الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حائر في الزواج بين فتاتين، فما توجيهكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمنى من الله أن تكونوا بخير، أما بعد:

أنا مقبل على الزواج خلال الفترة القادمة، ومحتار بين فتاتين:

الفتاة الأولى: مال قلبي لها خلال فترة الدراسة، وهي متفوقة، وأحسبها على خلق، وأرى أنها تجتهد في تدينها والتزامها، وظهرت عليها بعض التغييرات للأفضل، ولباسها لا أستطيع الحكم عليه بأنه شرعي بالكامل، ولكنه ليس مخالفًا للدين، أو يغضب الله، وقد علمت أن منزلي قريب من بيت أهلها، ولكني لا أرى والدها أو إخوتها يصلون معنا في المسجد، ما عدا الجمعة فقط، رغم أن والدها حسن السمعة، ورجل ملتح، ويظهر عليه التدين، ولكني لا أراه أبدًا في المسجد في أي وقت من الأوقات، وكذلك إخوتها، علمًا أنه المسجد الوحيد في منطقتنا، وهذا الأمر جعلني متخوفاً من الإقدام على خطبتها.

أما الفتاة الثانية: فلا أعلم عن حقيقة التزامها؛ لأني لم أتحدث معها مطلقًا إلا في إطار العمل فقط، لم أفكر فيها خلال فترة الدراسة، ولكن بعد التخرج عندما اجتمعنا في مكان عمل واحد، شعرت بأني أحبها، وهي: متدينة، وزيها شرعي بالكامل، وحسنة الخلق، مشكلتها أنها تتعامل مع الكل، سواء الشباب أو الفتيات بنفس المعاملة، دون التحفظ في الابتسامة، أو كثرة الكلام، والذي يجب أن تقلله الفتاة مع الشاب الأجنبي، وبخصوص تدينها، فأحسبها محافظة على الصلاة.

سؤالي الآن: أتقدم إلى أي فتاة؟ هل أخطب الأولى لأن قلبي كان يميل لها منذ البداية، ولا يجب مؤاخذتها بفعل والدها وإخوتها، أم أتقدم للثانية وأغير أفعالها مع الوقت؟ مع العلم يراودني الوسواس ويقول لي: إني لو ذهبت للثانية فسيظل قلبي متعلقًا بالأولى، لأن الميل كان لها أولًا!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ويرضيك به، وأن يختار لك الزوجة الصالحة التي تقربها عينك، وتسكن إليها نفسك، وتصلح ربة لبيتك، وأمًا لأولادك.

وقد أحسنت حين قررت مشاورة المخلوقين، والاستنارة برأي الآخرين، وهذا من حسن تدبيرك، وتوفيق الله تعالى لك، ونسأل الله تعالى لك مزيدًا من الهداية والتسديد.

ونذكرك بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن يريد الزواج، وهو في صدد اختيار الزوجة، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "فاظفر بذات الدين تربت يداك"، احرص على أن تكون المرأة التي تتزوجها ذات دين، وأقل هذا الدين أن تكون المرأة قائمة بالفرائض، مجتنبه للمحرمات، ومما لا شك فيه أن المرأة المتدينة قبل الزواج أولى وأفضل من امرأة يرجو الإنسان أنها تصلح بعد الزواج، فالنفوس البشرية كثيرًا ما تحب البقاء على المعتاد، فمن اعتادت الخير من صغرها، وتعودت على القيام بفرائض الله تعالى، وحرصت على الاستزادة، أولى وأفضل من أخرى لا تتوفر فيها هذه الصفات.

أما أبوها، فإن كان متدينًا كما ذكرت، فربما كان يصلي في غير هذا المسجد الذي تتحدث عنه، وربما كان يصلي في بيته، وعلى كل حال فوالدها لا ينبغي أن يؤثر على اختيارك لها من عدم اختيارك، لكونك لا تراه في المسجد؛ صحيح أن الفقهاء يذكرون أن من الصفات المحببة أن تكون بنت إنسان صالح، ليست ببنت فاسق؛ لأن الناس غالبًا يتأثرون بأهاليهم، ولكن ما ذكرته عن والدها ينبئ عن أنه إنسان متدين، ولكنك تفتقده في مسجدكم فقط، بهذا لا ينبغي أن تحكم عليه بخلاف ما سمعت عنه.

فخلاصة الرأي -أيها الحبيب-، أننا نميل إلى أن تختار الأولى لما ذكرت من الصفات عنها، ولتعلق قلبك بها، فإن هذا أمر مهم في استقرار الحياة الزوجية، فما دمت تميل إليها وترغب بها، وستبقى تتذكرها، فالأفضل لك أن تقدم على خطبتها بعد استخارة الله سبحانه وتعالى.

نسأل الله أن يوفقك للخير، وأن يقدره لك حيث كان ويرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً