السؤال
السلام عليكم
تخرجت بشهادة دبلوم، وبعد تخرجي تكلمت مع أخوالي؛ لأنهم يعرفون أصحاب الشركات، فهل هذا يعني أني سعيت لرزقي بالوظيفة؟ لأني أدعو ربي أن تتيسر أموري، وإلى الآن لم أرزق بوظيفة أو تدريب.
السلام عليكم
تخرجت بشهادة دبلوم، وبعد تخرجي تكلمت مع أخوالي؛ لأنهم يعرفون أصحاب الشركات، فهل هذا يعني أني سعيت لرزقي بالوظيفة؟ لأني أدعو ربي أن تتيسر أموري، وإلى الآن لم أرزق بوظيفة أو تدريب.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك –ولدنا الحبيب– في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى بمنِّه وكرمه أن يفتح لك أبواب الرزق وييسّر لك الخير، ويكفيك بحلاله عن حرامه، ويُغنيك بفضله عمَّن سواه.
وقد أصبت –أيها الحبيب– حين أدركت أنه لابد من الأخذ بأسباب الرزق، فالله تعالى أمرنا بذلك، فقال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15]، والأسباب –أيها الحبيب– المقصود بها الأسباب المباحة الحلال، فما يمكنك عمله منها فاعمل به، واعلم بأن الرزق مكتوب، وأن هذا المكتوب سيقع لا محالة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة: (جفَّ القلم بما أنت لاقٍ يا أبا هريرة)، أي: كلَّ ما قد كُتب فإنك ستلقاه، فلا تُتْعب نفسك وتُرهقها بالحسرات والندمات، فكن على ثقة من أن الله سبحانه وتعالى سيوصلك إلى ما قد كُتب لك إذا أخذت بالأسباب الشرعية.
وما فعلته من إخبار أخوالك لإعانتك في البحث عن الوظيفة هو جزء من هذه الأسباب، واستكمل بقية الأسباب بقدر استطاعتك، وفوض أمورك إلى الله، وأوّل هذه الأسباب العمل بتقوى الله تعالى، بأن تفعل ما كلّفك الله به من الفرائض وتجتنب ما حرّم عليك من المحرمات، فقد قال الله سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3]، وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4].
وأكثر من التوبة والاستغفار، فقد قال الله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10-12].
وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد جاء في الحديث أن أُبَيّ قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: «مَا شِئْتَ». قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا يا رسول الله؟ قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ»، فالزم الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن شاء الله بالصلاة عليه يُكفى همَّك في هذا السبيل، وترزق ببركة صلاتك على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقد جاء رجل إلى عليٍّ -رضي الله عنه- فقال: إِنِّي عَجَزْتُ عَنْ مُكَاتَبَتِي فَأَعِنِّي، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِبرٍ دَنَانِيرَ لادَّاهُ اللهُ عَنْكَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: (قُلْ: اللهُمَّ اكْفِنِي بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ) أخرجه الترمذي وصححه الشيخ الألباني.
فابحث عن العمل في كل مكانٍ تظنُّ أنه يمكن أن يوجد هذا العمل، سواء عن طريق التواصل بأدوات التواصل الحديثة، أو بالمرور على مقارِّ الشركات التي يمكن أن تجد عملاً لديها، واستعن بأهل الخير الذين يمكن أن يُعينوك على ذلك من غير أقاربك، وقد وُفقت -أيها الحبيب- حين توجهت إلى الله بالدعاء، فإن الدعاء من أعظم الأسباب التي توصل الإنسان إلى المطلوب، فأكثر من دعاء الله تعالى بتذلُّل ومسكنة، وأحسن ظنّك به أنه سيرزقك، وسييسّر لك الأمر، وارضَ بما قدّره الله تعالى لك، فإن الخير كل الخير فيما يختاره الله لك، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير وييسر لك رزقك الحلال المبارك.