الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الذنوب تقف عائقاً أمام ما يريده الإنسان؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالب في الثانوية العامة، ارتكبت ذنباً ولم أستطع الإقلاع عنه، مع العلم أنني أحاول وبقدر المستطاع الإقلاع عنه، ولكني أحياناً أفعله.

سؤالي: هل من الممكن أن يحرمني الله من الكلية التي أريدها وأتمناها، بسبب الذنب الذي ارتكبته؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نحن سعداء جدًّا - أيها الحبيب - بتواصلك معنا، كما نحن سعداء أيضًا بكونك تجد في نفسك شعورًا يدفعك نحو الإقلاع عن هذا الذنب، وعدم الاسترسال معه، ونسأل الله تعالى أن يجعل هذا سببًا لإقلاعك بالفعل وتوبتك عن ذنبك، وأن يتقبّل منك هذه التوبة.

ونحن نُدرك - أيها الولد الحبيب - مدى المعاناة التي قد تعيشها حين تُقرّر ترك هذا الذنب، ومقدار حاجتك إلى صبرٍ يُعينك الله تعالى به على اجتناب هذا المُحرّم، وهذا صبرٌ واجب، ونحن لا نشك أبدًا بأن الله -سبحانه وتعالى- سيُسهّل لك الأمر حين يعلم منك صدق العزيمة، والأخذ بالأسباب التي تُعينك على تحقيق هذه التوبة.

ومما يُعينك أو يصنع لديك الرغبة والعزيمة على التوبة والثبات عليها أن تعلم أن للذنوب آثارًا عاجلة وآجلة، فالذنوب سبب لحرمان الإنسان من أرزاق كثيرة، فقد قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (إن العبد ليُحْرَم الرزق بالذنب يُصيبه)، والله تعالى أخبرنا في كتابه الكريم عن عواقب الذنوب، وفي المقابل أخبرنا أن التوبة والاستغفار سبب لجلب للأرزاق الحسنة وتيسير الأمور، فقدقال سبحانه وتعالى في سورة نوح، على لسان نوح عليه السلام: {فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفّارًا * يُرسل السماء عليكم مدرارًا * ويُمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا} والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًّا، فتذكُّرك لهذه المعاني - أيها الحبيب - يُقوّي لديك الرغبة والعزيمة لتحقيق هذه التوبة والاستمرار عليها.

ومن الأسباب التي تُعينك على التوبة: الرفقاء الصلحاء، والأصدقاء الطيبون، فحاول أن تتعرّف وتتواصل مع الشباب الطيبين والرجال الصالحين، فهذه وصية الأنبياء لمن يريد التوبة، وقد قصّ علينا نبينا -صلى الله عليه وسلم- قصة الرجل الذي قتل مئة نفس، ثم استفتى عالمًا للتوبة فدلَّه على قرية بها رجال صالحون يعبدون الله تعالى، وأمره أن يذهب إليهم فيتعبّد لله تعالى معهم، فالجلساء دائمًا يُؤثّرون في الإنسان، ويُعينونه على ما عسر عليه من الطاعات والصالحات.

وممَّا يُعينك على التوبة والثبات عليها صدق الدعاء لله -سبحانه وتعالى- وصدق اللجوء إليه والاستعانة به، فقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذًا -وهو شاب من شباب الصحابة- ألَّا يدع ولا يترك بعد الصلاة أن يقول: (اللهم أعنّي على ذكرك وشُكرك وُحسن عبادتك)، فكن حصيفًا ذكيًّا في الوصول إلى ما تتمنّاه من الآمال والأمنيات، وإذا زلّت قدمُك وضعفت نفسك ووقعت في الذنب فعليك أن تُبادر وتُسارع إلى التوبة بالندم على فعل الذنب، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع عنه، فإذا فعلت ذلك تاب الله عليك، والتوبة تمسح ما كان قبلها من الذنب، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

ولو قُدّر أنك تبت من الذنب ثم رجعت إليه مرة ثانية، فالواجب عليك أن تتوب مرة ثانية، وهكذا ... فإذا سلكت هذا الطريق فإنك ستصل -بإذن الله تعالى- إلى ما تتمنّاه وترجوه من الخيرات.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً