الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي الطريقة المثلى لحماية الأطفال من التحرش؟

السؤال

أنا عم، لي أولاد أخ: ولد وبنت، الولد بعمر ٧ سنوات، والبنت بعمر١٠سنوات، وكانوا عندنا في زيارة، ووجدتهم يتحرشون ببعض، وذلك بمسك ولمس بعضهم البعض من الخلف والأمام، للمناطق الحساسة بأجسامهم!

أصبت بالذهول، وعندما واجهتهم وعرفتهم أن هذا عيب، وسألتهم من علمهم بهذا؟ قالوا لي: إن ابن خالتهم وهو بعمر ١٠سنوات يفعل معهم هذه الأفعال.

عندما أخبرت أخي بما رأيت وبما سمعت، قال: إنهم أطفال، ولا يفقهون شيئاً، ولا يريد لفت أنظارهم لهذه التصرفات في هذا السن، طبعاً أمهم مشغولة، وتتركهم عند أختها تارة، وعند الجيران تارة، وليس في بالها أي شيء، وأخي كذلك مشغول.

ما هو التصرف الصحيح والسليم والتربوي تجاه سلوك هؤلاء الأطفال؟ وكيف نوعي الأطفال وننصحهم؟ وهل يجوز ضربهم وعقابهم في هذا السن على مثل هذه الأفعال؟ أنا عمهم فما هو دوري؟ وماذا يجب علي فعله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر هؤلاء الأبناء، سواء كانوا أبناءك أو أبناء أخيك، والعم أب كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ)، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النيَّة والذُّريّة، وأن يهدينا وأطفالنا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

لا شك أن مثل هذه السلوكيات تحتاج إلى توجيه، وتحتاج إلى مراقبة ومتابعة، ولكن كل ذلك ينبغي أن يكون بحكمة، وينبغي أن نبدأ بالتعليم والتنبيه، ونحن لا نؤيد مسألة الضرب أو العقوبة أو الشدة عليهم.

كذلك ينبغي أن نُبيِّن لهم أوَّلاً أن هناك مناطق في جسم الإنسان لا يجوز أن يلمسها أحد، ولا يجوز أن يسمح لأحدٍ أن يلمسها، ولا يجوز أن يسمح للآخرين أن ينظروا إليها، أو ينظر هو إلى عوراتهم، وهي ما تُسمَّى بالعورة.

نبيِّن لهم أن الشريعة علّمتنا آداباً عظيمة جدًّا، وأن الإنسان حتى إذا أراد أن يقضي حاجته أو يُبدّل ثيابه ينبغي أن يختفي عن الآخرين، هذه آداب شرعية، ولا يدخل على الناس إلَّا بعد أن يستأذن، كلّ ذلك لأن الشريعة تُؤدِّبُنا بهذه الآداب الجميلة.

بعد ذلك من المهم جدًّا أن نعرف مصادر مثل هذه السلوكيات؛ حتى ننبهم إلى تفادي خطورة التعرُّض لمثل هذه الأشياء، فقد يتعلّمونها من البلاي ستيشن -مثلًا-، أو ممَّا يُعرض في الألعاب الإليكترونية بصفة عامة، بكل أسف، ومن اختلاطهم مع بعضهم، وهذا أيضًا من الأمور المهمّة التي ينبغي أن ننتبه لها عند ما يكون الأطفال وحدهم، ينبغي أن نزورهم من حينٍ إلى آخر، وندخل إليهم ومعنا حلوى، كأننا نريد أن نوزّعها لهم، أو نسأل عن شيءٍ مُعيَّن، ومرادُنا أن ننظر ماذا يحدث بينهم عند الخلوة ببعضهم.

كذلك أيضًا ينبغي أن نُبيِّن لهم أن مثل هذه الأعمال لا تجوز من الناحية الشرعية، وأيضًا من المهم التنسيق مع العقلاء والفضلاء من الأسر؛ لأن بعض الآباء وبعض الأمهات سلبيون، لأنهم قد تكون الحلول التي عندهم غير صحيحة، فمثل هؤلاء الأطفال لو سمعوا أنهم صِغار وأنهم كذا؛ هذا الأمر مضرٌّ بالنسبة لهم، ينبغي أن يعلموا إذا كانوا صِغارًا أو كِبارًا: أن هذه الأمور ممنوعة من الناحية الشرعية والأخلاقية، وأن الإنسان ينبغي أن ينتبه لهذه الأشياء، وأن لها آثاراً خطيرة على الإنسان.

أعتقد أن التحدّي أمامنا كبير، لأننا في عصر -بكل أسف- فيه انفتاح، ولعلَّنا في حاجة في هذا العصر لموقف حذيفة الذي قال: (كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي) يعني: مخافة أن أقع فيه.

لذلك من المهم أن نعلِّم أبناءنا الخير، وأن نُشير إلى أن هناك بعض الشر؛ حتى لا يقعوا ضحيّة لجهلهم ولعدم معرفتهم بمثل هذه الأخطار، وثبت عندنا أن كثيراً ممّن تعرضوا لتحرُّش وأذى وعدوان كان السبب الأساس أنهم لا علم لهم بهذه الأشياء، فالمجرم قد يخدعهم أن هذه أمور طبيعية، وأن هذا لون من اللعب.

لذلك ينبغي أن يكون هناك تدريب وتعليم على الحذر هذه الأمور، حسب السّن، وحسب المعلومات التي تكون عند الطفل، بناءً على المعلومات التي عنده، فلا أُعطيه جرعة لا يعرفها، ولا أيضًا أُعطي جرعات أقلَّ من معرفته.

لذلك نحن نعتقد أن الذي يُعلّم هذه الأشياء ينبغي أن يكون محبوبًا، ينبغي أن يكون أمينًا، ينبغي أن يكون خبيرًا، ينبغي أن يكون التعليم في إطار تربوي، كأن يشرح مبطلات الوضوء، يشرح مبطلات الغسل، يشرح آداب الاستئذان، ثم يدخل في هذه الأمور، وأيضًا يعتمد أسلوب القصص، نحن إذًا نحتاج إلى أن نعلِّمهم، لكن من المهم أن يكون مَن يُعلِّم ويُرشد عنده مهارات عالية.

نحن من هنا نشكر لك هذا الاهتمام، ونرجو أن تتولّى هذه المهمّة في أبنائك وأبناء إخوانك وأخواتك، وكل مَن في المحيط، فجنّد نفسك لهذه المهمّة، تأخذهم، تدرّسُهم سور القرآن، تُصلّي بهم، ثم بعد ذلك تُدير معهم حوارًا عن بعض هذه الأمور، فتُعلِّق على ثيابهم إذا كان فيها إشكال، تقول: الرجل يلبس كذا، والمرأة تلبس كذا، ونحن علينا أن نفعل كذا، والشريعة تُؤدِّبُنا بكذا.

حبذا لو أحضرت أيضًا حلوى أو أي شيء يُرغّبهم؛ حتى يُحبُّوك فيستمعوا إليك ويتبعوا نصائحك.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، ونرجو أن تهتمَّ بهذا الجانب الذي غفل عنه كثير من الناس، والضرر من وراء هذه الغفلة والإهمال كبير جدًّا، ونسأل الله أن يحفظ أبناءنا وأبناء المسلمين.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً