الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يرفض فكرة الزواج ولا يريد مساعدتي فيه، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب خاطب، وأعمل بجد لتحسين وضعي المادي، أرغب في الزواج وإقامة وليمة فقط، لكن والدي يعارض فكرة الزواج؛ لأني أريد السكن في بيت بالإيجار، وهو يصر على الانتظار حتى أتمكن من بناء بيت.

علمًا بأني لا أملك حاليًا القدرة على ذلك، كما أن والدي يرفض مساعدتي في هذا الأمر، ويرفض تحديد موعد للعرس، ويصر على إقامة عرس غنائي، وأنا أريد أن ألتزم بما يرضي الله تعالى.

كيف أتعامل مع هذا الوضع؟ وهل يحق لي أن أتزوج وأقيم وليمة فقط، دون موافقة والدي إذا كان ذلك في حدود استطاعتي؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب.

في البداية، -أخي الفاضل- اجتهادك في تحسين وضعك المادي بالحلال لا شك أنه من خير المسالك، فالمسلم لا ينبغي أن يكون عالة على غيره، خاصة عندما ترغب في الزواج وإعفاف نفسك. جاء في الحديث: (ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف).

كما أن إقامة الوليمة في العرس من سنن الإشهار لهذا الزواج، كما ورد في حديث أنس في زواج عبد الرحمن بن عوف، حيث قال النبي ﷺ لما رأى أثر الصفرة في بعض ثيابه: (ما هذا؟ قال: تزوجت امرأة، فقال: ما أصدقتها؟ قال: وزن نواة من ذهب)، فقال: بارك الله لك، أولم ولو بشاة).

لذلك، يُستحب إقامة الوليمة للزواج مع الحرص على التخفيف وعدم الإسراف فيها، حسب القدرة.

أخي الفاضل، تصرف والدك يظهر فيه حرصه على اعتمادك على نفسك، وفي الوقت ذاته رغبته في أن يظهر زواجك بشكل لائق أمام الناس، إلا أن هذا الأمر يختلف عندما يكون الانتظار سببًا في تعرضك للفتنة، خاصة إذا امتلكت القدرة المادية للزواج وخشيت على نفسك من الحرام.

كما أن طلب والدك منك التأخير لبناء بيت وأنت لا تملك القدرة على ذلك، وفي الوقت ذاته لا يقدم لك المساعدة، قد يؤدي إلى تأخير زواجك لفترة أطول، لذلك ننصحك بما يلي:

أولاً: الحوار الهادئ مع والدك: اجلس مع والدك بحب واحترام، ووضح له أهمية الزواج بالنسبة لك، اشرح له أن التأخير قد يسبب لك ضررًا، وأن الإسراف لا يجوز في كل شيء حتى في الزواج، وذكره بحديث النبي ﷺ: (أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة).

ثانياً: الاستعانة بأهل الحكمة: إذا لم يتفهم والدك الأمر، يمكنك أن تستعين بأحد من أهل العلم والحكمة والمكانة لديه، ليشرح له وضعك وأهمية الزواج بالنسبة لك.

أخي العزيز: لا شك أن طاعة الوالدين واجبة، ولكنها مرتبطة بالمعروف، كما قال النبي ﷺ: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، فإن كان عدم زواجك سيتسبب في ضرر ديني أو أخلاقي لك، فيجوز أن تبادر بالزواج حتى دون إذن والدك إذا امتلكت الباءة، وأن يكون زواجك من فتاة متمسكة بالدين والأخلاق.

كذلك عدم القبول بممارسة ما لا يرضي الله تعالى في زواجك يرجع إليك أنت، ولكن مع الحرص على توضيح موقفك لوالدك بالحكمة والموعظة الحسنة.

إذا كانت إمكانياتك تتيح لك إقامة أسرة وتوفير الأساسيات، فهذا يدخل ضمن الباءة التي أشار إليها النبي ﷺ بقوله: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء).

أما إن كان الزواج مجرد رغبة مع عدم توفر الباءة بكل جوانبها كالنفقة والمسكن المناسب، فعليك أن تجاهد نفسك بالصبر والصوم وغض البصر عن الحرام حتى تتوفر لك الباءة الأساسية التي تقيم بها الزواج.

لا تجعل هذا الأمر يتسبب في شقاق بينك وبين والدك أو يؤثر على علاقتكما، حاول قدر الإمكان أن ترضيه، مع التوضيح أن بناء البيت يمكن أن يتحقق لاحقًا، وأن الله قد يفتح عليك أبواب الرزق بعد الزواج، فالغيب في علم الله تعالى.

أكثر من الاستخارة والدعاء بأن يلين الله قلب والدك، وأن يعينك على إتمام زواجك وتيسيره، كن صبورًا ومتفهمًا لموقف والدك، وابقَ حريصًا على إظهار الاحترام له والتقدير سواء بادرت بالزواج أو لم تبادر.

وفقك الله ويسر أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً