الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سئمت من نفسي وأصبحت أفضل الموت على الحياة، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسألكم، وأرجو إجابتي في أسرع وقت.

أنا طالب، بعمر 16 سنة، كنت في مرحلة ما متفوقًا في دراستي، ولكن منذ أكثر من 9 سنين لم أعد أرى النجاح المعهود، لم أعد أستطع الحفظ والتركيز، ولو تكلم معي أحد أجد نفسي مشتت البال، وأشعر بأني بعثت في عالم آخر، وهذا حتى أثناء الدرس، وأشعر دائمًا حتى وأنا أكتب هذه الرسالة بغشاوة غريبة على عقلي، وعيني، لا أستطيع الدراسة، وتعلم أي شيء، وأن أركز مع أحد، وأشعر دائمًا بالألم في رأسي، وكلما هممت بالدارسة أشعر بالألم، والصداع، والرغبة الدائمة في النوم حتى ولو نمت 10 ساعات، وقد أصابني مرض في العامين الماضيين في المسالك البولية والمثانة.

إن زرت الطبيب يخبرني بأني بخير، رغم الألم الشديد الذي أشعر به عند الإخراج، وبكميات صغيرة، ومرات كثيرة تصل حتى 20 مرة يوميًا، أو أكثر!

وما زادني همًا هو أقاربي الذين -ومنذ أن كنت في المهد- يبحثون عن أي عيب خلقي فيَّ، وأنا أعيش في مدينة معروفة بالسحر والنفاق، وتعرضي وعائلتي للسحر المتواصل من قبل جيراننا والعاملين مع والدي.

هناك امرأة تأتي لمساعدتنا من حين إلى آخر، دائمًا تريد تفتيش أمتعتي وكتبي، وتقارنني بأبنائها، لقد سئمت من كل هذا، لقد فضلت كثيرًا الموت على الحياة.

أشعر بالعجز، عافانا وعافاكم الله منه، مع العلم بأني والحمد لله أقوم بالصلاة، والصوم، وحاولت حفظ القرآن الكريم، ولكني نسيت كل ما حفظته تقريبًا.

أعتذر لإطالة الرسالة، ولكني لم أجد غيركم بعد الله عز وجل أشكو إليه، وأرجو نصيحته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مراد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك بُنيَّ عبر استشارات إسلام ويب، ونشكرك على سؤالك هذا بما فيه من تفاصيل.

بُنيَّ: من الصعب حقيقة أن نُحدد من خلال ما ذكرت لماذا تغيّرت بهذا الشكل منذ أكثر من تسع سنوات، أنت الآن في السادسة عشرة من عمرك، هذا يعني أن هذه التغيرات بدأت معك منذ كان عمرك ما يُقارب الست أو السبع سنوات.

تسأل لماذا حصل كل هذا التغيُّر؛ حيث بدأت تشعر أن إنجازك الأكاديمي والدراسي ليس كما كان في الماضي، وتشعر وكأن هناك غشاوة غريبة على عقلك وعينيك، وأصبحت تجد صعوبة في الدراسة؟

عادةً في مثل هذه الأعراض التي ذكرتَ وفي مثل السن، عادةً ما نوصي بأن يُراجع الشخص عيادة الطب النفسي عند المراهقين أو اليافعين؛ لأن هناك عدة أسباب يمكن أن تُفسّر ما تمر به، من هذه الأسباب ما يُسمَّى (تشتت الانتباه)، حيث إن الإنسان تكون عنده مدة الانتباه والتركيز قليلة، وبالتالي يجد صعوبة في الحفظ وفي فهم الدرس، وبالتالي في اجتياز الامتحانات المدرسية.

طبعًا هناك أمور أخرى، وخاصة أنك في مرحلة المراهقة، حيث المراهق يمرُّ بتغيرات كثيرة.

في جوابي هذا أركّز على ما تعاني منه أنت، ولن أتطرق إلى الجوانب الأسرية والاجتماعية ممَّا تشعر به من أن هناك من يسحركم، وربما يحسدكم، وكما ورد في سؤالك عن تلك المرأة السيئة التي تُفتّش أمتعتك وكتبك وتقارنك بأبنائها، لن أطيل الحديث في هذا الجانب، وإنما فقط أدعوك إلى تجنُّب هذه السيدة، طالما أنها مزعجة لك.

طبعًا أحمد الله تعالى لك على أنك محافظٌ على صلاتك، وعلى صيامك، وأنك تحاول حفظ القرآن، وإن كنت تجد صعوبة في هذا كما يبدو، فأنت لست وحدك، فالقرآن لَهُوَ ‌أَشَدُّ وأسرع ‌تَفَلُّتًا مِنَ الْإِبِلِ فِي عُقُلِهَا، كما ورد في الحديث، فلذلك حفظ القرآن الكريم يتطلب استمرارية وتكرارًا وتعاهدًا به.

فأرجو أن تتحدث مع والديك، وتراجعوا إحدى العيادات النفسية، ولكن قبلها أرجو أن تتحدث مع الأخصائي النفسي عندكم في المدرسة، فمعظم المدارس هناك أخصائي نفسي مهمته أن يُعين الطلبة على تجاوز الصعوبات، أنا أنصحك أن تتحدث مع هذا الأخصائي أولاً، وربما يُرشدك إلى عيادة نفسية مفيدة.

أدعو الله تعالى لك أن يشرح صدرك، وييسّر أمرك، ويجعلك من العباد المؤمنين المتفوقين.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً