الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم يجد العلاج نفعاً معي، فهل من علاج للوساوس القهرية والخوف؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من الوساوس القهرية، وقد شخصت هذا الاضطراب من قبل طبيب مختص، ولا زلت أعاني من نفس الوسواس منذ أشهر، وعندما أتغلب على وسواس أشعر بأن وسواسا آخر يزداد قوة, وعندما أتغلب عليه أعود لوسواس قديم! ماذا يجب أن أفعل؟

معاناتي تندرج تحت 3 وساوس قهرية: الخوف والقذارة والشذوذ الجنسي، وأفكار مجردة، والأفكار المجردة والوسواس بفضل الله أتحكم فيها، بحيث أني أقوم بتجاهل الأفكار، كأنها لم تأت أو ليس لها وجود.

أعاني من نوبة هلع، وجنون، وأصرخ وأمشي، وأتصور حدوث حادث مروري، ورؤية شيء يصيبني بالذعر، وهو كأن شخصا سوف يقطع رأسي أو جسمي، وسوف أطعن نفسي بالسكين!

أما الخوف فكذلك مسيطر علي، حيث أني أقوم بتجاهل الخوف، كأنه لم يأت أو ليس له وجود، ولكن لدي -خوف من الموت، وخوف من الأمراض، وخوف من أن أصاب بالهلوسة، وخوف من العدم، وخوف من الجلوس وحيدا، خاصة في اليل، وخوف من أني سوف أرى شخصا عند النظر للمرآة!

أما القذارة فعندما أنظر إلى مؤخرة شخص أو مكان قذر فكأني ألعق ذلك أو ألعق أماكن القذارة، مثل كرسي حمام، دبر شخص، قمامة، أكل غائط!

أما الجنس فأشعر بحدوثه مع أي شخص ذكر أو أنثى عندما أنظر إلى الشخص أو أحادثه بالجوال، بمعنى ممارسة الشذوذ أو جنس مع المحارم.

حاليا أتناول البروزاك 60 ملغم، رفعت الجرعة من 40 إلى 60 قبل أقل من شهرين، مع 1ملغم ريزبردال، واستخدمت من قبل 100 ملغم فافيرين مع 40 ملغم بروزاك، وأوقفته بسبب أعراض جانبية للفافيرين.

ما هو العلاج السلوكي لحالتي؟ أرجو مساعدتي لأني لا أجد للدواء أي مفعول فكلما ذهبت أفكار جاءت أفكار جديدة وأنا أستعمل الدواء!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن خمسة وثمانين إلى تسعين بالمائة من حالات الوساوس القهرية تستجيب للعلاج ولا شك في ذلك، خاصة إذا التزم الإنسان بالعلاج الدوائي، والتزم كذلك بالتعليمات السلوكية.

أهم إرشاد سلوكي أوجهه لك – أيهَا الفاضل الكريم – هو ألا تحاور الوساوس، ولا تناقش الوساوس، ويجب أن تُدرِّب نفسك على ذلك.

أنت ذكرت معلومة مهمة جدًّا وجميلة جدًّا وهي قولك بأن الوساوس تزداد، وإذا اختفى وسواس يظهر وسواس آخر، وهكذا الوساوس، أنا أُشير إليه بأنه مرض ماكر ومرض ذكي، لكن الإنسان يجب أن يكون أذكى منه وأقوى منه، بشرط ألا يحاوره.

كيف التعامل مع وساوسك هذه؟
- أنا ألاحظ أنك متدقق جدًّا في سردها، وهذا يعني أنك تحاورها وتناقشها، هذا يجب أن يتوقف، مجرد أن تأتيك الفكرة قل لها: (أنت فكرة حقيرة وسواسية ولست فكرة حقيقية، أنتِ قذرة، أنتِ تحت قدمي، لن أناقشك، لن أحاورك، لن أحللك) واتفل على شقك الأيسر ثلاثًا، واستعذ بالله منها ومن الشيطان، ثم اذهب في سبيلك وادخل في أي نشاطٍ آخر.

أيها الفاضل الكريم: يمكنك أيضًا أن تتفكر في هذه الوساوس دون أن تُحللها، وهذا شرط ضروري، وحين تُفكر في الوسواس اربطه بأمرٍ مخالفٍ له، مثلاً قم بضرب يدك بقوة وشدة على جسم صلب كسطح الطاولة، وذلك حتى تحسّ بألم شديد؛ فقد وجد علماء النفس والسلوك أن الربط بين الفكر الوسواسي وإيقاع الألم على النفس مثلاً هي مشاعر متناقضة لا تلتقي في حيِّزٍ واحدٍ، لذا سوف يضعف الوسواس تلقائيًا.

تمارين الاسترخاء وجد أنها مفيدة جدًّا، لأن المكون الرئيسي في الوسواس هو القلق، والقلق يُعالج من خلال الاسترخاء.

أيها الفاضل الكريم: الإكثار من الاستغفار مهم جدًّا في علاج الوسواس، وكثرة الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم علاج مهم جدًّا، والرسول - صلى الله عليه وسلم – نصحنا بأن نقول: (آمنت بالله) ثم ننتهي حين تأتينا هذه الوساوس.

أيها الفاضل الكريم: حسن إدارة الوقت من أفضل العلاجات السلوكية، لا تدع مجالاً للفراغ الذهني أو الفراغ الفكري، أو الفراغ الزمني، حيث إن الوسواس يتصيد الناس من خلال هذه الثقوب والثغرات.

أعتقد أنك محتاج لأن تكون تحت إشراف طبي نفسي، لأن الدعم النفسي المتواصل يُساعد صاحب الوساوس كثيرًا.

أنت قد تقاوم هذه الوساوس كما نصحتك الآن، لكن قد تأتيك غفلات، وقد يأتيك شيءٌ من الفضول الذي يجعلك تناقش الوسواس، وهذه إحدى الإشكاليات الكبيرة التي نُشاهدها لدى بعض المرضى.

لذا أنا حريص جدًّا أن يُراجعني من يعانون من الوساوس بصورة متواصلة، ولذا كانت هنالك نجاحات عظيمة جدًّا في علاج هذه الحالات وصلت إلى تسعين بالمائة في بعض الأحيان.

العلاج الدوائي لا شك أنه مفيد، والبروزاك عقار ممتاز، وكذلك الفافرين، لكن ليس من الضروري أن تكون هي أفضل الأدوية لبعض الناس، لأن التواؤم الجيني مهم جدًّا، بعض الناس يستجيبون مثلاً للزولفت، وهنالك من يستجيب للسبرالكس، فأرجو أن تراجع الطبيب وتناقشه حتى في الأدوية التي تتناولها.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً