السؤال
هل إصابات الرأس وأكل الغراء (الصمغ) أو شمه وتناول كمية كبيرة جداً من الأدوية تسبب مرض الذهان؟
هل إصابات الرأس وأكل الغراء (الصمغ) أو شمه وتناول كمية كبيرة جداً من الأدوية تسبب مرض الذهان؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
إصابات الرأس بالطبع لها تأثيرات سلبية كثيرة على حركة المخ وعلى الخلايا العصبية، ولكن هذه الإصابة تعتمد على درجتها وعلى المرحلة العمرية التي أصيب فيها الإنسان، وكذلك على شدتها وعلى المنطقة التي أثرت فيها على المخ.
والبدايات التي أثبتتها الأبحاث تشير إلى أن الأطفال الذين يتعرضون إلى إصابات في رأسهم في أثناء الولادة، والذي قد ينتج منه انقطاع أو قلة في الأكسجين ربما يكونون أكثر عرضة من غيرهم لبعض الأمراض الذُّهانية خاصة مرض الفصام، لا نقول إن هذه الإصابات سوف تكون هي السبب في حد ذاتها، ولكنها ربما تكون عاملاً من العوامل المسببة - إذا توافرت العوامل الأخرى - لحدوث المرض.
الشيء الثاني: هنالك نوع من إصابات الرأس الشديدة، خاصة التي تتناول الفص الأمامي في المخ أو الفص الصدغي في المخ، فهذه المناطق تعتبر مناطق حساسة جدّاً وهي تتحكم في الذاكرة والاقتدار وتحليل المعلومة، كما أنها تتحكم أيضاً في العواطف والوجدان، فإصابات الفص الأمامي أو الفص الصدغي بإصابات شديدة ربما تؤدي إلى الإصابة بالذُّهان، وإصابة الفص الأمامي خاصة بجانب الذُّهان ربما تؤدي إلى تغيرات كبيرة في شخصية الإنسان، ووجد أن الإصابة بالنسبة للفص الصدغي إذا كانت بالجانب الأيمن ربما تؤدي إلى أمراض ذُهانية مماثلة لمرض الفصام، وإذا كانت الإصابة في الشق الأيسر للفص الصدغي ربما تؤدي إلى أمراض أو حالات اكتئابية تتخللها بعض سمات الذهان.
إذن: هنالك علاقة بين إصابات الرأس والإصابة بمرض الذهان، ولكنها ليس علاقة مطلقة، ربما تكون عاملاً مساعداً إذا توافرت العوامل السببية الأخرى كما أشرت، هذا النوع من المرض الذُّهاني إذا حدث يسمى بالمرض الذُّهاني الناشئ من إصابة الرأس، أو الذي هو ناتج عن إصابة عضوية.
بالنسبة لأكل الصمغ أو شمه وتناوله هذه من الظواهر المؤسفة جدّاً، والصمغ وكذلك بعض المواد المشابهة له محتويات ومشتقات البترول بصفة عامة تحمل مادة نشطة تعرف باسم (هيدروكربونز)، التي تعتبر موادا سامة لخلايا المخ وكذلك لأعضاء أخرى في الجسم، وعليه فتناول الصمغ أو الغراء أو المواد المشابهة يؤدي إلى خلل وتلف في خلايا المخ ينتج عنه في بعض الحالات أمراض ذُهانية، وفي حالات أخرى ينتج عنه اضطراب في الاقتدار والذاكرة والتركيز والتذكر، وفوق ذلك يؤدي إلى تغيرات في الشخصية، فشخصية الإنسان الذي يتناول هذه المواد ويدمن عليها يحدث لشخصيته نوع من السطحية والاضمحلال، أي أن الشخصية لا تحس فيها الاقتدار أو العمق أو التفاعل الإيجابي، ويزاد على ذلك أيضاً أن تناول هذه المواد ربما يؤدي إلى الاكتئاب ويؤدي إلى حدوث نوع من الهلاوس خاصة الهلاوس النظرية، فلا شك أنها من أقبح وأسوأ ما يمكن أن يدمن عليه الإنسان، نسأل الله العفو والعافية.
وبالله التوفيق.