الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعدي عن الله سبب لي ألماً نفسياً.. فكيف أتوب؟

السؤال

السلام عليكم.

لا أعرف من أين أبدأ مشكلتي!

فأنا بعيدة عن الله، وأحتاج التوجيه، وبعدي عن الله سبب لي ألماً نفسياً، وأنا لا أستطيع التركيز عند الدراسة، وأشعر بالوحدة الشديدة، لا أعرف كيف أتوب، كل محاولاتي فشلت، وهذا جعلني أشعر بالفشل، وأنني أستحق العذاب، وعائلتي دائماً تنتقدني، وتقول لي كلاماً جارحاً ومؤلماً، أشعر بالفشل الشديد وبالضياع واليأس، والخوف من الله، فماذا أفعل؟ وما حل مشاكلي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حلا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولًا: من المهم أن تعلمي أن الشعور بالبعد عن الله -سبحانه وتعالى- ورغبتك في التقرب إليه خطوة كبيرة في حد ذاتها، الرغبة في التوبة والتقرب إلى الله هي نعمةٌ بحد ذاتها، ودليلٌ على أن الله يريد لك الخير والهداية.

هنا بعض الخطوات التي قد تساعدك في التغلب على مشاعرك، والبدء في رحلة التوبة والعودة إلى الله:
1. ابدئي بالدعاء وطلب الهداية والمغفرة من الله، الدعاء هو أقرب وسيلة للتواصل مع الخالق، وهو دائمًا مستجابٌ، خصوصاً دعاء المضطر ﴿أَمَّن یُجِیبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَیَكۡشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَیَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَاۤءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِیلࣰا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل ٦٢].

2. استغفري الله بنية صادقة؛ فالاستغفار هو مفتاح التوبة والتخفيف من الذنوب ﴿وَٱسۡتَغۡفِرُوا۟ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوۤا۟ إِلَیۡهِۚ إِنَّ رَبِّی رَحِیمࣱ وَدُودࣱ﴾ [هود ٩٠].

3. اجعلي للصلاة أولوية في حياتك؛ فهي الصلة بين العبد وربه، وهي السكينة للنفوس المضطربة ﴿وَٱسۡتَعِینُوا۟ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِیرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَـٰشِعِینَ﴾ [البقرة ٤٥].

4. ابحثي عن رفقة طيبة تعينك على الخير، وتشجعك على التقرب إلى الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحِ والجَلِيسِ السّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِير، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ منه رِيحًا خَبِيثَةً) متفق عليه.

5. ابدئي بتعلم أمور دينك من مصادر موثوقة؛ فالعلم سيزيدك يقينًا وسيقوي إيمانك.

6. التغيير يحتاج إلى وقت وجهد، لا تشعري باليأس إذا لم تري النتائج فورًا؛ فالله مع الصابرين.

7. أشغلي نفسك بالأعمال الصالحة ومساعدة الآخرين؛ هذا يمكن أن يعطيك شعورًا بالإنجاز والإيجابية.

8. كوني رحيمة مع نفسك، وتقبلي أن الخطأ جزءٌ من البشرية، والأهم هو السعي للتحسن.

9. إذا واجهتِ صعوبةً في التعامل مع مشاعرك، قد يكون من المفيد التحدث إلى من تثقين به من العائلة.

10. اعتني بصحتك الجسدية والنفسية، الراحة الكافية، التغذية الجيدة، والتمارين يمكن أن تحسن من الحالة النفسية.

11. حاولي قدر الإمكان ألا تأخذي الانتقادات الجارحة بشكل شخصي، ضعي في اعتبارك أن الجميع يخطئون والأهم هو السعي لتحسين النفس.

أخيرًا، اعلمي أن الله غفورٌ رحيمٌ، يقبل التوبة من عباده ويفرح بها، لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون، فطالما أنك تشعرين بالرغبة في العودة والتوبة فهذا في حد ذاته دليل على أن الله يريد لك الخير.

ابدئي بخطوة صغيرة كل يوم، وستجدين -بإذن الله- أنك تتقدمين نحو الأفضل.

أسأل الله لك الهداية والثبات على الحق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً