الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نعطي أختنا الدواء وهي ترفض تناوله؟

السؤال

أنا صاحبة الاستشارة رقم 2553656، وأود أن أتوجه بالشكر إلى الدكتور محمد عبد العليم، وجميع القائمين على شبكة إسلام ويب، جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم؛ الحمد لله، شعرت بالطمأنينة بفضل الله، ثم بفضل إجابتكم على سؤالي، وأسأل الله أن يرزقكم الصحة والعافية.

لا أستطيع عرض حالة أختي على طبيب؛ لأن الطب النفسي في محافظتي ضعيف جدًا ومعروف بذلك، كما أنني لا أستطيع السفر إلى القاهرة في الوقت الحالي، هي ترفض تناول أي علاج، حتى أدوية الغدة والفيتامينات، والمشكلة الأكبر أنها تعمل "مساعد صيدلي" وتعرف الأدوية جيدًا؛ لذلك لا يمكنني التحايل عليها.

للأسف، ظهرت لديها أعراض جديدة منذ ثلاثة أيام، فقد بدأت تتحدث وتضحك مع أشخاص من أقاربنا، لكنهم غير موجودين في البيت، وعندما سألتها إن كانت تتحدث إليهم عبر الهاتف، أجابت بأنها تتواصل معهم بالخواطر، كما أن لديها من قبل بعض الطقوس الوسواسية، وهي لم تتناول أي طعام منذ ثلاثة أيام، وأخشى أن يتدهور وضعها الصحي.

التحاليل أظهرت أنها تعاني من نقص شديد في فيتامين D و B12، وهي في الأصل نباتية، ولكن خلال السنوات الخمس الأخيرة، أصبح غذاؤها ضعيفًا جدًا، حتى الخضروات لم تعد تتناولها.

هل يمكن أن يكون سبب حالتها، خللاً في الغدة، أو نقص الفيتامينات وسوء التغذية؟ وهل يمكن وصف دواء يمكن طحنه ووضعه في العصير أو الزبادي، دون أن تلاحظ؟

في استشارتي السابقة أجبتموني بأن ما حدث في العام الذي تلا وفاة والدي لا ذنب لي فيه، ولكن سؤالي: هل المشاكل التي ذكرتها في الاستشارة السابقة، والتي حدثت بعد ذلك قد كان لها تأثير أيضًا؟ وهذا ما قصدته بكلمة "وخلافه".

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا على كلماتك الطيبة بحق إسلام ويب، وكذلك حول شخصي الضعيف، ونسأل الله العلي العظيم أن ينفع بنا جميعًا.

أيتها الفاضلة الكريمة، مهما كان مستوى الطب النفسي غير متطور في محافظتك، فأنا متأكد أن مثل حالة أختك حالة واضحة وظاهرة جدًّا، ويسهل على الطبيب أن يتخذ قرارًا علاجيًا حولها، وكما ذكرتُ لك، يُحتمل أنها تندرج ضمن إحدى الحالات الذهانية الحادة؛ إذًا الوضع الأمثل أن تراجعي طبيبًا نفسيًا، حتى وإن لم تكوني مرتاحة لمستواه العلمي، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: يمكن أن أصف لك دواءً معروفًا وسليمًا، وهذا طبعًا تعطيه لها إذا تعذّر الوصول إلى الطبيب، إذا كان عمرها أكثر من 18 عامًا، فيمكن أن نصف لها الدواء طبعًا، أمَّا إذا كانت أقل من 18 سنة فسيكون من الصعوبة جدًّا أن نصف لها أي دواء، ويجب أن يكون أي وصف للدواء تحت إشراف الطبيب، حتى وإن كان طبيبًا عامًا أو طبيبًا للأمراض الباطنية.

الدواء الجيد يُسمى (أولانزابين، Olanzapine)، وهو من مضادات الحالات الذهانية، ويحسّن النوم بصورة ممتازة جدًا، كما أن جرعته مختصرة جدًّا، وهي 5 ملغ في اليوم، الجرعة التي تناسب هذه الفتاة -بشرط التأكد من موضوع العمر- هي 5 ملغ ليلاً لمدة عشرة أيام، وستكون جرعة مناسبة جدًّا، والحمد لله الأولانزابين يوجد منه مستحضر يذوب في السوائل: في الماء، في العصير، في الشاي، في غيره يذوب تمامًا وليس له رائحة أو طعم، مما يجعله مناسبًا جدًّا لحالة هذه الأخت، وهذا المستحضر حقيقةً ساعدنا كثيرًا في علاج الكثير من الحالات التي ترفض تناول الدواء.

إذن 5 ملغ ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم يمكن رفع الجرعة إلى 10 مغ ليلاً، وأتصور أو الشيء الذي أتوقعه -بإذن الله- أن حالتها سوف تتحسَّن كثيرًا في خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وبعد تحسن الحالة يمكن أن تستمر على 10 مغ لمدة شهر مثلاً، ثم تُخفض الجرعة وتُجعل 5 ملغ ليلاً لمدة شهر إلى شهرين، ثم يوقف الدواء، وطبعًا حين تبدأ بوادر التحسن، وتصبح هذه الأخت أكثر مرونة لقبول العلاج، هنا يمكن عرضها على الطبيب.

أيضًا -أيتها الفاضلة الكريمة- من الضروري التأكد من مستوى ضغط الدم لديها، هذا مهم جدًّا، وكذلك الفحوصات العامة كما نُوصي دائمًا ضرورية، مثل نقص فيتامين (د) لن يكون له تعارض مع عقار أولانزابين، لكن لا بد أن تعوض هذه النواقص إن وجدت، وكذلك نقص فيتامين (ب12)، نعم هذه النواقص لا بد أن تُعوّض، ولا بد أن نتأكد أيضًا من مستوى فعالية الغدة الدرقية، لتعطى العلاج التعويضي المناسب في حالة وجود أي عجز.

بارك الله فيكم، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً