الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالندم وعدم الارتياح بعد الخطبة.. أرجو المساعدة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في الثلاثين من عمري، وقد خطبت فتاة قبل شهرين تتمتع بالأخلاق والدين، وكنت قد تقدمت لطلبها قبل سنوات بشكل غير رسمي بسبب عدم قدرتي المالية آنذاك، وقد كانت خطبتي منها عبر أخيها الذي هو صديقي، لكن بعد الخطبة بدأت أشعر بالندم لأسباب عدة:

- هي متوسطة الجمال وقصيرة القامة، طولها 150 سم، وأنا طولي 170 سم، فبدأت أخاف أن يرزقني الله أطفالًا قصيري القامة.

- لديها أخوات غير متزوجات، وهي الوحيدة والأصغر بينهم، فأشعر أنه لا يوجد لدي عُدلاء (أزواج لأخواتها).

- أحد أفراد الأسرة مصاب بمرض السكري، وليس العائلة كلها، فأخشى أن ينتقل هذا المرض إلى أولادي في المستقبل.

أرجو مساعدتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك اهتمامك وحرصك على السؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يُصلح أحوالك.

اعلم أن هذه المخاوف غير مبررة، خاصةً وأنها ظهرت متأخرة، فالمهم هو ما كان من ارتياح وانشراح ومودة متبادلة وقبول في البداية، وبعد ذلك يجب أن نعي أن الشيطان لا يريد لنا الخير ولا الحلال، فقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "يريد أن يُبغّض إليكم ما أحل الله لكم"، وذلك ردًا على من طلب النصح، وقال إنه لم يعد يحب زوجته، فأجابه: "إن الحب من الرحمن، وإن البغض من الشيطان، يريد أن يُبغّض إليكم ما أحل الله لكم"، ولهذا لا بد من التعوذ بالله من الشيطان.

واعلم أنك لن تجد فتاة بلا نقائص، كما أنك كرجل لا تخلو من العيوب، فنحن بشر، ومن الذي تُرضى سجاياه كلها؟ وكفى بالمرء نبلًا أن تُعدّ معايبه، فكل امرأة فيها إيجابيات وعندها سلبيات، وكذلك أي رجل فيه إيجابيات وعنده سلبيات.

ولذلك النبي ﷺ أعطانا المعيار الصحيح، فقال: «لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً، إن كره منها خلقًا، رضي منها آخر»؛ أي لا يُبغضها لصفة واحدة وينسى صفاتها الطيبة الأخرى.

أما بالنسبة لما ذكرت من كون أخواتها غير متزوجات، فلا ذنب لها في ذلك، ولا علاقة لها بهذه الأمور، فقد يفتح الله عليهنَّ من الغد ويتزوجن، ويسعدن ويُرزقن بالأبناء، ويكون لهن أطفال، فهذا ليس معيارًا يعدّه الإنسان، وليس من الصواب أن تجعل هذا الاحتمال سببًا في تردّدك، وأيضًا لا ذنب لها فيه، وأرجو أن تُغيّر هذه الفكرة تمامًا، وتتمنى لأخواتك ولأخواتها ولجميع بنات المسلمين الخير والتوفيق والزواج المبارك.

وبالنسبة للملاحظة الثالثة، وهي خوفك من إصابة أحد أفراد الأسرة بمرض السكري، فدعني أقول لك: أي عائلة ليس فيها هذا المرض؟! هذا المرض ليس عيبًا، وكون أحد إخوانها مصابًا فلا علاقة له بها هي، ولا يُعدّ ذلك تاريخًا مرضيًا مباشرًا، يعني ليس والدها مصابًا به ولا والدتها، فالمرض يبتلي به الله -تبارك وتعالى- مَن شاء.

وعليه، نرى أن هذه الأسباب التي ذكرتها ليست في محلها، ولا تكفي لتُغيّر نظرتك عن هذه المرأة، ونسأل الله أن يُعينك على إكمال هذا المشوار، ونحب أن نؤكد لك أن الإنسان ينبغي أن يتعامل مع بنات الناس بمسؤولية، فلا يفعل مع بنات الناس ما لا يرضاه لأخواته، وما لا يرضاه لبناته.

لذلك ننصحك بأن تُكمل المشوار مع هذه المرأة التي فكرت فيها منذ زمن، وشقيقها صديق لك، وخطبتها خطبة رسمية، ثم بدأت تطرأ عليك هذه الوساوس التي تُشوش عليك، وهذا – كما ذكرنا – شأن الشيطان، لأنه لا يريد لنا الزواج والحلال.

ونسأل الله أن يجمع بينكما في الخير وعلى الخير، واعلم أن مستقبل الأطفال، وصحتهم، وحياتهم، ورزقهم، هذا بتقدير الله تبارك وتعالى، وليس للإنسان أن يتخيل مثل هذه التخيلات، وليس له أن يبني حياته على الظنون والأوهام.

ونسأل الله أن يقدّر لك الخير، ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً