السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة جميلة وذات أخلاق حسنة، كثيرًا ما يأتي الخطاب إلى منزلي ثم لا يعودون، وقد تكررت هذه الحالة معي مرات عديدة، مما سبب لي إحباطًا شديدًا، أرجو مساعدتي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة جميلة وذات أخلاق حسنة، كثيرًا ما يأتي الخطاب إلى منزلي ثم لا يعودون، وقد تكررت هذه الحالة معي مرات عديدة، مما سبب لي إحباطًا شديدًا، أرجو مساعدتي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في إسلام ويب، وردًا على استشارتك نقول وبالله تعالى نستعين:
إنّنا نُحسّ بما تجدينه في نفسك -أختنا الكريمة- لأنه أمرٌ فطري؛ إذ ترغب كلُّ فتاةٍ في مثل سنِّك في الاستقرار وتكوين أسرة، وإنا نسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي يُسعدك في هذه الحياة، وأن يجعل حياتك هانئة مطمئنة.
وكوني على يقين أن الزواج رزقٌ مُقدَّر من عند الله، كتب الله ذلك لكل إنسان، كتب رزقه ممَّن سيتزوج، ومتى وقت زواجه، ورزقك سيأتيك في الوقت الذي قدَّره ربنا جل جلاله، فكوني مطمئنة ولا تقلقي.
وكونُ بعضِ الخُطّاب يأتون ثم لا يعودون، فذلك أيضًا أمرٌ مُقدَّر؛ إذ لم يكن أيٌّ منهم مُقدّر أن يكون من نصيبك، ولم يأتِ الوقت الذي قدّر اللهُ فيه حصول ذلك، يقول ربُّنا سبحانه في كتابه الكريم: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، وقال ﷺ: «قَدَّرَ اللهُ مَقَادِيرَ الخَلْقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلِقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَة، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»، وقال: «لَمَّا خَلَقَ اللهُ القَلَمَ قال له: اكْتُبْ، فَقَالَ: وَمَا أَكْتُب؟ قَالَ: اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَومِ الْقِيامَة»، وقال ﷺ: «كُلُّ شَيْءٍ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ، حَتَّى العَجْزُ وَالْكَيْسُ»، والكيس: الفِطنة.
كثير من الفتيات يحصل لهنَّ ما يحصل لك، وهذا ابتلاء من الله تعالى ليختبر الصبر، وليعظم الأجر، وليرفع المكانة؛ فالجزاء يكون على قدر البلاء، فإن عظم البلاء عظم الجزاء، والابتلاء عنوان محبة الله للعبد، فقد قال: ﷺ: «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ»، فعليك أن ترضي بقضاء الله وقدره، وحذار أن تتسخطي، وإلا فالجزاء من جنس العمل.
عدم رجوع الخطاب ليس دليلًا على نقص في دينك وأخلاقك وجمالك، وإنما هو -كما سبق- نوع ابتلاء، وأن هؤلاء ليسوا من رزقك، ولست من رزقهم، والوقت لم يحن بعد.
أسباب عدم عودة الخاطب كثيرة، منها:
• وجود اختلاف بين الأسرتين.
• رأي الأب أو الأم فيك أو في أسرتك، وليس رأي الشاب نفسه.
• تفكير الشاب المادي؛ فهو يريد مثلًا فتاة عندها وظيفة أو أن تحمل شهادة علمية معينة.
• تردد الخاطب، أو خوفه من الإقدام، أو حصول ضغوط من قبل أهله، أو أنه أتى للمقارنة بينك وبين فتاة أخرى لا من ناحية الجمال وإنما من نواحٍ أخرى.
• أنه لا يصلح لك، فلذلك صرفه الله عنك رحمة بك ولطفًا؛ فليس كل ما يحبه الإنسان يكون له فيه خير، وليس كل ما يكرهه فيه شر، واسمعي لقول الله سبحانه: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
لو نظرت حولك لوجدت بعض الفتيات تزوجن ولكن حياتهنَّ في نكد وظلم، وكم من الفتيات طُلِّقن بعد فترة وجيزة من الزواج، فلعلَّ الله أراد بك الخير فصرف أولئك الناس عنك، ولو أنه حصل وتزوجت لكنتِ اليوم في شقاء وعناء، وظلم وهمّ وغمّ، فاحمدي الله تعالى على السراء والضراء، وعلى العطاء والمنع، فإن في الضراء والمنع أيضًا خير.
أكثري من الدعاء وتحيني أوقات الاستجابة؛ كالثلث الأخير من الليل، وأثناء السجود، وأحسني الظن بالله تعالى؛ ففي الحديث القدسي يقول الله جل في علاه: «أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبْدِي بِي؛ فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ، فَإِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ بِي شَرًّا فَلَهُ».
أكثري من دعاء الكرب، وهو: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ»، فذلك من أسباب تفريج الكروب -بإذن الله تعالى-.
رددي كثيرًا دعوة ذي النون؛ فقد صح في الحديث أن النبي ﷺ قال: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إذْ دَعَا بِهَا فِي بَطْنِ الحُوتِ: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْعُو بِهَا مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ».
حافظي على الصلوات الخمس في أوقاتها، وأكثري من نوافل الصلاة والصوم، واشغلي نفسك واملئي أوقاتك في أعمال البر والخير؛ فذلك سيجلب لقلبك الراحة والطمأنينة، يقول تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
ارقي نفسك بالآيات القرآنية والأدعية النبوية؛ ففيها تهدئة لنفسك وانشراح لصدرك، لا أن فيك سحرًا أو عينًا أو حسدًا.
أوصيك أن تلتحقي بحلقة لتحفيظ القرآن الكريم؛ ففيها ستقضين وقتًا ممتعًا تحفظين كتاب الله تعالى، وستجدين الصديقات الصالحات، ومن خلال اختلاطك بهن قد يساعدنك في إيجاد زوج صالح -بإذن الله تعالى-، فإن المكوث في البيت يجعلك غير معروفة، فالنساء هن مفتاح الخير في هذا الباب، والعمل بالأسباب مطلوب.
من كان من نصيبك فلن يستطيع أحد من البشر أن يمنعه من الزواج بك، ومن كان ليس من نصيبك فلو بذلتِ ما في الأرض فلن تتمكني من الزواج به.
ما تجدينه من الإحباط قد يكون سببه ضعفًا في الإيمان، فنوصيك أن تقوي إيمانك بالله تعالى وبقضائه وقدره، واحذري أن تجعلي ذلك الإحباط يسقط ثقتك بنفسك؛ فأنت كما ذكرتِ عندك من المواصفات ما يتمناه أي شاب، فعززي ذلك بالاستقامة على دينك وأدائك للعبادات، وسترين خيرًا -بإذن الله تعالى-.
عدم عودة الخطاب قد لا تكونين أنت السبب، ولكن طريقة استقبال أهلك لهم أو لأهلهم؛ فلم يروا البشاشة وحسن الترحيب بهم، بل رأوا في وجوههم عدم الارتياح، أو أنهم قدموا له أو لهم أسئلة غير مناسبة.
قد يعود سبب عدم عودة الخاطب إلى أنهم رأوا منك قلقًا وتوترًا مفرطًا أثناء الرؤية؛ ولذلك ننصحك أن تكوني هادئة وغير متكلفة، وأن يراكِ على طبيعتك دون استخدام أي مساحيق تجميل؛ لأن استخدامها عند الرؤية الشرعية قد يعطي للطرف الآخر أن الجمال مصطنع.
قد يعود السبب إلى إفراطك في الصمت، أو مبالغتك في الكلام، فإن كان الأمر كذلك فنوصيك بالاعتدال؛ فكوني مستمعة جيدة ومشاركة مهذبة أثناء الحوار كي يعطي الحديث انطباعًا بوعيك واتزانك.
نوصيك كلما تقدم لك شاب أن تصلي صلاة الاستخارة وتدعي بالدعاء المأثور؛ فاختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه، وما خاب من استخار، ولا ندم من استشار.
بإمكانك أن تبحثي عن سبب عدم عودة الخاطب عن طريق بعض المقربات منك من الأهل أو الصديقات، وليكن البحث بلطف؛ فقد يتم التوصل لمعرفة السبب، ويكون الأمر يسيرًا يمكن تداركه في حال أن تقدم خاطب آخر.
نسأل الله تعالى لك التوفيق، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة، ونسعد بتواصلك.