الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجدت في هاتف مخطوبتي ما لا يرضيني، فكيف أعالج الأمر؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تقدمت لخطبة فتاة أحسبها عند الله ملتزمة ومن بيت صالح، وفي خلال فترة الخطبة حصل بيننا قبول وتفاهم وصل لدرجة الحب، وأعنتها على الاهتمام بالصلاة ولبس النقاب، واستجابت بسهولة؛ لأنها تحبه وتريد الالتزام.

سؤالي هو، رأيت على الهاتف الخاص أنها بحثت عن الإباحية وهي لا تعلم أني عرفت.

ما الحل؟ وما الواجب عليّ دينيًا ودنيويًا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ karim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -أخي الكريم- في إسلام ويب، وردًا على استشارتك أجيبك في نقاط:

• إن من نعمة الله على العبد أن يجد المرء فتاة ملتزمة وقابلة للتوجيه والنصح، ولكن ما كان ينبغي أن تبني معها علاقة حب في هذه المرحلة، فإنها لا تزال أجنبية بالنسبة لك.

• أنت مأجور في توجيهك ونصحك لها بالاهتمام بالصلاة ولبس النقاب، فالنبي ﷺ يقول: «مَنْ ‌دَلَّ ‌عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» [رواه مسلم]، ويقول: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا، كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، ‌لَا ‌يَنْقُصُ ‌مِنْ ‌أُجُورِهِمْ شَيْئًا» [رواه ابن ماجه].

• ما كان ينبغي أن تفتش هاتفها؛ لأن ذلك من التجسس المذموم، وما أظن أنك تقبل أن يأتي شخص آخر ويفتش هاتفك، وما وجدته ليس دليلًا على أنها هي من قام بالبحث، فيمكن أن يكون شخصًا آخر استخدم هاتفها، ولو افترضنا أنها هي من بحث، فلعل ذلك مجرد فضول، ويمكن أن تكون وصلت للمحتوى، ويمكن أن تكون لم تصل.

• لو افترضنا أنها فتشت، فهذا لا يعني أنها صارت مدمنة على ذلك، وبما أنها متدينة وتقبل النصح والتوجيه، يمكن إصلاح ذلك بالترغيب والترهيب، وبأسلوب حسن لا يشعرها أنك رأيت شيئًا، وعليك أن تستخدم الرفق، فـ «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ ‌فِي ‌شَيْءٍ ‌إِلَّا ‌زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» [رواه مسلم]، واجعل تباعدًا في أوقات النصح.

• اعلم أن قلب هذه الفتاة وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء، فاجعل همك هدايتها إلى الخير.

• توجه إلى ربك بالتضرع بالدعاء أن يصلح الله حالها، وأن يرزقها الاستقامة، وتحين أوقات الإجابة كما بين الأذان والإقامة، وأنت ساجد، والثلث الأخير من الليل، وما بين العصر إلى المغرب من كل جمعة، وكن على يقين أن الله سيستجيب دعاءك، ففي الحديث القدسي: «إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إنْ ‌ظَنَّ ‌خَيْرًا ‌فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ» [رواه ابن حبان].

• لا تخبرها بما رأيت، ولا تحشرها في زاوية ضيقة، فإنه ما منا من أحد إلا وقد يزل ويقع في الذنب، ولكنه إذا نُصح فقبل النصح، وتاب وحسنت توبته، وهذا هو المقصود.

• وجّه هذه الفتاة للالتحاق بحلقة لتحفيظ القرآن الكريم، ففي الحلقة ستجد إن شاء الله الفتيات الصالحات اللاتي يُعنها على الاستقامة، ولعلك تدرك ما للصاحب من تأثير، فالنبي ﷺ يقول، «إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والجَلِيسِ السُّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً»، ويقول ﷺ: «‌الْمَرْءُ ‌عَلَى ‌دِينِ ‌خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» [رواه أحمد]، ويقال في المثل، الصاحب ساحب.

• حثها على صيام بعض الأيام الفاضلة، فالصيام ثمرته تقوى الله تعالى، كما قال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

• حثها على قيام الليل، فقيام الليل يُنمي في النفس حب الله والخضوع له ومراقبته.

• لو افترضنا أن الشيطان قد سوّل لها البحث عن المقاطع الإباحية، فهذا خطأ يمكن أن يقع فيه الكثير من الناس، ذكورًا وإناثًا، ولكن عليك أن تنظر في صفاتها الإيجابية، والتي قد تكون كثيرة، والعبرة دائمًا بكثرة الحسنات لا بقلة الزلات، ومن كثرت حسناته على سيئاته غمرت سيئاته في بحر حسناته، كما يقول العلماء رحمهم الله.

• كونك رأيت ما رأيت في هاتفها، لا يعني أن تتراجع عن خطبتها، واستمر في النصح والتوجيه دون أن تدخل في علاقة الحب والغرام، فهذا كما سبق لا يجوز في هذه المرحلة، واحذر أن تغرق في التفكير بهذا الأمر، بل انساه تمامًا.

• ننصحك قبل العقد بها أن تستخير الله تعالى بجانب هذه الاستشارة، فإن اطمأن قلبك فتوكل على الله، (وما خاب من استخار، ولا ندم من استشار)، واعلم أنها إن كانت من نصيبك فسوف يُريك الله منها ما تقر به عينك.

نسأل الله أن يُصلح هذه الفتاة، وأن يكتب لها ولك الخير، ونسعد بتواصلك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً