الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاقة الزبروكسات بالخمول وأدوية الرهاب البديلة غير المؤثرة على اليقظة

السؤال

السلام عليكم.

بداية أود أن أشكر دكتورنا الجليل: محمد عبد العليم حفظه الله وأطال عمره؛ لما يقدمه من نصح وإرشادات.

أنا صاحب الاستشارة رقم (281995)، كنتم قد نصحتموني بتناول دواء الزيروكسات بالتدرج، لكن هنالك مجموعة من الأسئلة التي جعلتني لا أقدم على تناوله، وهي كالتالي:

سمعت أن دواء الزيروكسات يؤدي إلى زيادة النوم والخمول، فهل يمكن أيضاً أن يؤثر على دراستي، خاصة أني مقبل على اجتياز امتحانات في شهر ديسمبر وذلك يتطلب مني حفظ الدروس واستيعابها؟ فإذا كان الأمر كذلك فهل يوجد دواء فعال للرهاب الاجتماعي لا يعيق العمل والدراسة؟

كذلك دواء الزيروكسات باهض الثمن، فهل التفرانيل يصلح لحالتي؟ وإن كان كذلك فكيف أستعمله؟ وهل يوجد بالمغرب؟

وأخيراً: ما هي الآثار الانسحابية للزيروكسات والتفرانيل؟ وما هي مدتها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Soufyane حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً وأشكرك كثيراً، وأسأل الله تعالى أن يحفظك وأن يطيل عمرنا وعمرك في الخير، وأن يصلح أعمالنا جميعاً وأن ينفع بنا جميعاً، وبارك الله فيك على هذا الثناء والإشادة الطيبة، ونسأل الله تعالى أن يجزي القائمين على أمر الشبكة الإسلامية كل خير لما أتاحوا لنا من فرصة لنلتقي مع الطيبين من أمثالك.

هذه الأسئلة التي وردت في رسالتك والاستفسارات هي أسئلة جيدة وتسبب الكثير من المشاغل لكثير من الناس، وهنالك كثير من المعلومات التي تشاع عن الأدوية النفسية ولا تكون صحيحة، والذي أود الآن أن أخبرك عنه هو الحقائق العلمية.

عقار الزيروكسات Seroxat أو ما يسمى لديكم في المغرب بـ (ديروكسات Deroxat)، هذا الدواء لا يسبب النوم والخمول بصفة عامة، هو دواء استرخائي فقط وذلك في الأسبوع أو الأسبوعين الأولين لتناوله، والاسترخاء الذي يحدث من هذا الدواء هو أمر نسبي جدّاً ويتفاوت من إنسان إلى آخر، فإني أعرف بعض الناس الذين يشتكون من شيء من الخمول والشعور بالاسترخاء، والبعض الآخر ذكر لي أنه قد زاد من يقظته للدرجة التي اضطر أن يأخذ فيها الدواء في أثناء النهار حتى لا يعيق لديه النوم ليلاً.

إذن نستطيع أن نقول: إن الزيروكسات هو من الأدوية المحايدة لدرجة كبيرة فيما يخص التأثير على اليقظة، وإن كان هنالك ميول بسيط أن بعض الناس قد يشعر بشيء من الاسترخاء في بداية العلاج.

فإذا كنت تود أن تتناول هذا الدواء -وأنا أقدر تماماً أنك قد وجدته باهظ الثمن، فهذا قد يكون عائقاً- إن كنت تود تناوله وتيسر لك أمر الحصول عليه فحينها تبدأ بالجرعة الصغيرة (عشرة مليجرام)، الجرعة التدريجية التي يقصد بها أن تقلل من الشعور بالآثار الجانبية أياً كانت مثل الخمول الذي نادراً ما يحدث، أو سوء الهضم الذي قد يعاني منه البعض أيضاً، فبعض الناس يشتكون من سوء الهضم في الأيام الأولى من بداية تناول الزيروكسات، ولكن حين يتم تناوله بجرعة صغيرة وبعد تناول الأكل يقل هذا الأثر الجانبي جدّاً.

خلاصة ذلك نستطيع أن نقول: إن التجربة هي خير برهان، بمعنى أن التفاوت في التفاعل العلاجي - أو التفاوت فيما تسببه الأدوية من آثار – كثيراً لا يستطيع الطبيب أن يقرر أي شخص سوف يصاب بهذا الأثر الجانبي أو لا يصاب، وهنا التجربة هي المحك أو الآلية الوحيدة التي يمكن أن تحدد إذا كان هذا الأثر الجانبي سوف يحدث أو لا.

من الأدوية الفعالة نسبياً لعلاج الرهاب ولا تسبب أي نوع من الخمول أو أي نوع من الكسل هو العقار الذي يسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، وهو حقيقة دواء في الأصل مضاد للاكتئاب، وبعد ذلك اتضح أنه جيد جدّاً لعلاج الوساوس والقلق، وهنالك الآن دراسات تشير أنه أيضاً فعال في علاج الرهاب الاجتماعي الذي ربما لا يكون بنفس درجة الزيروكسات، ولكن نستطيع أن نقول أيضاً إنه علاج جيد وفعّال.

وهذا الدواء ربما يكون مكلفاً نسبياً، ولكن تكلفته أقل من الزيروكسات، ويمكن الحصول على المنتج التجاري من هذا الدواء، والمهم هو التأكد من الاسم العلمي الذي ذكرناه آنفاً، حيث إن المنتج التجاري دائماً يكون أقل ثمناً، ونستطيع أن نقول: إن فعاليته بنسبة ثمانين إلى تسعين بالمائة مقارنة بالمنتج الأصلي.

وجرعة هذا الدواء هي أن تبدأ بكبسولة واحدة (عشرين مليجراماً) بعد الأكل يومياً لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى كبسولتين (أربعين مليجراماً) يومياً وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفض إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم تتوقف عنه.

ويتميز هذا الدواء بميزة ممتازة، وهي أنه لا يؤدي إلى زيادة في الوزن، كما أنه لا يؤدي مطلقاً إلى أي آثار انسحابية حين التوقف عنه، وذلك لأن هذا الدواء يتميز بوجود إفرازات ثانوية نشطة تظل في جسم الإنسان لمدة أسبوع إلى أسبوعين، هذا فيما يتعلق بالدواء البديل للزيروكسات.

يأتي بعد ذلك عقار (تفرانيل Tofranil) – وهذا اسمه التجاري – والذي يسمى علمياً باسم (إمبرمين Imipramine)، وهو حقيقة أتصور أنه متوافر في جميع الدول؛ لأنه من الأدوية الأولى جدّاً التي استعملت لعلاج الاكتئاب النفسي، وبعد ذلك اتضح أيضاً أنه جيد في علاج القلق، وأيضاً هو جيد في علاج الرهاب الاجتماعي.

هذا الدواء ينتمي إلى فصيلة من الأدوية المضادة للاكتئاب تعرف بـ (أدوية ثلاثية الحلقات)، وهو في الأسواق منذ زمن بعيد (1965م).

هذا الدواء يصلح لحالتك ولكن يعاب عليه بعض الأشياء التي لابد أن نذكرها لك، وهي أن الجرعة الفعالة في علاج الرهاب الاجتماعي هي جرعة كبيرة يجب أن تكون في حدود المائة إلى مائة وخمسين مليجراماً، والإنسان لا يبدأ بتناول هذه الجرعة، إنما تكون البداية بجرعة فيها شيء من التدرج ويتم بناء الجرعة حتى تصل إلى الجرعة العلاجية، تبدأ بخمسة وعشرين مليجراماً يومياً، ثم تزيد هذه الجرعة بنسبة خمسة وعشرين مليجراماً أيضاً كل أسبوع حتى تصل إلى جرعة مائة إلى مائة وخمسين مليجراماً.

وهذا الدواء أيضاً قد يسبب لك بعض الشعور بالجفاف في الفم، وقد يسبب لك أيضاً إمساكاً وثقلاً بسيطاً في العينين في الأيام الأولى.

ويتميز هذا الدواء في أنه لا يؤدي إلى زيادة كبيرة في الوزن، كما أنه – في الغالب – لا يؤدي إلى الشعور بالخمول أو الكسل.

أتصور أن هذا الدواء موجودٌ في المغرب، حيث إنه من الأدوية الشائعة الاستعمال كما ذكرت لك.

وهنالك أثر جانبي واحد لهذا الدواء أود أن أضيفه وهو أنه لا يؤثر كثيراً على الأداء الجنسي، ولكن يعاب عليه أنه يمنع استعماله منعاً باتاً في حالة حدوث ارتفاع في ضغط العين أو ما يعرف بـ (المياه الزرقاء)؛ لأنه يؤدي إلى المزيد من الارتفاع في ضغط العين وهذا بالطبع ربما يؤدي إلى فقدان البصر، ولكن نسبة للإنسان الذي يكون ضغط العين لديه عادياً فالدواء في حد ذاته لا يسبب ارتفاع ضغط العين، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين لديهم هذا المرض في الأصل – ضغط العين – سوف يزيده هذا الدواء.

وهذا الدواء أيضاً له أثر جانبي على كبار السن -وهذا لا ينطبق عليك بالطبع- وهو أنه ربما يؤدي إلى تضخم وقتي أو وظائفي في غدة البروستاتا، وهذا قطعاً يؤدي إلى حصر أو حبس البول في بعض الأحيان.

إذن هذه هي الآثار الجانبية التي قد يسببها التفرانيل، إلا أنه لا توجد آثار انسحابية له عند التوقف عن تناوله، ولكن إذا كانت الجرعة في حدود مائة إلى مائة وخمسين مليجراماً ينصح بالتدرج في سحب الدواء، وهذه قاعدة علمية دائماً نحاول أن ننصح بها الإخوة؛ لأن التدرج في السحب يقلل أيضاً فرص الانسحاب النفسي، فالأدوية لديها آثار انسحابية ذات منشأ بيولوجي، ولكن هنالك أدوية أيضاً لديها آثار انسحابية ذات منشأ نفسي، ولذا ينصح بأن تقلص أو تخفض جرعة هذا الدواء بمعدل خمسة وعشرين مليجراماً كل أسبوعين.

بالنسبة لقضية الآثار الانسحابية فيما يخص عقار الزيروكسات أثير عنه الكثير من النقاش والجدل والخلاف العلمي، ولكن الشيء الذي أستطيع أن أقوله أنه يسبب آثاراً انسحابية إذا كانت الجرعة التي يتناولها الإنسان جرعة عالية أو جرعة متوسطة، وجرعته هي عشرون إلى ثمانين مليجراماً في اليوم، وأي جرعة أكثر من أربعين مليجراماً لابد أن يتدرج في التوقف عن الدواء منعاً لهذه الآثار الانسحابية الجانبية.

إذن في حالة تناول الزيروكسات يجب أن تخفض الجرعة بمعدل نصف حبة كل شهر، هذا هو الأفضل، وحين يصل الإنسان إلى نصف الحبة الأخيرة (عشرة مليجرام) يتناوله بمعدل نصف حبة كل يومين لمدة شهر آخر، هذه هي الطريقة المتدرجة والمتأنية والعلمية جدّاً والتي تؤدي إلى عدم ظهور أي آثار انسحابية بإذن الله تعالى.

أود أن أتقدم لك مرة أخرى بخالص الشكر والتقدير والعرفان على كلماتك الطيبة في حقي، وأسأل الله تعالى لك ولنا ولجميع المسلمين العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، وأسأل الله لك الشفاء والعافية (اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً