الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي عصبي ولا يتقبل سكوتي حال عصبيته!!

السؤال

السلام عليكم

أنا زوجة لشخص أود أن أذكر صفاته الإيجابية والسلبية حتى يتسنى لكم الحكم:

زوجي شاب يصلي ويصوم، يساعدني في البيت لأنه حريص على النظافة، ويعمل خارج المنزل، لكنه قاسٍ معي، وسرعان ما يغضب ويبدأ في استعمال كلمات جارحة، وأنا – للأمانة – حساسة، ولا أتقبل تلك الكلمات، لكني لا أتعامل معه بالمثل، بل ألوذ بالصمت، وينعكس ذلك عليَّ، فتظهر عليَّ علامات الضيق الشديد، لكنه يرفض ذلك أيضًا، ولا يتقبل سكوتي أو عصبيتي أو أي رد فعل مني، بل يريدني أن أظل ضاحكة رغم معاملته القاسية، وهذا فوق طاقتي.

أما من الناحية المادية، فأنا أعمل أيضًا، ومدخولي أكبر من مدخوله، فكرتُ في التوقف عن العمل، لكن ظروف الحياة الحالية صعبة جدًا في هذا الجانب، لا أبخل عليه بشيء، بل أصرف أكثر منه، وهو لا يتردد في طلب المصروف مني، وهذه المسألة تؤرقني، لا سيما أنه لا يتبقى لي شيء في آخر الشهر.

لدينا طفل، لكنني لم أعد أشعر بالتوافق معه مؤخرًا، وبدأتُ أعاني من كثرة التفكير والتعب بسبب هذا التعامل الفظ.

سؤالي: هل الطلاق هو الحل الأنسب في هذه الحالة أم هناك حلول أخرى؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رضوى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الكريمة- في الموقع، ونحيي فكرة السؤال، ونسأل الله أن يُؤلّف القلوب ويُصلح ذات البين، وأن يُصلح الأحوال.

نحب أن نؤكد بدايةً أن فرص النجاح والاستمرار والاستقرار كبيرة جدًّا؛ لأنك ذكرت إيجابيات واضحة جدًّا في هذا الرجل، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينتبه للنقائص والأمور التي تُزعجك، وعلينا أن نُدرك أن الحياة الزوجية لا تخلو من مثل هذه المنغِّصات والمسائل التي تواجهنا، والصعوبات التي تقف في طريقنا.

نتمنّى أن يكون الحوار بينكم في غير أوقات النقاش، يعني: الإشكال لمَّا يكون الحوار مع المشكلة والنقاش يزيُدها، ويبدو أن لك مكانة خاصة عند زوجك، ولذلك لا يُطيق أن يراك حزينة، مع أنه السبب في هذه الأحزان، ولعلَّ هذا الأسلوب له علاقة بتنشئته التي نشأ فيها والبيئة التي عاش فيها، وإذا كنت تعلمين أنه يُقدّرك، وأنه لا يقبل الغضب منك؛ فأرجو أن تتجاوزي المواقف التي تمرّ.

نقول: هذا ليس لأنه لم يُخطئ، لكن لأنك أنت مَن تواصلت، وتُشكرين على هذا التواصل مع الموقع الشرعي، وأسعدنا جدًّا أنك كنت مُنصفة حين ذكرتِ الإيجابيات التي فيه أوَّلًا، يعني: تذكرين له ما فيه من إيجابيات، وأنك سعيدة به، وأن فيه كذا وكذا، لكن الموقف الفلاني يُحزنك، لكن التصرفات الفلانية تُؤلمك، وهذا مُناسب جدًّا في التعامل مع الرجل؛ لأن الرجل ينبغي أن نعرف المفتاح إلى قلبه، ويكون ذلك بذكر الإيجابيات، ثم بعد ذلك لا مانع من مناقشة السلبيات والنقائص والأمور التي تُزعجنا، ولكن بمنتهى الهدوء، مع أهمية اختيار الوقت وانتقاء الكلمات.

من المهم جدًّا حتى ننصفك أيضًا أن تُشجّعي تواصله معنا حتى يسمع الإرشادات، ونستمع إلى الطريقة التي يُفكّر بها، ونعرف نمط شخصيته، وكثير من الرجال يتأثرون عندما يسمعون النصائح من أخصائيين رجال أمثالهم، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

لذلك لا أعتقد أن الطلاق هو الحل، خاصةً في وجود طفل، ولأنك لن تجدي رجلًا بلا نقائص ولا عيوب، فعلى كل طرفٍ أن يصبر على الطرف الثاني، ويجتهد في تضخيم الإيجابيات، وشُكر الله عليها حتى ننال بشُكرنا لربنا المزيد من الخير، وعلى كل طرف ألَّا يفرك الطرف الآخر، إن كَرِهَ منه شيئًا رضيَ منه آخر، كما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونسعد بتواصلك وتواصله، أو بأن تكتبوا استشارة مشتركة؛ حتى نستطيع أن نناقشكم من خلالها، ونسأل الله أن يُؤلِّف بين قلوبكم، وأن يُصلح ذات بينكم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات