الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم الرضا عن النفس وتفريغ الغضب في الأولاد بالصراخ والضرب

السؤال

السلام عليكم.
أنا أم لثلاثة أطفال، ولدين وابنة، تزوجت وأنا عمري ستة عشر عاماً، فقدت حنان الأب الذي كان غائباً بسبب ظروف العمل، وتعلقت بزوجي كثيراً وأحببته أكثر، وانشغلت بمهامي الجديدة الزوجية، وتربية الأبناء المتعبة.

مشكلتي الأساسية هي عدم الرضا عن نفسي، ودائماً أحاسب نفسي، وأحكم عليها بالفشل، وأضعها في زنزانة مظلمة، لا يستطيع أحد إخراجها منها! الغيرة أصبحت روتيناً في حياتي اليومية؛ خاصة بعد زواج والدي، ولم تعد لدي ثقة بزوجي، وأصبحت أفتعل المشاكل معه.

ودائماً كنت أفرغ شحنات الغضب على أولادي، فإن طلبوا مني شيئاً صرخت في وجوههم، وتصل الدرجة أحياناً أن أضربهم، مع علمي بأنهم ليس لهم ذنب في ذلك! وأجلس بعدها أراقبهم وهم نائمون وأبكي عليهم، وأشعر بندم شديد!

لقد مللت من كل شيء، وأريد فقط أن أصل مرة واحدة إلى قرارة نفسي! لماذا هذا الشعور بالخوف والعجز والذنب والمعصية؟ هل لظروف المكان والحرب والموت والدمار يد في ذلك؟ أريد حلاً أرجوكم بسرعة!
ساعدوني، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أم طيبة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن الضرب للأطفال لا يشجع عليه مطلقاً من الناحية التربوية، ونراه خطأً فادحاً، ولا يفيد، إنما يعقد الأمور.

الطفل يجب أن يشجع على كل الأعمال الإيجابية التي يقوم بها، ويجب أن نتجاهل إلى درجة كبيرة تصرفاته السلبية؛ لأن تجاهل السلبيات والتشجيع والتحفيز على الإيجابيات، يؤدي إلى نمو تربوي إيجابي في حياة الطفل.

أيتها الأخت الفاضلة! أنا أجد لك العذر تماماً نسبة للظروف التي في العراق، ونسأل الله أن يخرج العراق وأهل العراق والمسلمين جميعاً مما هم فيه.

لا شك أن الجو الاجتماعي الغير مريح ينعكس سلباً على الناس، ولكن أرجو أن تتذكري أن هذا إن شاء الله أمر مؤقت وقد أصاب الكثيرين، فأنت لست لوحدك، وعلى الإنسان أن يصمد وأن يكون قوياً، ولديه القوة والعزيمة والقدرة على المواجهة، وهذا الأمر إن شاء الله يزول، وعلى الناس أن تدعو الله وأن تبتعد عن المعاصي حتى تزول هذه الصعوبات بإذن الله تعالى.

أرى أنك قطعاً تعانين من صعوبات نفسية، قد تتجسد في نوع من الاكتئاب الداخلي وعدم الثقة بالنفس، وقد انعكس هذا الاكتئاب في تفريغ شحنات الغضب على الأطفال، لأنهم أضعف بالتأكيد، وهذا في حد ذاته يعرف تماماً ويسمى بالإسقاط النفسي، دائماً الإنسان قد يسقط على من هم أضعف منه.

حقيقةً أرجع إلى نصيحتي الأولى وهي أن تزيدي من صبرك، وأن تزيدي من تحملك، وأن تسعي لتشجيع أطفالك فيما هو إيجابي، ركزي على التشجيع الإيجابي، حتى لو كنت تنتقديهم فيما هو سلبي، لا نشجع الانتقاد، ولكن لابد أن نذكرك أن تنظري للأشياء الإيجابية في أطفالك حتى لو كانت صغيرة، شجعيهم لأن هذا التشجيع سوف يؤدي إلى نمو الإيجابيات في الطفل مما ينفعهم من الناحية التربوية.

أرى أيضاً أنت محتاجة لبعض الأدوية المريحة للأعصاب والمحسنة للمزاج، فعسر المزاج قد يكون هو الذي دفعك أيضاً لمثل هذه التصرفات.
من الأدوية الطيبة والجميلة العقار الذي يعرف باسم بروزاك، جرعته هي كبسولة واحدة في اليوم، أرجو أن تتناوليه بهذه الجرعة، وأن تتناولي معه عقاراً آخر يعرف باسم موتيفال، هذا أيضاً مريح للأعصاب والنفس، الموتيفال أيضاً جرعته حبة واحدة.

إذن الجرعة العلاجية الدوائية بالنسبة لك، هي حبة واحدة من الموتيفال يفضل أن تأخذ ليلاً، وحبة واحدة من البروزاك يفضل أن تأخذ صباحاً، ومن الأفضل أن تتناوليها بعد الأكل، استمري على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك أوقفي حبة الموتيفال، واستمري على كبسولة البروزاك لمدة ثلاثة أشهر أخرى، وسوف تجدين -إن شاء الله- من الشهر الأول أو الثاني أن مزاجك قد أصبح أحسن وأصبحت تتحملين بعض الشيء.

وبالطبع باستمرار العلاج، والتفكير الإيجابي، وتغيير المنهج التربوي بالنسبة للأطفال، ستحسين أن الأمور أصبحت إن شاء الله أكثر إيجابية، ونسأل الله تعالى أن يفرج عن أهلنا في العراق.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً