الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وعدني طليقي بإرجاعي لكنه يماطل، فكيف أتصرف معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وعدني طليقي بأن يرجعني لذمته بعد أن طلقني ثلاث مرات، تزوجتُ بعدها من رجل آخر زواجًا شرعيًا، ثم انفصلنا، عدتُ بعدها إلى منزلنا السابق، الذي يسكنه حاليًا طليقي، أخبرني بأنه يرغب في إرجاعي، وقال: "سأعود إليكِ وسأبقى معكِ ما حييت" وعندما طلبتُ منه أن نذهب إلى المسجد لإتمام الزواج على سنة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، رفض، كررتُ المحاولة معه أربع مرات، لكنه لم يفِ بوعده.

أنا الآن أقيم في منزلنا المشترك، وهو يقول لي: "اقرئي القرآن، وكلي واشربي، وسأخدمكِ، ولا تعملي، وابقَي في المنزل واحرسيه، سأغيب وأسافر وسأعود، أنا حر أفعل ما أشاء، أنتِ الآن طليقتي". فبعد أن كان يعدني بالعودة، أصبح يتحدث وكأنه يعلمني الأدب، ويقول: "الزواج ليس لعبة" مع العلم أنني كنت سببًا في وقوع الطلقتين السابقتين، مع العلم أنه لا يخاف الله، ولا يتقرب إليّ، ولا يحافظ عليّ، وهو مريض بالسكري ويأخذ حقنًا، ويقول لي: "قولي يا رب".

ماذا أفعل؟ هل أصبر أم أتركه؟ دلوني على الطريق الصحيح، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نسأل الله تعالى أن يُقدِّر لك الخير حيث كان، ويرضيك به، وأن يصرف عنك شر الشيطان.

ونوصيك بأن تحذري كل الحذر من استدراج الشيطان لكِ حتى يَجرَّكِ إلى الوقوع في معصية الله تعالى؛ فإن الله -عز وجل- حذَّرنا من اتباع خطواته، فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ}. ومن خطوات الشيطان أنه يدعو المرأة إلى طرح حجابها أمام الرجل الأجنبي عنها، ومن خطواته تحسين خَلوة المرأة بالرجل الأجنبي عنها، ثم بعد ذلك يفتح أبوابًا من الكلام والعلاقات، حتى يصل بالإنسان إلى الوقوع في المعصية الكبيرة، ولهذا حذَّرنا الله تعالى من هذه الخطوات، وأمر بسدِّ الأبواب أمام فتنة الشيطان.

ومن المعلوم لديكِ أن فتنة الرجل بالمرأة من أعظم الفتن التي حذَّر منها النبي الكريم ﷺ في أكثر من حديث، كما حذَّر القرآن قبل ذلك أمهات المؤمنين بقوله سبحانه: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}، لهذا حرَّمت الشريعة على المرأة كشف شيء من جسدها أمام الرجل الأجنبي، غير الوجه والكفين، بشرط أمن الفتنة، وحرَّمت الشريعة أيضًا خلوة المرأة بالرجل الأجنبي، كما حرَّمت لمس الرجل الأجنبي للمرأة الأجنبية عنه؛ كلُّ هذا ليسُدَّ الطريق الذي يحاول الشيطان أن يسلكه بهذا الإنسان، ليجرَّه إلى الفاحشة.

فنوصيكِ بالتزام حدود الله تعالى، والوقوف عند محارمه، واعلمي أن الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يُقدِّر لك الأقدار، فهو الذي يقدِر على إسعادك أو شَقَاوتك؛ فكوني مع الله -سبحانه وتعالى- بأداء فرائضه، واجتناب محارمه، حتى يكون معك حافظًا وحارسًا، وحتى يُقدِّر لك الخير، ويهيئ لك أسباب السعادة.

وهذا الرجل الذي ذكرتِه في سؤالك، وهو طليقك السابق، هو أجنبي عنك ما دام لم يَعقد عليك العقد الشرعي، فيجب عليك أن تتعاملي معه كما تتعاملين مع غيره من الرجال الأجانب، وفق الضوابط التي ذكرناها لك، وإذا أردتِ الزواج به فالواجب هو إجراء عقد زواج بأركانه وشروطه، ومن هذه الأركان:

- الركن الأول: الولي الذي يَعقَد بكِ.
- الركن الثاني: صيغة العقد، أي الكلام الذي يُقال عند العقد، بأن يقول الولي: "زوَّجتُك بنتي -أو أختي أو فلانة- التي وكلتني" أو نحو ذلك من الكلام، ويقول الزوج: "قبلتُ".
- حضور شاهدين فأكثر.

فالعقد الشرعي لا بد له من أركان حتى يكون صحيحًا، وقد أحسنتِ حين عرضتِ عليه أن تذهبي معه إلى مسجد، لإجراء هذا العقد على سُنّة الله ورسوله، فإذا لم يرضَ بإجراء هذا العقد فعليك أن تتركيه، وأن تحذري من مخالطته وتجاوز الحدود الشرعية التي بيناها لك.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يُقدِّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً