الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من تشتت ذهني ملحوظ وصعوبة في التركيز، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أسأل الله العلي القدير أن يلهمني الحل، ويرزقني الشفاء، وأن يكتب ويقدر حل مشكلتي على أيديكم، فأنا طالب جامعي، عمري 23 سنة، أدرس في كلية الهندسة، مشكلتي لا أدري هل هي عضوية أم نفسية؟

أعاني من تشتت ذهني ملحوظ، وصعوبة في التركيز، في الآونة الأخير أصبحت أعاني من صداع مستمر، وألم وضغط كبير في رأسي من الناحية العلوية والخلفية للرأس.

أشعر بأن رأسي ثقيل، وهناك شيء يضغط على رأسي من فوق ومن الخلف، أصبحت أشعر بالملل دائما، ونادرا جدا ما أشعر بالسعادة.

أصبحت أميل إلى التأجيل بدلا من الإنجاز، كما أنني أشعر بقلق كبير وخوف أحيانا، متعثر دراسيا، فاقد للإرادة والعزيمة، دائما أضحك وأتحدث مع الآخرين، وليس لدي الرغبة في الضحك أو التحدث، أدخن كثيرا، فقدت الرغبة في أمور كثيرة.

إن حياتي عبارة عن سرحان! واهتماماتي أصبحت كلها اهتمامات جانبية، أسهر كثيرا، أحيانا أسهر لمدة تتجاوز اليومين من دون الشعور بالتعب أو الإرهاق، ليس لدي أي هوايات أو رغبة في أي جانب ترفيهي.

علما أن لدي طموحات وخطط واقعية، وعندي ثقة بالله وقناعة تامة بإمكانياتي، وبقدرتي على السعي في سبيل تحقيقها، ولكني فاقد للإرادة والعزيمة.

أبدأ العمل والدراسة والتخطيط والتفكير، وتتراجع همتي كثيرا، وتصيبني نوبة من الملل والشرود الذهني، وعدم التركيز -ولله الحمد-، إلى الآن لم أفقد الأمل، وما زلت أحاول وأحاول.

الإحساس الذي يقتلني، أن -ولله الحمد-، حالي ميسور، وليس لدي أي ضغوط أسرية ولا مادية، ومع ذلك لا أستطيع استغلالها بشكل جيد، وترتيب حياتي على حسب رغبتي بالتخلص من الإحساس بالعجز والفشل.

جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أعراضك جُلها أعراض نفسية، لكن الذي تبدأ به هو أن تذهب وتقابل الطبيب الباطني للقيام بإجراء فحوصات عامة، وبعد أن يقوم الطبيب بفحصك سوف يطلب منك إجراء بعض الفحوصات المختبرية الروتينية.

هذه هي نقطة البداية للتعامل مع الحالة الصحية للإنسان، عضوية كانت أم نفسية، وبعد ذلك – أي بعد إجراء الفحص الجسدي والمختبري، والذي أتصور أن نتائجه سوف تكون سليمة إن شاءَ الله تعالى – هنا أقول لك: سيكون من الأفضل أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي.

لديك زمرة من الأعراض تدل على وجود اكتئاب من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة، ومن الواضح أنك تفتقد الدافعية، وتفتقد أخذ المبادرات، والسرحان وضعف الاهتمام بالأشياء المهمة دليل على التهرب النفسي الذي كثيرًا ما ينتج من الاكتئاب النفسي.

أيها الفاضل الكريم: لا أريدك أبدًا أن تفقد فعاليتك من خلال إصابتك بهذا الاكتئاب البسيط، لا، الفعالية تُنتج وتُصنع ولا تستورد أبدًا، أنت لديك طاقات نفسية كبيرة جدًّا، وطاقات جسدية كذلك، ويجب أن تستغلها بالصورة الصحيحة، ضع أهدافك بوضوح شديد، أهدافا آنية، أهدافا متوسطة المدى، وأهدافا بعيدة المدى، وضع الآليات التي تُوصلك لهذه الأهداف.

أمثلة بسيطة جدًّا أعطيها لك، مثلاً: هدف قريب المدى: أن تحفظ سورة الملك إن كنت أصلاً لا تحفظها، هذا هدف ممكن، هدف سهل جدًّا قريب وسهل المنال، وأن تضع هدفًا متوسط المدى، وهو أن تنجح وبتميز في دراستك خلال الستة الأشهر القادمة، هذا أيضًا هدف ليس بالصعب، وعلى المدى العبيد تكون أهدافك: أن تكون متطورًا نفسيًا وذاتيًا ومهنيًا، ولديك الأسرة، وأن تعيش حياة هانئة وسعيدة، وتُخطط لذلك.

الإنسان حين يفتقد طعم الحياة يفتقد القدرة على الإدراك بأهمية التخطيط المستقبلي، أيها الفاضل الكريم: كما نقول لا خوف من المستقبل، ولا أسى على الماضي، إنما الإنسان يجب أن يعيش حاضره بقوة وبفعالية.

أنا أرى أيضًا أن وضع جداول وضوابط يومية لنفسك سوف يُعدِّل كثيرًا من مزاجك السلبي؛ لأنك سوف تنفذ وتطبق وتُنتج وتكون فاعلاً من خلال الانضباط وتنفيذ الجدول اليومي.

أخِي الكريم: الرياضة لها أهمية مهمة جدًّا في تحسين التركيز، وكذلك تجديد الطاقات النفسية والجسدية، الآن هنالك دراسات مهولة ومقدَّرة ومعتبرة ومحترمة تُشير أن الرياضة هي أحد أفضل مضادات الاكتئاب، خاصة فيمن هم صغار السن.

احرص على صلاتك في وقتها، والزمالة الطيبة والإخاء الراقي أيضًا له أثر كبير جدًّا للتمتع بالصحة النفسية والجسدية الممتازة. بر الوالدين أيضًا نراه يُضيف إضافات عظيمة جدًّا للتطوير الذاتي والنفسي.

أيها الفاضل الكريم: بذهابك إلى الطبيب النفسي أعتقد أنك سوف تجد المزيد من الإرشاد، وتتناول أحد مضادات الاكتئاب البسيطة، مثل: عقار يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac) والذي يسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine) وأنت تحتاج له بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة خمسة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عنه، أو تناول الدواء الذي سوف يصفه لك الطبيب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية امت الرحمان انا

    اخي المستفسر،
    ليس تقليلا من جاء به الدكتور وما لديه من العلم ولكن قد تكون علتك ذات علاقه بمجال اخر غير المجال النفسي ،نظرا الى ماتم ايضاحه من الاعراض الباديه عليك قد تكون مصاب بالعين والله اعلم فما انت عليه من حاله اجتماعيه واقتصاديه وعلميه امرا تحسد عليه ممن لا يجدون ذلك، فارجوو فتح الرابط لمعرفه ما اوضحه الشيخ العريفي من اعراض وعلاج العين التي اراها تنطبق على ما وصفته والشفاء ان لم تكن قد شفيت والله ولي ذلك .
    http://m.youtube.com/watch?v=pgpTvnbCo5w

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً