الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كثرة الغازات تصيبني بالحرج في صلاتي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من متلازمة القولون العصبي، والتي تتسبب في كثرة الغازات، مما يجعلني لا أستطيع أداء الصلاة بشكل صحيح، أمكث في الحمام كثيرًا، ومع ذلك لا أستطيع حبس الغازات، كما أنني أعاني من وساوس كثيرة تتعلق بهذا الموضوع.

أعاني من هذه الحالة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وكنت دائمًا أعيد الصلاة أكثر من مرة، لكن ذلك كان يجعل الصلاة ثقيلة عليّ، وأحيانًا أقول إن ما أعانيه مجرد وساوس، وأحيانًا أخرى أظن أن هذه الأصوات حقيقية، لا أعلم ماذا أفعل، فهل صلاتي باطلة أم لا؟

أيضًا، لا أستطيع أن أتوضأ في أي مكان غير منزلنا، لأنني أشك في نظافة الأماكن الأخرى، ففي الجامعة كنت أصلي، ثم أعيد الصلاة مرة أخرى عند عودتي إلى المنزل، أمَّا الآن فأجمع صلواتي وأصليها عندما أعود إلى البيت، فهل صلاتي بهذه الطريقة باطلة؟ وما الذي يجب علي فعله للتخلص من هذه الحالة؟ فقد تعبت كثيرًا، وأتمنى أن أعود إلى صلاتي بخشوع.

أشتاق لصلاة التراويح بخشوع، فمنذ ثلاث سنوات، كانت عائلتي تصلي خلفي، وكنت أركض إلى الصلاة بمجرد سماعي للأذان، وكنت أؤدي جميع النوافل، وكان لدي وقت مخصص لصلاة قيام الليل، أمَّا الآن، فلا أستطيع القيام بكل ذلك، وأبكي كثيرًا عندما أتذكر تلك الأيام، ونفسي تشتاق للخشوع في الصلاة، وللمواظبة على النوافل وقيام الليل.

أعتذر عن الإطالة، وأسألكم الدعاء لي بالهداية والشفاء، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة /سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يكتب لك تمام العافية والشفاء، وأن يصرف عنك كل مكروه.

أختنا العزيزة: إن المرض الذي تعانين منه يُصاب به كثير من الناس، وهو ليس حائلًا ولا مانعًا من أن تتعبدي لله -سبحانه وتعالى- بكثرة الصلوات.

والمطلوب فقط أن تتفقهي في أحكام الناقض المستمر من نواقض الوضوء، والذي يسميه العلماء الحدث الدائم، ومن رحمة الله -سبحانه وتعالى- أنه يسّر لنا أمور العبادات ليرفع عنّا الحرج، ومن ذلك أحكام الطهارة، وقد قال الله تعالى في آية الوضوء من سورة المائدة، مختتمًا الآية بقوله: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

ومن تيسير الله تعالى وتسهيله في أحكام الطهارة: ما شرعه سبحانه لصاحب العذر الدائم (الناقض المستمر)، وذلك بأن شرع له أن يتوضأ بعد دخول وقت الصلاة، ولا يُبالي بعد ذلك بما يخرج منه، بل يُصلّي بهذا الوضوء ما شاء من الفروض والنوافل، فإذا خرج وقت هذه الصلاة، ودخل وقت الصلاة التي بعدها، توضأ مرة ثانية بعد دخول الوقت، وهكذا.

وبهذا يتبيّن لكِ أن الأمر سهل يسير -بإذن الله-، ولا يحتاج إلى كل هذا القلق والعناء الذي تعانين منه.

وهذا الحكم خاص إذا كان الحدث دائمًا، والناقض مستمرًا، مثل خروج الغازات والريح بشكل مستمر، ونقصد بالشكل المستمر ألَّا تنقطع عن الإنسان فترة تكفيه للطهارة والصلاة.

فإذا كانت الغازات تنقطع وقتًا يكفي للطهارة والصلاة، فالواجب عليه أن ينتظر ذلك الوقت، فيتوضأ ويُصلّي فيه من غير نقضٍ للوضوء.

والذي فهمناه من سؤالك أن الغازات مستمرة في الخروج، ولا تنقطع وقتًا يكفيك للطهارة والصلاة، ومن ثم فإن الحكم كما بيّنّاه لك: إذا دخل الوقت، فتوضئي وصلي بهذا الوضوء، ولو خرج الريح أثناء الصلاة، فإن صلاتك صحيحة ولا تُنقض.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يسهل لك الخير، ويذهب عنك المكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً