الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم التركيز وسرعة النسيان وعلاقته بأعباء الحياة المادية

السؤال

أرجو مساعدتي على إعادة الثقة لنفسي، حيث أنني أنسى ما أريد عمله، ويمتد نسياني لما أريد عمله ليوم على الأقل .
لدي مشاكل مالية كبيرة، حيث أنني تعاملت مع بنك ربوي، وأصبحت أدين للبنك بمبلغ كبير، حوالي 60000 ألف ريال (قيمة سيارة وبطاقات ائتمان) مما يجعلني لا أملك المال اللازم لدفع أجرة بيتي أو مواجهة أعباء الحياة الضرورية، أرجو منكم نصحي في إعادة الثقة لنفسي، وكيفية معالجة سرعة النسيان، وكيفية التركيز، وكذلك كيفية التخلص من الدين الكبير الذي على ظهري، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد المجيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي عبد المجيد: إن معظم الأمراض النفسية والعصبية التي أصبحت داء العصر وسمة من سمات الحضارة المادية الحديثة ما هي إلا نتائج لأمراض أخطر منها وأكثر تأصلاً في النفس البشرية البعيدة عن ربها، مما يؤدي إلى إفساح مجال الشهوات والشبهات كي تستقر في النفس وتغزو صميم القلب، ولكن هذه الأمراض المخفية قلما يشعر بها الإنسان؛ لأنها لا تؤدي إلى آلام محسوسة أو تغيرات مشاهدة على شخص المريض مما يجعله يفر من الحياة ويسلك بعض المسالك المضطربة الدالة على قلقه واهتزاز شخصيته، ولأن سكرة الجهل والهوى تحول بينه وبين إدراك الألم.

واعلم يا أخي عبد المجيد أن الإيمان إذا ترسخ في القلب وتذوق العبد حلاوته لا يمكن أن تغيره الظروف والأحوال، أو يتحول صاحبه عنه مهما اشتدت المغريات والفتن؛ لأنه يحجز العبد عن الانحراف والقلق والخوف، ويجعل بينه وبين البيئة الفاسدة جداراً صلباً واقياً.

وقد أشار هرقل الروم إلى هذا المعنى لما سأل أبا سفيان مستفسراً عن دين الإسلام، فكان من بين أسئلته: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ فقال أبو سفيان: لا، فأجاب هرقل وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب.

لا تحزن يا أخي، فإن الدنيا أحقر من أن تحزن من أجلها، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لو أن الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء)، إن جناح البعوضة عند الله أغلى من الدنيا، وهذه حقيقة قيمتها ووزنها، فلمَ الجزع والهلع عليها ومن أجلها؟

وأنصحك يا أخي عبد المجيد إذا أردت أن يهدأ بالك، وتعيش في اطمئنان، وتكون مستجاب الدعوة بإذن الله تعالى يجب أن يكون مأكلك ومشربك وملبسك من حلال، وعليك بما يلي:

1- صلتك بالله تعالى بالإكثار من الدعاء والصلاة والتضرع.

2- ابتعد عن البنوك الربوية، وانقل إلى البنوك الإسلامية حتى يتطهر مالك وتأكل من حلال.

3- بالنسبة لمشكلة النسيان: حاول أن تتجنب الانفعالات والتوترات العصبية التي تعطل وظائف العقل، كالإدراك والتذكر، وضع لك مذكرة تكتب فيها أعمالك ومواعيدك.

4- تجنب المعاصي بأنواعها كاللهو المحرم وفاحش القول، وإهمال الصلاة، فإن هذه المعاصي تفسد العقل وتطفئ نوره.

5- قوي ذاكرتك بالإكثار من قراءة القرآن، فإن فضله عظيم، وهو يساعد على تقوية الذاكرة.

6- حاول أن تحس بالراحة والطمأنينة لمواقع القدر كلها على السواء، وامض مع قدر الله في طواعية وفي رضى.

7- يجب أن يكون تفكيرك إيجابيا، وابتعد عن التفكير السلبي الذي يوقعك في الانهزامية والخنوع للهوى والشيطان ووساوسه.

8- أما فيما يخص إرجاع ديونك: فهناك بعض الجمعيات الخيرية التي تساعد المحتاجين وأصحاب الديون، فحاول أن تزورها لعل الله أن يجعل لك من كل ضيقٍ مخرجا ومن كل همٍ فرجا.

9- اترك دائماً باب الأمل مفتوحاً، واعلم أن مع العسر يسرا، واسمع إلى قول الشاعر :
عسى ما ترى أن لا يدوم وأن ترى له فرجاً مما ألج به الدهر
عسى الفرج يأتي به الله إنـه له كل يوم في خليقته أمر
إذا لاج عسر فارج يسراً فإنـه قضى الله أن العسر يتبعه اليسر
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً