الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قبول الرب لتوبة عبده وفرحه بها

السؤال

أنا في مراتٍ كثيرة كنت بعيدة عن الدين وبعيدة عن ربي، وكنت كلما أقع في مشكلة أعلن توبتي، وبمجرد تنحل مشكلتي أرجع كما كنت وأسوأ، لحد ما صرت أقرب من الكافر.

والآن أنا أريد أن أتوب وبجد، وأنا حالياً قدمت الامتحانات، ومع أني أدرس كثيراً لكن ما أجيب بشكل جيد، وعلاماتي سيئة، وأحس أن الله يعاقبني؛ لأنني كنت بنتاً سيئة. يا ترى هل من الممكن أن الله لم يقبل توبتي ولن يسامحني؟ وهل أكمل طريق التوبة؟ أم أنه ليس هناك أمل؟ أنا عن جد ضائعة، ولا أعرف ماذا أريد أن أصنع؟
ساعدوني.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Ssss حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يتوب علينا لنتوب، وأن يُلهمنا رشدنا، ويُعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يُعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته.

إن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، ولن يستطيع أن يحول بينك وبين رحمة الرحيم حائل، فكرري التوبة، واصدقي في الرجعة، واعلمي أن الله يفرح بتوبة من يتوب إليه، وتعرفي إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وتجنبي طريق الذين قال الله عنهم: (( وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ ... ))[لقمان:32].

ولا شك أن هذا الشعور الذي دفعك للسؤال دليلٌ على أن فيك خيرٌ كثير، فاستثمري بذرة الخير، وتوكلي على من يرفع الضر، واحذري من الشيطان وشراكه، واعلمي أنك لست بسيئةٍ ما دمت ترجعين إلى الله، ولكنك تحتاجين إلى لحظة صدق مع الله، فواصلي طريق التوبة، وكرري الأوبة حتى يكون الشيطان هو المخذول، وابحثي عن الرفقة الصالحة؛ فإنها خيرُ معين بعد الله على الثبات.
واعلمي أن للتوبة شروطاً، من أهمها: الإخلاص لله في التوبة، والصدق في العزيمة على عدم العودة، والندم على ما مضى، ورد الحقوق إلى أصحابها إن كان للناس حقوقاً، والاجتهاد في الحسنات الماحية؛ فإن الله يقول: (( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ))[هود:114]. كما أرجو أن تتخلصي من آثار المعصية وذكرياتها وأدواتها.
فجددي العزم، وثقي بمغفرة صاحب الجود والكرم، وتذكري أن الله سبحانه يقول: (( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ))[طه:82].

وننصحك بأن تكثري من اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، واجتهدي في بر والديك؛ لتفوزي برضاهما ودعواتهما، واحرصي على مساعدة الضعفاء؛ ليكون الله في حاجتك، وييسر لك أمرك.

أما بالنسبة للدراسة: فعلى الإنسان أن يفعل الأسباب ويتوكل على الوهاب، ويرضى بما قدره الله في الكتاب، و(عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).

ولا شك أن للمعاصي آثاراً سيئة، منها: ضيق الصدر، وظلمة الوجه، وقلة التوفيق، كما أن للطاعة آثارها الطيبة.

ولست بضائعة، فأنت خلقت لغايةٍ عظيمة، ولم تخلقي عبثاً، فاشغلي نفسك بطاعة الله الذي خلقنا لعبادته، فقال سبحانه: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))[الذاريات:56].

والله ولي التوفيق والسداد.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً