الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغيرت زوجتي وأصبحت تشتمني وتكرهني وتنفر مني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تزوجت قبل 6 سنوات، وقضينا أقل من عام في حياة لطيفة وجميلة يسودها الحب والاحترام، لكن بعد ذلك تغيرت الأمور، إذ أصبحت زوجتي تشتمني، وتضربني، وتنفر مني، وتكرهني كرهًا شديدًا، وتطلب الطلاق.

بعدها توجهنا إلى راقٍ شرعي، أخبرنا أنها تعاني من: سحر سفلي أسود، للتفريق والطلاق والمطاردة، والسحر العكسي على الزوج لكي تراه الزوجة بأسوأ الأحوال، وغيرها من أمور لا يستوعبها العقل! بدأنا العلاج بالرقية، مع المواظبة على شرب الماء المقروء، وتناول العسل، والمسح بالزيت، وغير ذلك من العلاجات، لكن الأمور تعقدت، ووصلت زوجتي إلى مرحلة امتنعت فيها تمامًا عن العلاج، ورغم ذلك فنحن ملتزمون بالصلاة والأذكار.

تواجهني محاولات دائمة للضغط علي بكافة الطرق في مختلف أمور الحياة، حتى أصبحت حياتنا أقرب للجحيم، والهدف الوصول إلى طريق مسدود للتفرقة والطلاق، فهي تقول: أريد الطلاق، وأن أراك معذبًا، وأفرح بذلك! حتى أصبح وضعنا كارثيًا، والاستمرار في هذه العلاقة بات صعبًا، ولا يمكنني إجبارها على العلاج، وأشعر بالخوف من ظلمها؛ لأن الظلم ظلمات يوم القيامة.

أقرأ على الماء آيات الحرق والعذاب، وأضع بعضًا منه بالقارورة الخاصة بزوجتي؛ بنية الفرج، وأقوم الليل بنية الفرج.

أرجو منكم نصحي وتقديم الحلول المناسبة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحل سيكون بشكل فردي، فلا يمكن التوجه إلى راقٍ شرعي، ولا يمكن إرغامها على شرب الماء، أو الاستماع إلى القرآن أو الرقية الشرعية، ومع ذلك فهي مواظبة على الصلاة والأذكار.

الأمر محير جدًا، ولدينا طفلان، لكن الأمر مأساوي بدرجة لا توصف، ولا يوجد بيننا أي علاقة جسدية منذ عامين، حتى السلام باليد غير موجود، وأنا ملتزم على قيام الليل، والابتهال، والدعاء، فما هي طرق العلاج الملائمة؟ وما الحل في هذا الأمر الجلل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ islam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الكريم- في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك أخلاقك الحميدة، وإحسانك، وحرصك على إعانة زوجتك للتخلص من حالتها هذه، وكلُّ هذا دليلٌ على كرم أخلاقك وحُسن ديانتك، ونسأل الله تعالى أن يكتب أجرك، ويُصلح حالك، ويشفي زوجتك.

والطلاق له عواقبه الوخيمة على الأسرة والأطفال، ولكن هذه الحياة كلها مبنية على المقارنة بين المفاسد والمصالح، ودفع أعظم الخطرين ولو بارتكاب أمر أصغر منه؛ ولذلك قد يكون الطلاق في بعض الأحيان علاجًا أمثل، وقد قال الله سبحانه وتعالى بعد الآيات التي أمر فيها ووجّه فيها إلى الإصلاح بين الزوجين، ومحاولة التقريب بينهما، قال في نهاية هذه التوجيهات: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 130].

قد يكون الطلاق هو آخر المراحل التي ينبغي اللجوء إليها، ولهذا شرعه الله سبحانه وتعالى علاجًا ودواءً لحالةٍ مستعصية لا يمكن معها الاستمرار في الزواج، فإذا وصلتَ إلى هذه المرحلة، ولم تتمكّن من إصلاح حالك مع زوجتك، فنصيحتُنا لك أن تُفارقها، فعسى أن يجعل الله في ذلك فرجًا ومخرجًا لِكلا الطرفين.

فأنت بحاجة إلى زوجة تُعفُّ بها نفسك، وتُحقق بها مقاصد النكاح، من تحصيل سكن النفس، وهدوء البال، والذرية الصالحة، وهي كذلك ربما وجدت في الفراق سببًا وطريقًا إلى بناء حياة أخرى جديدة، وليس في الطلاق ظلم، لا سيما عندما تتوفّر الدواعي له.

هذا عن موضوع الطلاق، وإن كنَّا لا نُحبِّذ التسرُّع إليه، ولا ننصح به ما دام الإنسان يجد طريقًا وسبيلاً لإصلاح حياته الزوجية، فإن بقاء الأسرة مجتمعةً له منافعه العديدة، وخاصةً للأبناء والبنات.

فحاول أن تتدبّر أمرك من جميع النواحي، وأن تستشير العقلاء من أهلك، وأن ترى إمكانية الاستمرار مع هذه الزوجة، فإن رأيت أنه يمكنك أن تصبر عليها قليلًا لعلَّ حالها يتحسّن، فذاك قرارٌ أولى بالأخذ، وأجرُك مُدَّخر، وصبرُك محسوب، والله تعالى لا يُضيع أجر مَن أحسن عملًا.

أمَّا إذا رأيت أن الأمر قد تجاوز ذلك، فننصحك بأن تُبادر إلى إعفاف نفسك بالحلال، وسيجعل الله مخرجًا لكل واحدٍ منكما.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسّر لك الأمر ويُقدّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً