الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت أخاف من الموت والمستقبل بسبب القلق والوساوس!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نشكر الدكتور محمد عبد العليم جزيل الشكر، ونقدره كثيرًا.

أنا شاب عمري30 سنة، مقبل على الزواج بعد شهرين -إن شاء الله- أعاني من قلق ووساوس منذ 10 سنوات، والسبب أني تناولت مخدرًا أعطاني إياه أصدقاء الدراسة، ثم ذهبت إلى الطبيب فتناولت دواءً لا أذكر اسمه، ومنذ ذلك الحين وأنا أقاوم وساوس الخوف، والخجل، والشك؛ حتى أصبحت أشك في الأكل مخافة السحر، وأخاف من المستقبل، ومن الموت، ولكن ذلك كله خف عندما حصلت على وظيفة مع الدولة، وكانت مدة التدريب سنتين، فتخرجت وأصبحت رئيس منطقة أتعامل مع أشخاص كُثُر، ولكن تأتيني وساوس عابرة، فمثلاً: عندما يتكلم معي شخص أشتمه في نفسي، ولا أعرف لماذا!؟ أو أقول له: اذهب أنت كذا وكذا .. بغير إرادة.

توفي والدي منذ 6 سنوات، وأصبحت المعيل الوحيد للعائلة التي كانت تعتمد على الأب بشكل كبير، رغم بعض الفقر -والحمد لله- وأصبح العبء كله علي، ولم أتزوج خوفًا من أن الزوجة قد تفرق بيني وبين أمي وإخوتي، وأصبحت مدمنًا على العادة السرية.

في هذه السنة توفيت والدتي -رحمهما الله- وبعد وفاتها بأربعة أشهر أصبحت أعاني من القلق، والتنميل، ووساوس جنسية، وأرى أحلامًا مزعجة، وأصابني رهاب وخوف من الموت، وخوف من السحر والعين، وأرى بعض النقط السوداء التي قرأت أنها من وحي القلق، وأصبحت أكره عملي بحجة أن فيه الحرام، مع العلم أني أعمل بعيدًا عن العائلة بمسافة تقدر بـ400 كلم، وأسكن وحيدًا.

ذهبت إلى طبيب الطب العام والأعصاب ولم أخبره بكل هذه التفاصيل، ووصف لي دواء [فلوكستين] لمدة 4 أشهر، و[سولبرايد] لمدة 3 أشهر، والآن منذ شهرين أوقفت الدواء، وأشعر ببعض القلق والوساوس العابرة البسيطة، وبعض التنميل، وألم في الظهر، وأخاف أن يتضاعف ذلك، خاصة أني أحلم كثيرًا، وما زلت أرى النقط السوداء أمام عيني، ولا أريد أن أخبر زوجتي، وخاصة أني لا أحب أن يعرف أحد بمرضي، فالزفاف بعد شهرين، وأنا أثق في شخصكم كثيرًا، وفي الأخير أعتذر عن الإطالة، وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه الشكوك الوساوسية التي تعاني منها نعتبرها نوعًا من القلق النفسي، وليس أكثر من ذلك.

وحين اطلعتُ على رسالتك ساورتني بعض الشكوك في أنك ربما تكون تعاني من درجة بسيطة من مرض الشك، أو الظنان، والذي يسمى بـ(المرض الزواري) أو (المرض الباروني) لكن بعد أن دققتُ في رسالتك وصلتُ لقناعة أنها حالة عُصابية نفسية قلقية وسواسية، وليس أكثر من ذلك، وهذا بالطبع أخف كثيرًا من حالات الشكوك المرضية.

من المفترض أن يكون عقار [فلوكستين] قد ساعدك كثيرًا، وكذلك [سلبرايد] فهي أدوية ممتازة لطرد الوساوس القهرية التي تتسم بوجود شكوك.

أنت لم توضح الجرعة التي وصفها لك الطبيب، لكن غالبًا [الفلوكستين] والذي يُعرف تجاريًا باسم [بروزاك] يجب أن تصل جرعته إلى أربعين مليجرامًا يوميًا، فالحبة الواحدة تحتوي -غالبًا- على عشرين مليجرامًا، وتكون هي البداية، ثم بعد ذلك –أي بعد شهر تقريبًا – يجب أن تُرفع إلى حبتين في اليوم -أي أربعين مليجرامًا- وتستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، ثم تخفضها بعد ذلك إلى حبة واحدة لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر أيضًا على الأقل.

أما بالنسبة لـ[سبرايد] فتكفي المدة التي تناولته خلالها، وهي ثلاثة أشهر، وأنصحك بمواصلة استعمال [الفلوكستين] قليلاً، وإن شاء الله تعالى لن تواجهك أي مشكلة في الزواج.

أما موضوع التنميل، والقلق البسيط، فهذا كله سوف يزول تمامًا، وعليك بممارسة الرياضة؛ فالرياضة تُفيد كثيرًا في هذه الحالات، وكذلك طَبِّق تمارين الاسترخاء، وأرجو أن ترجع إلى هذه الاستشارة (2136015) وتتصفح تفاصيلها، وتطبق ما ورد بها؛ لأنها سوف تُفيدك -إن شاء الله تعالى- خاصة فيما يخص الأعراض النفسية والجسدية، وأقصد بذلك أعراض التنميل، وكذلك آلام الظهر.

أنت مُقدم على الزواج -إن شاء الله تعالى- وهذه نقلة كبيرة جدًّا في حياتك، ولا شك أنها نقلة إيجابية، وأنت جزاك الله خيرًا على دورك الإيجابي حيال أسرتك، ونسأل الله تعالى الرحمة لوالديك، وأنا واثق تمامًا أنك سوف تتوفق -بإذن الله تعالى- في حياتك الزوجية، وليس هنالك ما يُحتاج أن تذكره لزوجتك، وكذلك ليس هنالك ما يُحتاج أن تخفيه عن زوجتك أبدًا، فإن أردت أن تقول لها: في مرحلة من المراحل أُصبتُ ببعض القلق الوسواسي البسيط، لكنه الآن -الحمدلله - انتهى هذا أيضًا لا بأس به أبدًا، فهي تنظر أمام ناظريها وتراك، وأنت شخص -الحمد لله- عادي، وطبيعي، وزوج متزن، فلا تحمل همًا -أخِي الكريم- ويجب ألا يمثل لك هذا الأمر قلقًا أو هاجسًا.

أرجو أن تجعل حياتك مفعمة بالأمل، وبالتفاؤل، وأكثر من النشاط التواصلي الاجتماعي، وكن دائمًا من روّاد المساجد، واحرص على أن تكون متميزًا، ومتفوقًا، ومتطورًا في مجال عملك.

أما بُعد المسافة بينك وبين الأسرة، فتستطيع أن تتخطاه من خلال التواصل من خلال التليفون، أو وسائل الاتصال الأخرى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد، وأسأله تعالى أن يبارك لك في الزواج، وأن تلتقي مع زوجتك على المودة، والسكينة، والرحمة، والخير، والبركة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً