الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نفسيتي محطمة بسبب الخوف من الأمراض والسفر.. أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا لجأت إليكم لعل الله تعالى يكتب لي الشفاء من خلال موقعكم الكريم، فأنا منذ حوالي 10 سنوات أعاني من الخوف الرهيب.

أولا: بدأ بالخوف من ركوب الطائرة لدرجة أني كنت أبكي قبلها بحوالي الشهر، وأحاول تغيير موعد الحجز كلما أمكن، وأجعل أهلي يخسرون المزيد من الأموال للتغيير، وبعدها الخوف من الموت، وركوب المواصلات خوفا من عمل حادث، وكنت أبقى في هذه الحالة شهرا، أو اثنين، ثم أنشغل بدراستي، وأنسى قليلا.

علما أني الآن أنا متزوجة، وعندي طفلان، منذ حوالي الـ 6 أشهر سافرت مع زوجي لبلد عربي، ومن وقتها لم نفارق المستشفيات، أحد المرات قدماي يؤلماني فأخبرني الطبيب أنه التهاب في كعب القدم، ثم منذ حوالي 6 أشهر أصبت بنوبة مغص شديدة ظلت معي فترة حوالي 4 أيام، وإسهال مائي، أخبرني الطبيب أنها نزلة معوية، وأخذت علاجا، وتحسنت عليه.

الآن منذ حوالي الشهر أصبت مرة أخرى بألم في بطني، وانتفاخات رهيبة، كلما تناولت طعاما ضلت معي قرابة الأسبوعين، أخبرني الطبيب أنه قولون عصبي، وتناولت زيموجين فورت وديسبتالين، وتحسنت عليه كثيرا، ووقتها كنت متأكدة أن الطبيب سيخبرني أني مريضة بسرطان بالقولون، وكنت أبكي وتركت أعمال منزلي، والاهتمام بأطفالي، ثم تحسنت.

مر حوالي أسبوع، ثم بدأت أشعر بغصة في حلقي، وجفاف في الحلق، فخفت أيضا أن يكون هذا ورم، ذهبت للطبيب أخبرني أنها حالة نفسية، ثم أخيرا منذ 5 أيام بدأت أشعر بآلام في بطني كلما تناولت طعاما، ثم بدأ الإسهال اللين، ثم أصبح مائيا وكثيرا لدرجة أني دخلت المستشفى، وتناولت المحاليل ومازال الإسهال موجودا، وأعطوني علاجا للإسهال.

وذهبت لطبيب طلب مني تحليل براز، فقال: إنه يوجد به أميبا، والآن تناولت حوالي 5 أقراص من الميترونيدازول، لكن مع تحسن بسيط، وأعطاني دواءً للتشنجات (ديستيل) حبة مرتين يوميا، وطبيب آخر أخبرني أن أعمل منظارا للمعدة، ومنظار للقولون، وأنا في انتظار أن أعمله، فهل هو ضروري؛ خصوصا أن الطبيب الأول أخبرني أنه غير ضروري لأن السبب هو الاميبا والقولون العصبي.

أرجو الإجابة سريعا؛ لأن نفسيتي محطمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ س.س حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فأشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

كل إنسان له مكوناته النفسية وبناؤه الذي يميزه عن الآخرين، ومن الواضح أن لديك سمات قلقية كثيرة، والقلق يتولّد منه الخوف، والخوف قد يأخذ أشكالا متعددة، هنالك المخاوف البسيطة مثل التي عانيت منها، وهنالك مخاوف أخرى أكثر تعقيدًا، وهذا كله قد يصب في نهاية الأمر في بوتقة واحدة، وهي الخوف المرضي، وهذا واضح جدًّا بالنسبة لك، أي أنه لديك مخاوف مرضية، أو ما يسمى بالمراء المرضي، وهو ناتج من البناء النفسي لشخصيتك في أغلب الظن.

وبعض علماء النفس يعتقدون أن هذه الحالات مساوية أو موازية أو مطابقة لما يمكن أن نسميه بالاكتئاب القلقي، يعني أن هنالك عنصرا اكتئابيا قد لا يظهر في شكل أحزان، وكبت وشعور بالكرب والكدر، إنما يظهر في شكل أعراض فسيولوجية نفسية متعددة ومتنقلة، ويكون هنالك عامل الخوف، والقلق، والرهبة من المرض ومآلاته السيئة شاغلة جدًّا للإنسان ومستحوذة عليه.

لذا وجد أن تناول مضادات القلق والاكتئاب يفيد كثيرًا في هذه الحالات، هذا قائم على دراسات متأنية، وكبيرة وكثيرة جدًّا.

الذي أنصحك به هو أولاً أن تبني بناءً فكريا جديدا نسميه بالتغيير المعرفي، وهو أنك لست مريضة مرضًا خطيرًا - هذا مهم جدًّا – وكل الذي تعانين منه هو مخاوف قلقية تمركزت حول الخوف من المرض، هذا مفهوم مهم وضروري ويساعدك كثيرًا.

ثانيًا: عليك أن تصرفي انتباهك عن الأعراض، وذلك من خلال التفكير الإيجابي، أنت لديك التزامات أسرية، -الحمد لله- لديك بيت، زوج، أطفال، هذا يجب أن يشغلك، ويجب أن يشجعك في نفس الوقت، ويُشعرك بقيمة المردود الإيجابي على نفسك.

وإدارة الوقت بصورة حسنة دائمًا تساعد الإنسان، وتبعد انتباهه عن التفكير في الأمراض.

ثالثًا: التوكل مهم، والدعاء أيضًا هو سلاح واق للمؤمن، ولا شك في ذلك، والإنسان يجب أن يقتنع يقينًا وبعزيمة وقوة أنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله له، هذا مهم، وهذا ضروري، ويجب أن نعطيه قيمته الفكرية الحقيقية لنستفيد منه.

رابعًا: التمارين الرياضية – أيًّا كان نوعها – أي تمرين رياضي كالمشي وغيره سوف يفيدك كثيرًا.

خامسًا: هنالك تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) يمكنك الرجوع إليها، ويمكنك الاسترشاد بتفاصيلها، بشرط أن تطبقيها بحذافيرها، هذا - إن شاء الله تعالى – سوف يفيدك كثيرًا.

سادسًا: هناك نقطة مهمة جدًّا، وهي ألا تتنقلي بين الأطباء، هذا يؤدي إلى كثير من التوهم المرضي، لكن أقول لك: حتى وإن كانت مراجعتك على مستوى الرعاية الصحية الأولية - على مستوى المركز الصحي – راجعي طبيبتك مرة واحدة كل ثلاثة أشهر (مثلاً) من أجل عمل فحص عام، هذا يطمئنك تمامًا، ويفيدك كثيرًا.

بالنسبة لموضوع المنظار وغيره: حقيقة أنا لا أرى هنالك ضرورة له، لكن أعرف تمامًا أن هذا الموضوع سوف يسبب لك الكثير من الهواجس والقلق والتوتر، لذا ربما يكون من الأفضل أن تقومي بهذا الإجراء الطبي مرة واحدة، بشرط أن تقتنعي بالنتائج التي سوف يذكرها لك الطبيب، وموضوع القولون العصبي، موضوع الجرثومة وغيرها، هذا أمر شائع ومنتشر، ولا تعتبر أمراضًا خطيرة.

النقطة الأخيرة: أنا أعتقد أن تناولك لبعض الأدوية المضادة للقلق والمخاوف سوف تفيدك كثيرًا، هنالك دواء مشهور يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس)، ويسمى علميًا باسم (إستالوبرام)، هذا الدواء أنت محتاجة له بجرعة صغيرة، وهي أن تبدئي بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناوليها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها عشرة مليجرام (حبة كاملة) تناوليها ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول هذا الدواء.

وهنالك دواء آخر يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول)، ويعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول) أيضًا هو جيد جدًّا، ويتم تناوله بجرعة نصف مليجرام – أي حبة واحدة – في الصباح لمدة شهرين، ثم يتم التوقف عن تناوله.

هذه أدوية سليمة، وغير إدمانية وغير تعودية، فقط لا ننصح باستعمالها مع الحمل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً