الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أوفق بين رغبتي في الطلاق وبين طاعة أمي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا بصدد الطلاق، وأمي ترفض ذلك بشدة، حتى وصل بها الأمر إلى أن تسخط عليَّ ولا ترضى عني مهما فعلت، ولن ترضى عني إلا إذا تراجعت عن فكرة الطلاق، مع العلم أني لم أُقصِّر في أي من واجباتي تجاهها، فهل أُعتبر عاقة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نسأل الله تعالى أن يُقدِّر لك الخير حيث كان، ويرضيك به، وأن يصلح أحوالك الزوجية، وأن يديم الألفة بينك وبين زوجك، ويجنبك كل أسباب هدم الأسرة وتفريقها وتشتيت شملها.

أمَّا بخصوص موقفك مع أمّك، فواضح جدًّا -أيتها الكريمة- أن أمّك حريصة على بقاء أسرتك، وعلى محافظتك على زوجك، ويبدو لنا أن هذا الحرص منشؤه الحرص على مصلحتك، وإن كانت يصادم رغبتك.

ولهذا نحن ننصحك بألّا تتجاهلي طلب أُمّك، وألّا تنظري إلى الأمر على أنه من باب العقوق أو عدم البر بها، وإنما ينبغي أن تجعلي من هذا الموقف داعيًا ودافعًا لك لمراجعة النظر في قرارك، والتمهُّل والتريث قبل اتخاذ قرار، قد تندمين عليه في المستقبل.

ونحن نخشى عليك أن تقعي في العقوق إذا خالفتِ أُمّك، في حال كان طلب الطلاق ليس بسبب ضرر حقيقي واقع عليك؛ فإن علماء المسلمين أكثرهم يقول بتحريم طلب المرأة الطلاق لغير ضرر واقع عليها، ويستدلون على ذلك بقول النبي الكريم ﷺ: «المُخْتَلِعَاتُ هُنَّ المُنَافِقَاتُ»، وفي حديث آخر عند ابن ماجه وغيره:«أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ»، وصححه الألباني وغيرُه من علماء الحديث، والمقصود بقوله ﷺ: "في غير ما بأس": أي في غير شدة وضرورة تُلجئُها إلى طلب الطلاق.

لهذا السبب نحن ندعوك إلى إعادة النظر في الأمر، والحرص على إرضاء الله سبحانه وتعالى، ثم إرضاء أُمّك، وألّا تُقدِمي على الطلاق إلَّا إذا كانت هناك ضرورة تلجئك إليه، وإذا وُجد ضرر حقيقي يُلجئك إلى الطلاق فإن مخالفة أمك حينها ليست عقوقًا.

أمَّا عدم وجود ضرر عليك، فالأصل في طاعة الوالدين -كما قرره العلماء- أنه تجب طاعتهما إذا أمرا بشيء في غير معصية لله، ولم يضرر بطاعتهما.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُقدِّر لك الخير حيث كان، ويرضِّيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات