الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحدثت زوجتي عني بسوء مع صديقتها.. فهل أواجهها بذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الرجاء نصيحتي في موضوع يخص حياتي الزوجية، فأنا متزوجٌ منذ ٨ سنوات، وعندي ولدان، اكتشفت محادثة لزوجتي مع صديقتها صدفةً تتحدث بها عني بكل سوء -وللعلم أنا لا أتجسس عليها مطلقاً- ولكن صدفةً فتحت جهازها وكانت المحادثة موجودةً، وللأسف بحثت أكثر بالمحادثة، وكان الكلام عن حياتنا، وهي تتحدث بكل سوء عني وعن أهلي، وبكلام فيه استهزاءٌ كبيرٌ، وغير سعيدةٍ، وتريد الطلاق، مع العلم أنها لا تظهر ذلك أمامي.

الموضوع الأهم أن صديقتها هي من كانت تتحدث عن زوجها، وعندها مشاكل زوجية من أول معرفتها بزوجتي منذ سنتين تقريباً، فهل يجوز إبلاغ زوج صديقتها بالمحادثة ليتم وضع حد لتصرفاتهم معاً أو يتم الحديث فقط مع زوجتي؟

مختصر المكالمات:
١- أخذ زيادة من المال من أجل الأصدقاء والمناسبات.
٢- الكلام عن الأهل، كيفية بر الزوج للأهل، وأخذه على أنه تصغير للزوج بطاعة والدته.
٣- عدم الاهتمام بالكماليات المطلوبة.
٤- الشتم الدائم بالمحادثة من الطرفين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك – أيها الأخ الفاضل – في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال.

وقد أسعدنا أنك لم تتخذ القرار إلَّا بعد تواصلك مع موقعك، ونشكر لك هذا الاهتمام، ونؤكد أن القرار الصحيح هو الذي ينتج عن دراسة، وما حصل من الزوجة مع صديقتها مرفوضٌ من الناحية الشرعية، لكن لا نوافق على بناء الأحكام عليه، أو خسارة الزوجة لأجله، أو إخبار الصديق وتضخيم هذا الموضوع، هذا ما لا نؤيده.

والذي يهمُّنا الآن هو أن تضع حدوداً لهذه العلاقة؛ لأن الرجل من حقه أن يُحدد البيوت التي يأتي منها الخير، كما قالت زوجة شُريح: (مَن تُحبَّ أن يزورنا؟) قال: (قوم فلان قوم صالحون، وقوم فلان قوم سوء)، كأنه يريد زيارة الصالحات والصالحين ويرفض غيرهم.

ولذلك ينبغي أن تأخذ المسألة حجمها المناسب، وأرجو أن تعلم أن من طبع النساء التعاطف والمجاملة، فلو أن زوجة تكلّمت عن أُمّ زوجها بسوء فإن الثانية تُشاركها، وتتكلّم معها، ويكثر مثل هذا التعاطف السالب الذي لا يُرضي الله مع وجود ضعف الدّين، مع وجود الغفلة عند النساء، مع ثقافة المسلسلات التي تُشوّه صورة أهل الزوج، وتُشوّه صورة الزوج الذي ينقاد لأُمّه ويسمع كلامها، ويهتمّ بها، مع أنه يفعل ذلك مع أولى الناس عنده، فأولى الناس بالرجل الوالدة، وأولى الناس بالزوجة زوجُها، فنسأل الله أن يُعينك على إيجاد حل مناسب لهذا الإشكال الذي يحدث.

أكرر: الكلمات التي سمعتها ما ينبغي أن تأخذ أكبر من حجمها، ولا تستغرب إن حصل نوعٌ من المجاملة وتكلّمت عن أهلك على سبيل المجاراة لتلك الصديقة، التي أحسبُ أنها ليست على خير؛ لأنها أيضًا قد تكونُ تفعل ذلك غالبًا خلف زوجها، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

وطبعًا لا نؤيد فكرة أن تتجسس وتبحث عنها، ولكن من حقك أن تضع ضوابط، وأن تضع حدودًا لعلاقاتها، أن تُبيّن لها أنك لا ترضى بأي امرأة تتكلّم عن أهلك أو تحرّض زوجتك على أمور سالبة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعينك على الخير.

وكلّ هذا ينبغي أن يأتي بالتدرّج، يعني: تطلب منها أن تُقلل من زياراتها، أن تبحث عن نساء وأُسر صالحة تتواصل معهنَّ، ويكون الانسحاب بهذه الطريقة، وبعد ذلك ستعرف أن هذه العلاقة تُزعجك، وفعلاً أي علاقة فيها تحريض للزوجة ممَّا يُزعج الزوج، بل الشريعة تُعطي الحق للزوج في أن يمنع أهله من مثل هؤلاء الذين يحرضون أو يؤثّرون سلبًا حتى لو كانوا من الأرحام، لمَّا قال النبي ﷺ: (حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ ألَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ ‌مَنْ ‌تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ) هذا هو المقصود؛ لأن هذا الذي لا يأذن له الزوج قد يكون مَحْرَمًا للزوجة - كخال مثلاً أو عمٍّ - لكنّه يأتي ليُحرضها، ويأتي فيقول: (كيف تصبرين على أُمِّه؟ كيف تصبرين عليه؟ تطلقي منه، سأجد لك مَن هو أفضل، فأنت بنت أختي...).

وغير ذلك من التحريض والإفساد الذي يُفسد الزوجة على زوجها، ويخرّب البيت ولا يُصلح، فيمكن أن يحصل مثل هذا من التحريض من أقرب الناس، ومن صديقات السوء، وإلَّا فإنه لا يجوز أن تُدخل الزوجة أحدًا يكره الزوج، ولا حتى مَن يحبه إلَّا بإذنه؛ لأن الشريعة لها قواعد وضوابط في دخول الناس وخروجهم.

مرةً أخرى: نؤيد فكرة التريث ودراسة المسألة، وتقويم الزوجة بطريقة غير مباشرة أولاً، وذلك بمطالبتها بأن تُقلل من الزيارة مع هذه الأسرة، فإذا سألتك تقول: (أنا الذي أعرفه أنها لا تحب أهل زوجها، وهذا مرض، لا أريد أن ينتقل إليك...) أو نحو ذلك من الكلام، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

نسعد بتواصلك مع الموقع، ولا تستغرب إذا خالفت أقوالها الأفعال، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات