السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ترددت كثيراً قبل الكتابة عن هذا الموضوع، ولكن لكل إنسان حدود يستطيع تحملها، وموضوعي هو أني أكره أبي كرهاً شديداً، وذلك لأنه من النوع المحب للمال، ويحاسب كل قطعة تخرج من جيبه، ويغضب عندما نشتري حوائج ذات أسعار كبيرة، وعندما نذهب للتسوق فإنه يتبعنا كالظل ليرى إن كان سعر السلعة التي سنشتريها تناسبه أم لا، وعندما لا تناسبه فإن معركة حامية تحدث بينه وبين البائع، ويبدأ بالنفاق والكذب فيحلف بأنه سأل عن هذه السلعة في المحل الفلاني بأن سعرها كذا (وهو في الواقع لم يذهب إلى ذلك المحل)، والبائع المسكين يصدقه ويبيع السلعة بالثمن الذي يريده أبي.
وعندما نعود إلى البيت فإن السلعة التي اشتريناها من ذلك المحل تتلف بسرعة؛ لأن والدي اشتراها بدون رضا البائع، وأحياناً أحاول شراء السلعة كما يريدها البائع عندما لا تنفع محاولات أبي، ولكني أتلقى الشتم والسب واللعن من طرف أبي، وأكتم حزني في داخلي ولا أقول شيئاً، وتستمر الأمور هكذا.
والأمر الآخر هو أن لسان أبي لا يسلم منه أي شخص، حيث يسبهم ويشتمهم أمامهم، وأمامنا يقول كلاماً أخجل من سماعه، وعندما يقابل الآخرين يبتسم لهم ابتسامة عريضة لا نراها في المنزل، فهو في المنزل دائم العبوس.
وهو يكرهني كرهاً شديداً، حيث قال لي: إنه لا يحبني، ويعترف بأنه لا يطيق رؤيتي، والسبب هو أنني دائمة الحرص على تنبيهه على الخطأ، فأقول: يا أبي! هذا خطأ، وهذا صواب، فلا أجد منه كلمة (شكراً)، وإنما: (لعنة الله عليك وعلى اليوم الذي جئت فيه إلى الدنيا)!
وعندما أسمع هذا الكلام أركض إلى غرفتي وأبكي لمدة طويلة، وإخواني يخشون منه فيسكتون عندما يعمل الخطأ، ولهذا يحبهم أكثر مني، ويحب إخواني ذوي المناصب العليا في العمل لأنهم يعطونه المال، وأنا لا أعمل، وقد قال لي ذات مرة: أنت عالة علي بجلوسك في المنزل دون عمل، فتحطمت نفسيّاً من كلامه، وأمي لا حول لها ولا قوة ولا تستطيع قول شيء له.
والمصيبة الكبرى هي أنه لا يصلي ولا يصوم، وأنصحه بالصلاة فيقول: أنا إنسان مريض، فأعجب من هذا الجواب، وهل يعتبر مرض السكري سبباً في العزوف عن الصلاة، وهو الآن مبتلى بعدة أمراض، فأقول في نفسي: (الله يمهل ولا يهمل)، وأشعر بأني شريرة عندما أقول هذا الكلام في نفسي.
ولقد تعبت نفسياً ولا أطيق رؤيته، ولم تنفع معه النصيحة أو التوجيه، ولا أريد أن أكون عاقة ولكن لم أعد أحتمل، فجلوسي في البيت أشبه بالجحيم، ولا أستطيع تخيل بقية حياتي -إن لم يكتب لي نصيب في الزواج أو العمل- مع إنسان مثله، فكيف لي أن أغير أبي وأعيده إلى طريق الإيمان؟ وماذا علي أن أفعل؟
علماً أنه في سن كبيرة والشعر الأبيض يملأ رأسه.
وشكراً لكم.