك، أن تقبلي ذاتك، وأن تفهمي ذاتك، وأن تحاولي أن تطوريها، أنت في بدايات سن الشباب، أمامك -إن شاء الله تعالى– أيام طيبة جدًّا، وهذه السن حقيقة تتفتق فيها الطاقات النفسية, والجسدية, والوجدانية، والتي يجب أن يُستفاد منها، وذلك من خلال توجيهها التوجيه الإيجابي الصحيح، ومن المهم جدًّا ألا تحكمي على نفسك بمشاعرك فقط، حتى مشاعرك -إن كانت سلبية أو اكتئابية- فعليك أن تقاومي ذلك من خلال الأفعال والإنجاز، والأفعال والإنجاز لا تتأتى إلا إذا كانت هنالك أهداف واضحة, وتصميم وصلابة, وإرادة على التنفيذ، والإنسان حين يدير وقته بصورة صحيحة يضع برامج يومية تكون خارطة ذهنية ثابتة في هذا السياق، يستطيع أن ينفذ، يستطيع أن ينجز، وهذا في نهاية الأمر سوف يُشعره بالرضى، والرضى هو حقيقة السعادة ذاتها.

إذن من خلال ذلك نكون قد غيّرنا المشاعر من خلال الأعمال، لكن إذا جعلنا المشاعر هي التي تسيطر على الوجدان، وحين تكون هذه المشاعر سلبية قطعًا لن يكون هنالك إنجاز، لن تكون هنالك أعمال، وهذا يؤدي إلى المزيد من الإحباط.

هذه هي النظرية المعرفية السلوكية التي من خلالها يستطيع الإنسان أن يهزم الاكتئاب هزيمة تامة وأبدية.

عيشي حياتك الآن بقوة، انظري إلى المستقبل بإيجابية وأمل ورجاء، غيّري نمط حياتك، أنت الحمد لله متميزة متفوقة, لك أشياء طيبة وجميلة في حياتك، المرحلة الجامعية هي نقلة جميلة جدًّا ليست نقلة تقابل بالمخاوف، إنما تقابل بالأمل, وتقابل بالاطمئنان, وتقابل بالاستعداد، وتتذكري اليوم لذي ستنالين فيه -إن شاء الله تعالى– شهادتك الجامعية, وبعد ذلك الدراسة ما فوق الجامعية، وهكذا.

أنت محتاجة حقًّا لتغيير فكري معرفي وجداني، هذا هو الذي تحتاجين إليه، وهذا هو الذي سوف يهزم الاكتئاب النفسي.

أرجو ألا تعتمدي أبدًا على المنومات، أنت ذكرت أنك تناولتها فترة من حياتك, صعوبات النوم يتم التخلص منها من خلال: تجنب النوم النهاري، ممارسة الرياضة، عدم شرب الشاي والقهوة والبيبسي والكولا, وكل محتويات الكافيين في المساء، تثبيت وقت النوم مساءً، تطبيق تمارين الاسترخاء، وبهذه المناسبة إسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) أرجو الرجوع إليها والاسترشاد بها من أجل تطبيق هذه التمارين، ولا شك أن أذكار النوم مطلوبة جدًّا في الصحة النومية ومن أجل تحسينها.

أود أن أذكرك بأمر قد يكون معلومًا لجميع الناس، لكن البعض لا يُحسن حقيقة إعطائه الأهمية المطلوبة، هذا الأمر هو بر الوالدين، بر الوالدين يفتح حقيقة فتحًا مبينًا وعظيمًا على الشباب، هو من وسائل السعادة، وهو من الأمور التي بالفعل تشعر الإنسان بالارتياح والرضا.

أنا أعرف أنك حريصة على هذا الأمر، لكن وددت أن أذكرك، وحين أذكرك به انظري إليها بالطبع من ناحية الأجر والثواب لك في هذا الأمر، وفي ذات الوقت أراه كعلاج نفسي سلوكي فعال جدًّا لهزيمة الاكتئاب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً