الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أستمر مع زوجي المريض بالاضطراب الوجداني أم أطلب الطلاق؟

السؤال

السلام عليكم.

لي سنتان متزوجة، بعد زواجي بسنة مرض زوجي بالاضطراب الوجداني (نفسي)، وتغيرت حياتي فأصبحت كلها مشاكل، لا أفهمه ولا أفهم تصرفاته، صحيح أنه تحسن قليلا لكن حياتي تختلف عن السنة الأولى، لأن السنة الأولى معا كانت حياتنا حلوة، وهو يحبني والكل يعرف وكنت أعيش معه بسعادة. أما السنة الثانية بعد مرضه، رقد في المستشفى لأسبوع وخرج متحسنا كثيرا، واستمر في تحسن 3 شهور ثم ترك العلاج من نفسه، ولم يسمع كلام الدكتور الذي حذره من ترك الدواء فجأة لأنه سينتكس، واستمر في تحسن بعد ترك العلاج لشهرين، وبعدها بدأ ينتكس ورجعت له حالته ودخل المستشفى مرة ثانية، لكن كانت انتكاسته قوية، وتحسن قليلا.

والآن هو مستمر على العلاج وفيه تحسن يوما بعد يوم –والحمد لله-، لكن خائفة أن يترك العلاج، ولأن حياتي معه الآن صارت صعبة وكلها مشاكل وأصبح عصبيا، أسئلتي:

- هل يمكن لمرضى الاضطراب الوجداني أن يتزوجوا ويكونوا آباء وعندهم أولاد؟

- هل يمكن أن يتعافى من هو في حالة زوجي؟ أنا تحملت تصرفاته لأجل مرضه، ولأني أتمنى أن يتحسن ويتعافى، لذلك لم أخبر أهلي أن زوجي مريض خوفا من حدوث مشاكل، هل تصرفي صحيح؟

- وهل في حالته الطلاق أفضل؟ على الرغم من أن زوجي أفضل من ابن عمي، لأن الأخير يريدني وهو مدمن، هل أطلب الطلاق أم أستمر معه؟

انصحني الله يسعدك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ العنود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لزوجك الكريم العافية والشفاء.

بعد أن اكتشفت أن زوجك هذا يعاني من مرض، من المفترض أن تقفي بجانبه وأن تسانديه، وأن تكوني أنت خير مساعد له في رحلته العلاجية. والاضطراب الوجداني ثنائي القطبية يمكن علاجه بصورة ممتازة جدًّا، لكن فعلاً أحد الإشكالات أن بعض المرضى لا يستمرون على العلاج.

حتى ندعِّم قناعته بالعلاج، بعد أن تتحسن حالته بصورة جيدة، يجب أن تجلسي أنت وهو مع الطبيب الذي يعالجه جلسة علاجية، يشرح من خلالها الطبيب لكما طبيعة هذا المرض، وأهمية مواصلة العلاج، وأنت تعلنين صراحة أمام الطبيب أنك سوف تقومين بالإشراف على إعطائه الدواء، على الأقل في السنة الأولى، هذا نوع من العهد أو التعاقد العلاجي الذي يجب أن يلتزم به زوجك، وأنا أعتقد أنه سوف يلتزم بذلك.

إذًا تكوني أنت مسؤولة عن إعطائه الأدوية، - والحمد لله تعالى - الآن توجد أدوية بسيطة وممتازة، فيما مضى كانت تُعطى أدوية كثيرة ذات آثار جانبية، منها ما يسبب النعاس، ومنها ما يسبب التكاسل، أو الجفاف في الفم، أما الآن فلدينا –بفضل من الله تعالى– أدوية بسيطة وآثارها الجانبية قليلة وقليلة جدًّا، وفعاليتها مضمونة جدًّا.

فمن خلال هذا النوع من الترتيب وما نسميه بالعهد العلاجي والتعاضد العلاجي، تستطيعين أن تعاوني زوجك وتساعديه كثيرًا، وهذا - إن شاء الله تعالى – يُيسر لكما حياتكما الزوجية، ودائمًا أظهري له المساندة، ودائمًا كوني بجانبه. هذه هي الوسيلة الصحيحة، والوسيلة الممتازة.

بالنسبة لسؤالك: هل يمكن لمرضى الاضطراب الوجداني أن يتزوجوا؟ نعم، معظمهم يستطيع أن يتزوج، معظمهم يمكن أن يكونوا آباءً وأن يعيشوا حياة طبيعية جدًّا، وأن يكون عندهم أولاد، ويعرف أن التزام المريض بالعلاج هو مفتاح الأمان بأن يعيش الإنسان حياة زوجية سعيدة، لذا أنا أحتم أن زوجك يجب أن يجلس معه الطبيب في حضورك، لتوضع الخطة العلاجية بعيدة الأمد، والتي من خلالها يتم تدعيم الآليات العلاجية التي تساعده على الالتزام بمواعيده لمقابلة الطبيب وتناول الدواء حسبما موصوف.

وإن شاءَ الله تعالى يتعافى، فقط الضروري هو تناول العلاج، وتحملك لتصرفاته هذا أمر جميل، وهو طبعًا مريض، والمريض لا حرج عليه.

بالنسبة لعدم إخطارك وإخبارك لأهلك، هذا أيضًا تصرف سليم، لكن إذا اشتدَّ مرضه – لا قدَّر الله – فهنا من حقك أن تبحثي عمَّن يساندك، وفي هذه الحالة تكون المساندة من جانب أهلك، بشرط أن يتم التعامل مع الموضوع بسريَّة وستر، هذا مهم.

بالنسبة للطلاق، طبعًا هو أبغض الحلال عند الله، وأنا لا أريدك أن تندفعي نحو الطلاق، على العكس تمامًا هو في حالة ضعف الآن، ومن المروءة أن تقفي معه، وكما ذكرت لك مواصلة العلاج بصورة صحيحة سوف تجعلكما تعيشان حياة طبيعية سعيدة.

لا تدخلي في وضع أي مقارنات ما بين زوجك وما بين ابن عمّك، حتى قولك (زوجي أفضل من ابن عمي، لأن الأخير يريدني وهو مدمن) هذا أمرٌ مرفوض من كل النواحي، فأنت في عصمة رجل، ولا يجوز هذا النوع من التفكير أبدًا، لا تحلي مشكلة بمشكلة أفظع وأسوأ منها. اتبعي ما ذكرناه لك من إرشاد، وقفي بجانب زوجك، ومواصلة العلاج والالتزام به - إن شاء الله - ستؤدي إلى نتائج جيدة مما يساعدك على العيش معه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً