الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الرهاب والاكتئاب والوسواس؟

السؤال

السلام عليكم

أشكركم على هذا الصرح الطبي الكبير، وأدعو الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

أنا شاب عمري 31 سنة، وأعاني من شيء، ولكن لا أدري تشخيصه الصحيح! وبدأ عندما كنا نجلس أنا وأصدقائي منذ 10 سنوات، وكنا نتحدث فنظر إلي أحدهم وظل يطالع في عيني حتى دق قلبي! وأصبحنا كلما تحدثنا نضع أعيننا مبارزة لبعض في أعين بعض، ولكنني لا أدري لماذا هذه النظرة؟!

من بعدها لم أستطع رفع عيني في عينه، وبدأ الأمر يتوسع حتى شمل جميع الناس، حتى والدي، وبدأت أعراض الخجل علي، وعندما نجلس وأتحدث أشعر بأنهم يبرزون أعينهم تجاهي، فأتلعثم بالكلام، ويحمر وجهي، وبدأ صوتي يتغير، وأشعر أنهم يضحكون علي أو يستهزئون من كلامي!

منذ تلك اللحظة بدأت العزلة، وفقدت جميع أصحابي، لكي لا أرى أحداً، ولا يلاحظ أحد على ما أعانيه، وكنت أنام وأفكر في أعين الناس، ولا أستطيع مقابلة أحد وبدأت أخجل ويحمر وجهي، ودقات قلبي تتسارع وأتقطع داخلياً، وأتعرق عند الاختلاط بأي أحد، وأصبحت لا أستطيع التحدث أمام أحد، ولا أقدر على الإمامة مثلما كنت، لتغيير نبرة صوتي، ولم أفكر في الذهاب لطبيب نفسي إلا بعدما شعرت بآلام في الرأس، وتنميل واضطرابات غريبة في جميع رأسي، والآلام في العين وليس بالصداع المعروف.

هذا الألم والاضطرابات تختلف تماماً، فصرف لي الطبيب حبوب ابتريل، ونوع آخر لا أتذكره، فهدأت من روع رأسي نسبياً، وتجرأت نوعاً ما ثم انقطعت عن العلاج لشيء ما، وبعدها ذهبت لطبيب آخر صرف لي سيبراليكس، ومعه دواء آخر، لكنني لم أتحسن، فتركت العلاج، وسافرت لدولة الإمارات، ومن خلال تعاملي الإجباري مع الناس بدأت أتأقلم نسبياً، مع ما أعانيه من شدة الألم والاضطرابات في رأسي وعيني.

هذا الألم هو ما تبقي لدي إلى الآن مع عدم القدرة على النظر في عين أحد، لأنه يزيد من ألم رأسي وعيني، وأشعر أن من يحدثني يسيطر علي وعلى أفكاري، ولكن لم يعد لدي ضربات القلب، ولا احمرار الوجه، ولا السخونة إلا قليلاً.

مع العلم أني أعرف أن هذه التوجسات ليس لها أساس من الصحة، فأنام جيداً وآكل جيداً، ولكن لا أدري لماذا كل هذه الأفكار؟! وهذه الآلام التي في رأسي، وأنا الحمد لله أصلي دائماً، ولا أفكر في إيذاء أحد، وأنا خاطب وعرسي بعد خمس أشهر تقريباً، إن شاء الله، ولا أدري عند عودتي واختلاطي بخطيبتي وأهلها كيف سيكون مع ما أعانيه؟!

ما هو التشخيص الصحيح لحالتي؟ وهل هو رهاب اجتماعي أم اكتئاب أم وسواس أم ماذا؟ وما العلاج والجرعات المناسبة لحالتي كمقبل على الزواج؟

الرجاء ذكر أدوية معروفة في دولة الإمارات، لأنني أعرف أنها تختلف نسبياً عن مصر.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

أخي وصفك واضح جداً ودقيق لحالتك، وقد أثار انتباهي التجربة النفسية التي مررت بها، وهي أيام وأنت وصديقك بما وصفته بالمبارزة، وذلك بوضع أعينكما في اتجاه بعضكم البعض.

هذا أخي الكريم، حدث نفسي له لقيمة نفسية، وذلك حسب ما هو معروف في علوم السلوك، كانت هذا الانطلاق الذي أدى إلى إصابتك بالرهاب الاجتماعي، إذن حالتك هي حالة رهاب اجتماعي في المقام الأول، والرهاب الاجتماعي دائماً تعتريه أو أحد مكوناته الرئيسية القلق النفسي، بما أنه رهاب فلابد أن تكون هنالك مخاوف طرفية أو شيء من الوسوسة أو عسر المزاج الثانوي.

إذن أنت لا تعني أيها الفاضل الكريم من اكتئاب حقيقي، الذي تعاني منه من وجهة نظري هو مخاوف قلقية ذات طابع اجتماعي، وانصرف فكرك أيضاً نحو الجزئية الوسواسية، والمتربطة بالمخاوف في بعض الأحيان.

أيها الفاضل الكريم، أوضحنا لك التشخيص، وأقول لك إن العلاج يتمثل في التجاهل التام، والرهاب أصلاً يخترق من خلال التحسين التدريجي منه، والتحسين والتدريجي من خلال الفكر المعرفي، يعني الإنسان يتسأل ويقول لماذا أخاف؟ وما الذي يجعلني أخاف؟ وأنا لست أضعف من الآخرين، وتتصور نفسك أنك أمام تجمع كبير وطلب منك أن تقدم محاضرة أو عرض في موضوع معين، أو طلب منك أن تصلي بالجماعة، أو كانت هنالك مناسبة اجتماعية كبيرة، كنت أنت المدير والمنظم والمرتب لها، وهذا نوع من التحصيل الفكري المعرفي التدريجي الذي يفيد صاحبه كثيراً، بشرط أن يتبع بالتطبيق.

التطبيق يتم من خلال أن تخترق حاجز الخوف هذا، وتتواصل مع الناس، وتبدأ بأصدقائك وأقربائك وجيرانك، والمصلين في المسجد وهكذا، وسوف تجد أن نسجيك الاجتماعي قد توسع -إن شاء الله تعالى- حقر فكرة الخوف وأحسب أنك من الذين يسعون دائماً لتحسين الظن بالناس.

هذا -إن شاء الله تعالى- يساعدك كثيراً في سوء التأويل وتردد في التعامل مع الناس.

بالنسبة للعلاج الدوائي أخي الكريم، أرى أنه مهم والأدوية كثيرة -إن شاء الله تعالى- معظمها فاعلة قبل أن أتحدث عن الدواء كنت أود أن أنصحك أن الصداع الذي تعاني منه ربما يحتاج إلى أن تذهب إلى الطبيب أيها الفاضل الكريم، خاصة للتأكد من النظر والجيوب الأنفية.

أخي، مهم إن تطلب الأمر أن تجري صورة للرأس مثلاً صورة مقطعية، وهذه ليست صعبة، وهذا أيضاً سوف يطمئنك كثيراً مادام هنالك ألم في العين فقياس ضغط العين أيضاً مطلوب، وطبيب العيون سوف يقوم بذلك، وهذه كلها فحوصات بسيطة لكن من وجهة نظري أرى أنها مهمة، ومكلمة للمسار الطبي الذي أود أن أوجهه لك.

بعد التأكد أن فحصك كله سليم أعتقد أن عقار زولفت والذي يعرف باسم لسترال واسمه العلمي سيرترالين سوف يكون دواءً مناسباً لك، وأنت تحتاج إليه بجرعة صغيرة، وهذا الدواء يمكن أن تتناوله حتى أربع حبات في اليوم، لكن أرى حبة واحدة سوف تكون كافية في حالتك.

الجرعة هي أن تبدأ (25) مليجرام، أي نصف حبة تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة عشر أيام، وبعد ذلك اجعلها حبة كاملة ليلاً لمدة واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر ثم اخفضها إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر ثم اجعلها نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أخي هذا دواء سليم وفاعل، وغير إدماني وفعاليته غالباً تبدأ أسبوعين إلى ثلاثة بعد بداية العلاج، إلا أن هذه الأدوية تعمل من خلال ما يسمى بالبناء الكيمياء.

أنا سعيد جداً أن أعرف أنك مقدم على الزواج، نسأل الله تعالى أن يتم ذلك على الخير، وأن تلتقي مع زوجتك على البركة والرحمة.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً