الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أسيطر على نفسي وأتخلص من العادة السيئة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: أقدر سعة صدركم لتحمل هذه الاستشارات الكثيرة، وهذا يدل على ثقة الناس بكم.

قصتي أني شابٌ متفوقٌ دراسياً، ومحافظٌ على فروضي، ولكن مشكلتي مثل مشكلة الشباب، ألا وهو النشاط الجنسي الزائد، أحاول كثيراً أن أعف نفسي وبصري -والحمد الله- قطعت شوطاً طويلاً فيه، لكن المشكلة هي العادة السرية التي أصبحت مشكلةً حقيقيةً، ولم أعد أستطيع أن أسيطر على نفسي فيها، بعد أن كانت لا تحدث إلا نادراً، وأصبحت أخاف على صحتي، خاصةً أني أعرف أضرارها على الجسم، ولكن كيف أستطيع السيطرة على نفسي، هذا ما أريد أن أعرفه.

المشكلة الأخرى أنني كانت دائماً لي علاقةٌ مع ربي قوية، ولكن حدث شيءٌ لم أكن على استعداد له، حدث خيبة أمل، ولكن فيما بعد انتهيت منها، ولكني دعوت ربي بهذا الأمر ولم يستجب، ولكني لم أحزن؛ فأنا أعلم أن الله كتب على نفسه البقاء، والأقدار لا يعلمها إلا هو، وأنا مؤمنٌ بذلك، ولكن خيبة الأمل أثرت على علاقتي بربي، وأصبحت كثير الجلوس وحدي، وأصبحت حزيناً، نعم حاولت أن أرجع العلاقة ولكن لم أعرف، فما نصيحتكم لي؟ وهل أخطأت خطأً كبيراً وأذنبت ذنباً كبيراً أم ماذا؟!

شكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أبننا الفاضل- ونسأل الله أن يزيدك صلاح وخيراً وبراً، واعلم أن المحافظة على الصلاة والطاعات والأذكار هي أكبر علاج؛ فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والتقصير في العبادات سببٌ؛ لهذا قال العظيم: (فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة) والنتيجة: (واتبعوا الشهوات) فالمسألة لها علاقة كبيرة جداً؛ ولذلك أرجو أن تزداد لله طاعةً، أن تزداد من الله قرباً، أن تلح بالدعاء؛ لأن هذا الدعاء أنت رابحٌ فيه في كل الأحوال.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يبشر من يتوجه إلى الله فيقول عليه الصلاة والسلام: (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثم، أو قطيعة رحِم، ما لم يستعجل) قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: (يقول: قد دعوتُ، وقد دعوتُ، فلم أرَ يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك، ويدَعُ الدعاء) متفق عليه، وهذا من تخليط الشيطان الذي يأتي ليحزن الإنسان، وهمّ الشيطان أن يحزن الذين آمنوا، فعامل عدونا بنقيض قصده.

واعلم أن باب التوبة مفتوح، وأن رحمة ربنا الرحيم تغدو وتروح، وأنت بحاجة إلى اتخاذ إجراءات، مثلاً الآن أنت عندما تصاب بالإحباط وتنعزل هذه العزلة، الشيطان ينفرد بالإنسان، وهذه فرصة ذهبية له، فأشغل نفسك بالمفيد، وتوكل على ربنا المجيد، وحاول أن تجتهد في دراستك وفي حياتك، وفي مهاراتك، ولا تذهب إلى فراشك إلا عندما تكون متهيئاً للنوم، ولا تبق في الفراش إلا بعد أن تستيقظ مباشرة، ومما ينشطك أن تبدأ بالذكر ثم الوضوء، ثم السجود لله -تبارك وتعالى- لتنحل العقد وتصبح نشيط النفس، كما جاء عن النبي عليه صلاة الله وسلامه.

إذًا أنت بحاجة إلى خطوات، أن تغير طريقة حياتك، أن تجتهد في غض البصر، أن تمتنع عن تواتر الأفكار، لما تجد نفسك تفكر في الاتجاه السالب حاول تغيير الفكرة، تذهب إلى العائلة، تكلم مع إنسان صديق صالح، المهم لا تجعل الأفكار تتوارد، كما قال ابن القيم: (دافع الخاطرة) الخاطرة التي تأتيك بخصوص هذه العادة دافعها منذ أن كانت خاطرة، قبل أن تكون فكرة، اذهب وافعل فكرة قبل أن تتحول إلى هم، دافع الهم قبل أن يتحول إلى إرادة، دافع الإرادة قبل أن تتحول إلى عمل، وإذا حصل وضعفت فجدد التوبة، وعد إلى الله حتى قيل للحسن البصري: نتوب ثم نعود نتوب ثم نعود إلى متى يا إمام؟ قال: حتى يكون الشيطان هو المخذول، نسأل الله أن يعينك على الخير.

حاول أن تجتهد وألا تقصر في الطاعة، ينبغي أن تستمر في الطاعة؛ ولذا ورد عن بعض الصحابة أنه قال، لما أخبروه عن إنسان يصلي ويقع في معصية، قال: دعه فإنه سينهاه ما تقول، والله سبحانه تعالى يقول: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) زادك الله حرصاً وخيراً، وإذا كنت تعرف الأضرار فابتعد وانجُ بنفسك.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً