الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر باضطراب داخلي، وإحساس برجفة في الدماغ، ولا أستطيع النوم.

السؤال

السلام عليكم.

قصتي مع المرض منذ (3) شهور، حيث إنني استيقظت على خفقان في القلب، وضيق في التنفس، ولون الوجه باهت، ووهن عام في الجسم.

عملت التحاليل والصور اللازمة للقلب، وتحاليل الدم، وصوراً للصدر، وتحاليل البول، وكانت -الحمد لله- كلها سليمة.

وصف لي الطبيب دواء لتسريع الدورة الدموية والأيض ومسكنات عشبية لمدة شهر ونصف، وشعرت بارتياح من العلاج تدريجياً، وبعد ذلك شفيت من أعراض الخفقان، وضيق التنفس، والوهن الجسمي.

لكن بعد ذلك مباشرة شعرت باضطراب وارتجاج داخلي في جسمي غير مرئي عند النوم فقط، وإحساس برجفة في الدماغ.

ذهبت إلى الطبيب مرة أخرى، فوضع لي أسلاكاً على الدماغ، وتبين أن عندي مثل التوتر الخضري، أو اضطرابات في الجهاز العصبي اللاإرادي، أو زياده شحنات.

ووصف لي دواء للوهن العصبي، وأدوية تعمل على الجهاز العصبي المركزي (Phenibutum)، وهو مشتق من (GABA وphenylethylamine)، وأدوية منشطة للذهن، ودواء (ديازيبام)، استعملته لمدة شهر، ولكن لا أستطيع النوم، وأشعر بدقات القلب مرة في الرأس ومرة في الأصابع، والرعشة الداخلية في الجسم مستمرة، مع العلم أنه لا يوجد ألم في الرأس، وحجم الدماغ طبيعي.

عرضت نفسي على ثلاثة أخصائيي أعصاب، وكانت النتيجة: أنها اضطرابات في الجهاز العصبي.

ومنذ يومين وصف لي الطبيب دواء (تريتكو) قبل النوم (150 ملغ) على دفعات كل (50 جرام)، ونمت يوماً واحداً، وفي اليوم الثاني لم أنم إلا ثلاث ساعات فقط، مع العلم أنه ليست عندي أي مشكلات اجتماعية، ولا وظيفية في العمل.

فماذا أفعل؟ وما هي مدة العلاج لهذه المرض؟ وهل التشخيص صحيح؟

أشكركم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مازن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

الذي تعاني منه هو قلق نفسي، بدأ معك في شكل نوبة هلع أو فزع، وبعد ذلك أصبحت المخاوف القلقية تسيطر عليك، وأصبحتَ أكثر يقظة ومراقبة لوظائفك الجسدية.

فيما يخص الأسباب؛ من قال لك: بأن هذا الأمر يتعلق باضطراب في الجهاز العصبي، فهذا –قطعًا- سيُسبب لك الكثير من القلق.

والذي أقوله لك: توجد نظريات، هذه النظريات حاولت أن تُفسِّر لماذا يُصاب الناس بالقلق وبالتوترات؟ لكن لا أحد يعرف على وجه الدقة ما الذي يحدث؟ لكن النظريات التي يمكن أن يعوَّل عليها هي التي أخذت الخط العلمي الذي يُوضح أن هذه الحالات هي حالات نفسية بسيطة، ناشئة من تفاعل بين شخصية الإنسان وبنائه النفسي والجيني، وما يحدث من ظروف حياتية حوله.

إذاً هناك تفاعل أو تمازج بين ما يمكن أن نسميه بالعوامل المهيأة، والعوامل المرسبة، وربما تكون هناك بعض التغيرات الكيميائية الداخلية البسيطة، خاصة فيما يعرف بالموصلات العصبية، وهي مواد معينة يُفرزها الدماغ.

أخِي الكريم: لا تُزعج نفسك أبدًا بالأسباب والسببية؛ لأن ذلك يؤدي إلى المزيد من المخاوف، والمزيد من التوترات، وتجاهلك لهذا الأمر من هذه الزاوية سوف يكون مُساعدًا لك تمامًا.

أريدك أن تسعى لأنْ تعيش الحياة الصحية المطلوبة، والحياة الصحية تتطلب منك النوم المبكر، وممارسة الرياضة، والتواصل الاجتماعي، والتغذية المتوازنة، وأن تحرص على أمور دينك، وتؤدي الفرائض في وقتها، وأن تكون لك برامج تُدير من خلالها المستقبل. هذه هي الأسس الرئيسية التي تصرف انتباه الإنسان عن القلق والتوتر والأعراض الجسدية التي يُسببها القلق والتوتر.

أخي الكريم: النوم هو أمرٌ طبيعي وغريزي، لا بد أن يأتي للإنسان، ودع النوم يبحث عنك ولا تبحث عنه.

تجاهل هذه الرجفة الداخلية تمامًا، فهي مجرد نوع من القلق، وكما ذكرت لك أنت يقظ جدًّا، وتُركِّز على حركاتك ووظائفك الجسدية.

عش الأمور بشيء من الاسترخاء والعفوية، واجعل النوم يبحث عنك كما ذكرت لك، وذلك من خلال ممارسة الرياضة، والتركيز على النوم الليلي في وقتٍ ثابتٍ، وتجنب النوم النهاري، ومن المهم جدًّا -أيضًا- ألا تتناول الشاي والقهوة في فترات المساء.

بالنسبة للعلاج الذي أُعطي لك، وهو الـ (تريتكو)، والذي يُسمى علميًا باسم (ترازدون Trazodone)، ويعرف تجاريًا باسم (مولباكسين Molipaxin) هو من الأدوية الرائعة جدًّا، وفاعلة جدًّا، وأعتقد أنه من المفترض أن تصبر عليه، وتُضيف له دواء آخر يعرف تجارياً باسم (سوركويل Seroquel)، ويسمى علمياً باسم (كواتيبين Quetiapine).

والجرعة المطلوبة في حالتك هي خمسة وعشرون مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم تجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله.

إذًا هذا الدواء رائع، ومع (التريتكو) سوف يفيدك كثيرًا، ويا حبذا لو شاورت طبيبك حول هذا فسيكون أفيد، ويُدعم قناعاتك بما ذكرناه لك من إرشاد، وما وصفناه لك من دواء.

نسأل الله تعالى أن ينفعك بذلك، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً