الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت باكتئاب وفقدت طعم الحياة بعد صدمتين

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعرضت لموقف صادم من مقرب لي، أثر عليّ تأثيراً شديداً، وبعدها تعرضت لاكتئاب، ووصف لي الدكتور سبراليكس قبل سنتين، وبعدها تعرضت أيضاً لموقف صادم من شخص أحببته، وجرحني في نفسي، ومن بعدها أصبحت ضعيفة الشخصية، رغم أني أتظاهر بالقوة، ولا يعلم أحد بما أشعر به، وأنا أعلم أنها بسبب توقعاتي الكبيرة في الأشخاص، فأنا صاحبة قلب طيب، وأثق كثيراً بالشخص.

الآن أصبحت شخصيتي مهزوزة، وما زالت أحب ذلك الشخص، ولم أكن أتوقع منه أن يقلل من قيمتي، وأصبحت عصبية جداً، والآن لدي موعد مع دكتورة نفسية، أنا فتاة مرحة، وأتقبل النقد بصدر رحب، وأتقبل اعتذار الناس، وآخذ الأمور دائماً من الناحية الإيجابية، الآن انتكست حالتي، لا أشعر بشيء، فقدت الإحساس بنفسي وبكل شيء، حتى صلاتي لم أعد أشعر بها، أنا في ضغط عاطفي شديد، لا أركز ولا أجمع معلومة، ولا أتطور، أنا في تراجع في القدرات والمهارات وبكل شيء، رغم أني أحاول السيطرة، ولن أسمح بهذا -بإذن الله-.

الآن أستخدم أعشاب فقط، انتي دبريكس وإنسونيل مهدئ نوم، ولا أعلم حقيقة ماذا يحدث لي، ولكني أقرأ في علم النفس كثيراً، وأريد أن يخبرني أحد ما الذي أعاني منه فعلاً؟ لم أعد أشعر بالحياة.

ولكم مني جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nouuuuf حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الذي يظهر لي أنك تتفاعلين تفاعلاً إنسانيًا عاطفيًا وجدانيًا، لكن يظهر أن توقعاتك حول هذه العلاقات كانت ليست دقيقة، وكان من المفترض أن تضعي كل الاحتمالات، ويظهر لي أن توجهك الفكري حول هذه العلاقات التي لم تتأصل، ولم تنتهي بنتائج إيجابية، ناتج من توقعاتك وربما تكون حساباتك الخاطئة، أنا لا أريد أن أضع عليك أي نوع من اللوم، لكن قطعًا ما تعانين منه هو أزمة نفسية، تتميز بوجود أعراض القلق والشعور بالإحباط، وهي ناتجة مما نسميه بعدم القدرة على التكيف مع ما حدث لك.

الذي أنصحك به -أيتها الفاضلة الكريمة-، هو أن تستفيدي من التجارب السابقة، والإنسان يجب أن يتعلم من تجاربه، ويأخذ العظة التامة، ولا تأسي على ما فاتك، ولكن كوني صارمة جدًّا مع نفسك، وأريدك أن تكوني كيسة وفطنة، واحذري من أي علاقة قد تكون مشبوهة، ولا تجري وراء العواطف، وحكمي العقل قبل أن تحكمي القلب، ودعي الأمور تكون في إطارها الشرعي السليم، هذا هو الأفضل بالنسبة لك، وكوني فتاة مطلوبة عزيزة، لا طالبة ذليلة، ويجب أن تكون لك همة عالية وعزة نفس، هذا مهم جدًّا، وأعتقد أن ذلك سوف يعكس لك الصورة الإيجابية حول نفسك، وحتى بالنسبة للآخرين سوف تكون الصورة واضحة جدًّا، بمعنى أن الجميع سوف يعرف أنك تلك الفتاة المحترمة الصارمة الممتازة، ومن ثم لن يتجرأ أحدًا القيام بعلاقات لا تُفضي إلى شيء.

أنا لا أريد أبدًا أن أقول كلامًا صادمًا لوجدانك وعواطفك، لكن قطعًا أريد أن أنصحك، الفتاة التي تكون وقورة وكيسة وفطنة في علاقاتها وتصرفاتها، قطعًا هي التي سوف تحظى براحة البال، -وإن شاء الله تعالى- يأتيها الزوج الصالح الذي تعيش معه حياة سعيدة.

أنا سعيد جدًّا -أيتها الفاضلة الكريمة- أنك صاحبة قلب طيب، وتثقين كثيرًا بالآخرين، لكن هذه الثقة يجب أن تكون في حدود، تجنبي الهشاشة النفسية والهشاشة العاطفية، وحتى تخرجي من هذه المواقف النفسية التي تسبب لك الانقباض والشعور بعسر المزاج، أعتقد أنه من الضروري أن تقيمي نفسك تقييمًا جديدًا، وتنظري لحياتك نظرة إيجابية، وأن يكون لك أهداف سامية في هذه الحياة، وضعي برامج اجتماعية تتمثل في التواصل مع صديقاتك من الصالحات من البنات.

أنت لم تذكري عمرك، لكن حسب المرحلة العمرية التي أنت فيها وظفي طاقاتك، وإن كنت في مرحلة الدراسة فاجتهدي في دراستك، وإن انتهيت من دراستك لماذا لا تفكرين في دراسات عُليا، يمكن أن يكون لك مشروعًا: الذهاب إلى دور تحفيظ القرآن والاستفادة منها، يعني أن الإنسان إذا جعل لحياته معنى يملأ كل الفراغات الوجدانية، العلاقات العاطفية كثيرًا ما تكون كرد فعل على وجود خواء، أو فراغ ذهني وعاطفي ووجداني، ولو اشتغلت النفس بما يفيدها لما وجدت هذا الخواء والفراغ، ولما وقعت فيما يُغضب الله تعالى، فالنفس إن لم نشغلها بالحق شغلتنا بالباطل، وإن لم نشغلها بالخير شغلتنا بالشر.

يجب أن تشعري بالحياة بقوة وبجمال، أنت قطعًا صغيرة في السن، لديك طاقات نفسية وجسدية كثيرة، استفيدي منها بالصورة الصحيحة، يجب أيضًا أن يكون عندك انتماء أقوى لأسرتك، كوني مساهمة في كل ما يُسعد أمور أسرتك، احرصي على بر الوالدين، فمردوده الإيجابي كبير جدًّا على الإنسان في الدنيا والآخرة -إن شاء الله تعالى-.

باركَ الله فيك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً