الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي خلاف مع والدي تأثر به أولادي، فكيف أتصرف؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي خلاف مع والدي، ونتيجة لهذا الخلاف امتنع أولادي عن زيارته، أو التواصل معه، دون أن أوجههم إلى ذلك، أو أطلب منهم ذلك صراحة.
سؤالي: هل يُعد هذا الفعل من أبنائي نوعًا من العقوق تجاه جدهم؟ وهل يدخل الأحفاد ضمن دائرة العقوق؟

أنا على يقين بأن ما يحدث يُصنَّف ضمن قطيعة الرحم من جانب أولادي تجاه والدي، ولكن سؤالي الأساس هو: هل تُعد هذه القطيعة عقوقًا شرعيًا من قِبل الأحفاد؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هالة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لكِ تواصلكِ بالموقع، ونسأل الله تعالى أن يلهمكِ الرُّشد والصَّواب، وأن يُعينكِ على بر والدكِ.

وينبغي أن تعلمي أولًا -أختنا العزيزة الفاضلة- أن الوالد حقه عظيم، وقد قرن الله تعالى الوصية به بالأمر بتوحيد الله تعالى وعبادته، فقال سبحانه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾، وأن تنهي هذا الخلاف وتتقربي من والدك، فالخلاف ولو كان على أهم المهمات وهو الدين، فلا يجوز أن يكون معه قطيعة أو سوء في المعاملة، قال تعالى: [وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا...] هذا في شأن الخلاف في أمر الدين، ثم قال في المعاملة الواجبة تجاههما: [وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ].

والوصية بالوالدين في القرآن كثيرة، وأكثر منها ما ورد في كلام رسول الله ﷺ، وعقوقهما من أكبر الكبائر، كما دلت على ذلك النصوص الشرعية، فنوصيكِ أولًا أن تبذلي جُهْدَكِ في بر والدكِ والإحسان إليه.

وقد أحسنتِ -أختنا العزيزة- حين سألتِ عن سلوك أولادكِ، وهل هو داخل في العقوق للوالد حينما يَعقُّون جَدَّهم؟ وهذا السؤال دليل على حسن إسلامكِ، فإن «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ ‌خَيْرًا ‌يُفَقِّهْهُ ‌فِي ‌الدِّينِ»، ويُلهمه الحاجة إلى السؤال والتعرف إلى الأحكام الشرعية، فنسأل الله تعالى أن يُصلح أحوالكم كلها، وأن يرزقكِ بر أولادكِ بكِ.

وبخصوص ما سألتِ عنه -أختنا العزيزة- من قطيعة أولادكِ لجدِّهم، وهل هو عقوق أم لا؟ فالجواب: نعم، هو عقوق، فإن "الوالدين" في اللغة العربية هما كل مَن لهما على الإنسان ولادة، فـالوالد المباشر الأب والأم، ولكن الجد والجدة لهما ولادة بواسطة، أي ولد مَن ولد الإنسان، ولهذا الفقهاء حين يُفسِّرون "الوالدين" في كلام الله ورسوله ﷺ يقولون: يشمل الجد والجدة، لأن الجد والد، والجدة والدة، فهما داخلان في الآية القرآنية، وداخلان في أحاديث رسول الله ﷺ في كلامه عن الوالد.

ولهذا يجب عليكِ أن تنصحي أولادكِ، وأن تُذكِّريهم بحرمة العقوق، وأنه من كبائر الذنوب، وأن الإنسان قد يُحرم خيرات كثيرة بسبب عقوقه، والبر، والإحسان، وصلة الجد والجدة، هو من صلة الرحم، وهو أيضًا برٌّ بالوالد، فهو عبادة مضاعفة الأجر.

فلا ينبغي أبدًا، ولا يجوز أن يُقصّر الإنسان في الواجب عليه بحجة أنه وقع خلاف أو نحو ذلك، فقد أمر الله تعالى بمعاشرة الوالد والإحسان إليه مهما بلغت إساءته، كما أسلفنا، وثقي أنك عندما تنهين الخلاف مع والدك، وتصلينه؛ فإن أبناءك بالضرورة سيقتدون بك، ويقومون بصلة جدهم.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يُوفّقكم لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات