الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إمكانية علاج الاكتئاب

السؤال

السلام عليكم.

أنا صاحب الاستشارة رقم (273774)، والاستشارة رقم (274433)، وللتذكير فإن حالتي يُشرف على علاجها الدكتور محمد عبد العليم.

في البداية أود أن أشكرك على الشرح والتوضيح الذي سردته في الرسالة الأخيرة التي بعثتها لي، وأنا في الحقيقة كنت أعتبر أن حالة الانشراح التي أصابتني هي نوع من التحسن، ولكنني حينما قرأت الرسالة عرفت الحقيقة المرة، وهي أنني مصاب بالاكتئاب ثنائي القطبية، وأنا أتقبل ذلك لأنه كما قلت لي في الرسالة هذا قدر الإنسان وهذا ما كتبه الله له.

أعرف أنك لا تحبذ المدح كثيراً، ولكنني أقول لك شيئاً، وهو أنني ممتن لك -يا دكتور- لأنك شخّصت حالتي بكل دقة، ولولا هذا التشخيص لازداد الوضع تأزماً، ولتطورت حالتي إلى الأسوأ، ولهذا سأبقى دائماً أتذكرك في صلاتي وفي دعائي فأنا وبكل صراحة ممتن لك.

إنني واثق أن الحالة التي أصابتي في السابق هي حالة انشراح فقط، وليست حالة هوس - تماماً كما ذكرت - وأنا أتذكر تلك الحالة التي مرت علي جيداً، وقد وصفتها لك في الرسالة الأولى.

لا أخفي عليك - يا دكتور - إنني مشتاق كثيراً إلى تلك الأيام التي ذقت فيها طعم الحياة - حتى لو كانت حالة مرضية - فقد كنت إنساناً سوياً جداً أي أنني أحزن في مواقف الحزن، وأفرح في أوقات الفرح، وأحس بمشاعر الآخرين، وأكوّن صداقات، وأتفاعل إيجابياً مع الناس، وأتكلم بكل فصاحة، وألعب وأمرح، وألهو وأبكي..الخ الخ.... عكس ما أنا عليه الآن تماماً من إحباط، وفشل، وعدم الاستمتاع بالنشاطات اليومية، وإهمال للدراسة بسبب عدم التركيز لأنني أدرس تخصص علوم، وهذا يحتاج إلى كثير من التركيز.

أعرف أن كل هذا قد ذكرته لك في الرسالتين السابقتين، ولا أريدك أن تعقب على كل نقطة؛ لأن ذلك سوف يأخذ الكثير من وقتك وجهدك ولكنني أقول لك شيئاً؛ لأنني أعتقد أنك لم تجرب الاكتئاب يوماً: فإن الاكتئاب النفسي يحطمك من الداخل ويجعلك إنساناً غير صالح لأي شيء.

أنا أعرف أن الأمراض العضوية الأخرى ليست أقل حدة، ولكني أعرف أيضاً أن الاكتئاب النفسي أكثر حدة، فهو يلازمك دائماً، ويستهدف طموحاتك وأفكارك، بل ويستهدف مستقبلك بكامله، وعذاب الاكتئاب لا يقارن بأي عذاب، والحمد لله على كل حال.

في الختام أود أن أستفسر عن بعض الأمور، وهي أنني ومنذ أنا أصابتني الانتكاسة لا أستطيع أن أغضب، أي أنني لا أشعر بالغضب حتى لو كان الخطر يستهدفني، ولا أدري حقيقةً ما هي هذه الحالة؟ وهل هي مرتبطة بالمرض الذي أعاني منه؟ فأنا لا أغضب أبداً، فقط أكتفي بالصراخ، وأتمنى أن أجد حلاً لهذه المشكلة.

والأمر الثاني: أنني الآن أعاني من الاكتئاب الذي يكثر فيه النوم، أي أنني أنام كثيراً، وحتى بدون أي مجهود أحس دائماً بالتعب.

وأشكرك مرة أخرى لسعة صدرك.

وبارك الله فيكم وجزاكم الله عنا خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المتفائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً على كل ما ورد في رسالتك من مشاعر طيبه حيال الشخص الضعيف، وأسأل الله تعالى أن يجعلها أخوه دائمة في الإسلام.

أخي الكريم! أنا أؤكد لك أن حالتك ليست بالصورة السلبية التي تتصورها، وأنا على قناعة تامة بأن الاكتئاب النفسي مؤلم، ولكن قناعاتي أكبر أن علاجه ممكن وأن الله سيبطله، إذن -أخي الكريم- لابد للإنسان ما دام يستطيع التحكم في جسده وفكره أن يعمل من أجل المزاج التحسني.

تشوقك لأيام الانشراح هو مفهوم لدي تماماً، وقد طلب أحد الكتاب الكبار والذي كان يعاني من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية عدم إعطائه الأدوية التي تثبط الانشراح؛ لأن الانشراح هو الطاقة التي من خلالها يكتب ويبدع.

أخي الكريم: أرجو أن تواظب على علاجك، وأن تثق في الله أولاً، وفي إرادتك أن التغير نحو الأحسن ممكن وممكن جداً.

عدم الشعور بالغضب ناتج من أن الإنسان الذي يكون عرضة للاكتئاب تضعف لديه بعض المشاعر الوجدانية، والغضب واحد منها، هذا هو التفسير النفسي المعروف، ولكن بالطبع لابد للإنسان أن يغضب في بعض المواقع والمواقف، فعلى سبيل المثال حين تنتهك حرمات الله، وبصفة عامة الحكم في الغضب أو حتى التخلص منه يعتبر صفة حميدة.

جزاك الله خيراً وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً