الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عصبيتي شديدة منذ الصغر والكل يشكو مني!

السؤال

السلام عليكم

شكرًا لموقع إسلام ويب على ما يقدمه.
عمري 26 سنة، مشكلتي منذ الصغر كما تقول أمي أني عندما كنت صغيرًا عضضت العصى من شدة العصبية، وكنت أكثر إخواني عصبية، وهذه هي مشكلتي إلى اليوم.

أعاني من عصبية شديدة، ولا أتمالك نفسي، وفي هذه السنة الكل يشكو مني، أنني تغيّرت على زوجتي وأمي وإخواني، وكل من حولي، ولكن كنت أعاني في الصغر من أمي وأبي اللذين يستفزانني في أتفه الأشياء! ويقولان إني ضعيف الشخصية، وخفيف العقل، وإني حقود؛ وهذا أثّر عليّ كثيراً، فوّلد عندي هذه الأعراض.

- عصبية شديدة حتى ارتجاف اليد اليمنى.

- التفكير بالانتقام ممن أتشاكل معهم، والتفكير في الانتحار، وأنا أعلم أنه لا يجوز قتل النفس.

- أعاني من قلة النوم، فنومي حوالي 3 إلى 4 ساعات فقط.

- كثير النسيان، وفي بعض الأحيان لا أتذكر ما قيل لي.

- أسمع دائمًا أحدًا يناديني، ثم أنظر لا فلا أرى أحدًا، وهذا كثير عندما أمشي وحدي.

- أسمع أحدًا يتكلم في رأسي ووشوشة.

- كنت أعاني من القولون العصبي حسب ما قال لي الطبيب، ووصف لي علاج لبراكول حبة في المساء قبل الأكل لمدة شهر، ثم تركته؛ لأن الدكتور قال لي: إنه يسبب الإدمان.

جزاكم الله خيرًا، وهذه أول استشارة لي في هذا الموقع المبارك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن نرحب بك جدًّا في إسلام ويب بأوّل استشاراتك، وأشكرك فقد وصفت حالتك بشكل وصورة واضحة وجيدة جدًّا، وكما تفضلت؛ فشخصيتك تحمل سمات العصبية والتوتر وسرعة الانفعال، وهذه لا نعتبرها حالة مرضية نفسية، إنما هي ظاهرة نفسية، لكنها ظاهرة مهمّة.

ولتعالج هذا الوضع لابد أن يكون لديك شيء من السعة النفسية، أن تحاول تقبُّل الآخرين، هذا مهمٌّ جدًّا، وأن تقبلهم كما هم لا كما تريد، وفي ذات الوقت لابد أن يكون لديك فكر إيجابي حيال والديك.

يجب ألَّا يكون هنالك أي نوع من المشاعر السلبية حول الوالدين؛ لأن بِرّهما واجب، وحتى وإن كانت هنالك صعوبات تربوية في مرحلة الطفولة؛ فوالداك لم يقصُدا أبدًا أن تحدث لك أي إساءات، كان هو جهدهما واجتهادهما ومنهجهما التربوي.

حب الوالدين للأبناء هو حب فطري وجبلّي، قد تختلف المناهج التربوية بين الآباء والأمهات، ولكن هذا لا يعني أبدًا أن الأب يريد أن يحتقر أبناءه أو شيئًا من هذا القبيل، صحِّح هذا المفهوم؛ لأن هذا ضروري جدًّا بالنسبة لك.

الأمر الثاني: أريدك أن تُكثر من التواصل الاجتماعي، التواصل الاجتماعي يُؤدي إلى نوع من التنفيس النفسي الإيجابي، لا تتخلّف عن الواجبات الاجتماعية، كن دائمًا في المقدمة، في الأفراح، في زيارة المرضى، في صلة الرحم، المشي في الجنائز، الجلسات مع الأصدقاء، الحرص على الصلاة في المسجد مع الجماعة ... هذه كلها أمور طيبة ومفيدة وتؤدي إلى الارتقاء بالنفس، وتجعل الإنسان يعيش حياة نفسيّة إيجابية جدًّا.

طبعًا وجود القولون العصبي أو العُصابي دليل بالفعل على أن شخصيتك في الأصل هي شخصية انفعالية؛ ولذا يجب أن تتجنب الكتمان، لا تكتم أبدًا، خاصة الأشياء التي لا تُرضيك حين تسمعها يجب أن تُعبّر عن نفسك أوّلاً بأول، وفي حدود الذوق، وفي حدود الأدب الاجتماعي.

ودائمًا –يا أخي– اجعل منهجك هو أنك ما لا تقبله لنفسك لا تقبله للآخرين، ويجب أن تعامل الآخرين كما تريد أن تُعامل، (اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَانًا بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ، وَأَحِبَّ لِغَيْرِكَ مَا تُحبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَه لَه مَا تَكْرَهُ لَهَا، وَلَا ‌تَظْلِمْ ‌كَمَا ‌لَا ‌تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ، وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ).

حاول –أخي الكريم– أن تُطوّر ذاتك من خلال الاجتهاد في عملك، القراءة، الاطلاع، مجالسة العارفين والصالحين من الناس، هذا كله مهم وضروري جدًّا، واجعل لحياتك أهدافًا، وضع الاستراتيجيات والطُّرق والوسائل التي سوف توصلك إلى أهدافك.

بقي –أخي الكريم– أن أصف لك بعض الأدوية البسيطة، أدوية بسيطة، وأنت لا تحتاج حقيقة لأي أدوية قويّة، والنوم يأتي طبيعيًّا إذا رتّب الإنسان نمط حياته، والنوم طبعًا يتحسّن من خلال الآليات الطبيعية:

- أن تتجنب النوم بالنهار، وتحرص على النوم بالليل مبكّرًا.
- أن تتجنب السهر؛ لأن السهر لا فائدة فيه.
- أن تثبت وقت النوم يوميًا على ساعة محددة لا تتأخر عنها أو تتقدّمها.
- ألَّا تشرب الشاي أو القهوة وكل محتويات الكافيين بعد الساعة السادسة مساءً، وأحسب أنك لست من الذين يتعاطون القات، هذا أيضًا أمرٌ مهم جدًّا.
- وألَّا تتناول طعام العشاء في وقت متأخر من الليل، وأن يكون الطعام خفيفًا وغير دسم.
- أن تحرص على أذكار النوم والوضوء قبله.

الدواء الذي أريدك أن تتناوله عقار يُسمَّى (دوجماتيل)، هذا اسمه التجاري، واسمه العلمي (سولبيريد) دواء مفيد جدًّا لعلاج القلق والتوترات، ويُحسّن النوم، ويزيل أعراض القولون العصبي -إن شاء الله تعالى-.

الجرعة هي أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ.

أمَّا الدواء الآخر فيُعرف باسم (سيرترالين) دواء رائع أيضًا، وسليم جدًّا، وغير إدماني، أريدك أن تتناوله بجرعة صغيرة، الحبة تحتوي على خمسين مليجرامًا، تناول نصفها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة أخي الكريم.

بعد ذلك خفض جرعة السيرترالين واجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك –أخي الكريم- وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على مشاركتك هذه، وأرجو أن تُطبق ما ذكرتُه لك من إرشاد، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً