الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الالتزام بالصلاة وترك العادة السرية..فهل سيقبلني الله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب بعمر١٥سنة، مدمن على العادة السرية والإباحية، منذ أكثر من سنة، وقررت تركها، حيث توقفت عن الممارسة والمشاهدة لمدة ٢٠ يوماً، ولكني رجعت لها ومارستها، وغلبتني شهوتي.

سؤالي هو: هل أبدأ من الصفر مجدداً، أو أكمل على ال٢٠ يوماً، وأستمر؟ أنا ما كنت أصلي أثناء التوقف عن العادة، أو ما كنت مستمراً على أداء الصلاة، ولكني الآن سأصلي وأتوب إن شاء الله.

هل سيقبلني الله، ويُقوِّني على ترك هذه العادة السرية والإباحية؟ أنا من داخلي أريد أن أتخلص منها ولكني لا أستطيع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابني أنور- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

اعلم -ابني العزيز- أن إدمان العادة السرية والإباحيات له تأثير عميق على حياة الإنسان عموماً، والمسلم خصوصاً، فمن أعظم ما يضعف الإيمان في القلب، ويقرب المسلم من الفواحش، ويُثقل عليه سائر الطاعات، ويشغل العقل والفكر هو إطلاق البصر في الحرام، وما العادة السرية إلا ثمرة لإطلاق البصر في الحرام، والحمد لله الذي وفقك للتوبة وترك هذه العادة، وهذا خير أراده الله لك.

اعلم -ابني- وفقك الله أن الله يقبل التوبة عن عباده ويفرح برجوعهم إليه تائبين نادمين مستغفرين، لذلك عليك أن تجاهد نفسك في تحقيق التوبة بشروطها وضوابطها، من الإقلاع والندم على الذنب، والعزم على عدم الرجوع إلى الذنب، فإن حققت هذه الشروط الثلاثة صادقاً مخلصاً بها من قلبك تاب الله عليك -بعونه-.

عليك أن تبادر إلى التوبة مسرعاً متى ما وقع الذنب منك، ولا تسوِّف أو تتأخر، أو تُصِّر على الاستمرار على الذنب أو تجاهر بفعله، يقول تعالى: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)، ومن الصدق والتوفيق في التوبة أن تبحث عن الأسباب التي أوقعتك فيها، وتجتهد في الابتعاد عنها، ولا تنتظر أن يهديك الله أو يتوب عليك دون سعي ومبادرة منك في إصلاح نفسك.

من أهم الأسباب التي تعينك على ترك هذه المعصية، وتحقق لك الحماية من الرجوع إليها، مجموعة من الأمور نرشدك إليها:

أولاً: عليك أن تجتهد في غض بصرك عن سائر المحرمات، فالنظرة سهم مسموم من سهام إبليس، يحرك به القلب نحو المنظور إليه، فتثور بسببه الشهوة، فيبحث عن طريقة لإشباعها، فإن لم يجد الحلال بالزواج لجأ إلى الحرام، حتى ينتهي به الأمر في الإدمان على هذه العادة.

ثانياً: اجتنب رفقاء السوء، فهم يُزيِّنون المعصية ويقربونها لك، وَيُثَبِّطُونَكَ عن التوبة والاستمرار عليها، وفي المقابل عليك برفقة الخير والصلاح التي تُذكِّرك بالله وتعينك على الطاعات والقربات.

ثالثاً: تجنب الفراغ والإكثار من الأكل، واملأ وقتك بكل مفيد ونافع كحفظ القرآن وطلب العلم، وممارسة الرياضة بانتظام، فالفراغ والإسراف في الأكل يبعث على التفكير في الشهوات، ويقربها منك.

رابعاً: اجعل لك هدفاً تسعى لتحقيقه، واجتهد في بلوغه، لتشعر بأن لك قيمة وهدفاً أسمى وأكبر من هذه الشهوات الدنيئة والأفعال المستقذرة، فالمسلم أسمى روحاً وعقلاً وخُلُقاً من هذه الأفعال.

رابعاً: أكثر من الدعاء في مواطن الإجابة والاجتهاد في الإكثار من النوافل كالصيام وأعمال البر والإحسان المختلفة؛ فإنها تقوي القلب على مواجهة الشهوات عموماً، وهذه العادة خصوصاً.

خامساً: ابتعد عن كل ما يُذكِّرك بالمعصية أو يقربها منك بشكل دائم، من أماكن أو وسائل أو أصدقاء، وخصوصاً خلال فترة التوبة، فالقلب في هذه الفترة يحتاج لحفظ وعلاج وحماية من كل ما يُذكِّره بالمعصية، فالابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي والأفلام يساعدك على تخلية قلبك وتفريغه من التعلُّق بها، وفي المقابل املأ قلبك بالنوافل والقرآن والدعاء والطاعات يجعل القلب قوياً في مواجهة تلك المعاصي كارهاً لها.

ابني أنور، عليك بالمجاهدة لصلاح نفسك في هذه الفترة العمرية الحرجة والمهمة، فسن المراهقة مرحلة خطيرة، وتحتاج لبناء نفسي وأخلاقي، حتى لا يقع الإنسان فريسة الإدمان على عادات وسلوكيات سلبية تستمر معه طول عمره، فتؤثر على كل نواحي حياته، والله تعالى أخبرنا أن من يجاهد نفسه بالخير يصل للخير بعون الله تعالى، يقول سبحانه: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين).

أسأل الله أن يطهر قلبك، ويشرح صدرك للخير، ويذهب عنك الشهوات ما ظهر منها وما بطن.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً