الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأهيل المراهق نفسياً

السؤال

السلام عليكم والرحمة، وبعد:
يوجد لدينا مراهق حاد الطباع في المنزل، عصبي صعب المراس وانطوائي، وليس لديه أدنى اهتمام بالدراسة.

لا يطيع أوامر أمه، ولا يوجد اهتمام من أبيه به، فكيف نستطيع جعله يركز في الدراسة ويترك لعب (البلاستيشن) ويصبح أكثر هدوءاً؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - العلي الأعلى - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح حال ولدك، وأن يبارك فيه، وأن يصرف عنه كيد شياطين الإنس والجن، وأن يرزقه الهدى والاستقامة، وأن يشرح صدره للمذاكرة، وأن يجعله إلفاً مألوفاً محباً محبوباً، وأن يجعله باراً بأمه ومطيعاً لوالديه.
بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – من أن لديكم مراهقا حاد الطباع في المنزل عصبيا صعب المراس، وانطوائيا وليس له أدنى اهتمام بالدراسة، ولا يطيع أمه ولا يوجد اهتمام من أبيه، ومشغولا باللعب، وليس مجدّا في دراسته ولا مهتماً بها.

أقول لك - أختي الكريمة أم محمد – هذه حزمة من المشاكل، هذه الأمور التي ذكرتها تنم عن أن ولدك يحتاج فعلاً إلى إعادة تأهيل ويحتاج إلى عناية خاصة؛ لأنه يشعر بفراغ شديد، مما ترتب عليه وقوعه في مثل هذه الأشياء.

مسألة حدة الطباع قد تكون مصاحبة لمرحلة الشباب، فإن الشاب فعلاً عندما يخرج من مرحلة الطفولة المبكرة إلى مرحلة الرجولة فإنه يحدث عنده نوع من التغير في حياته خاصة إذا وجد أنه لا يلقى اهتماماً من أبيه بالذات، على اعتبار أنه المثل الأعلى والقدوة الصالحة بالنسبة له، فيبدأ ينطوي على نفسه، ويعيش في داخل نفسه، ويبدأ يثار لأتفه الأسباب.

العلاج - بارك الله فيك – أولاً: كم أتمنى أن تذهبي به إلى أحد مراكز التأهيل التي توجد لديكم في المملكة، فعندكم في منطقة الرياض ومنطقة جدة ومكة المكرمة كثير من المدربين الذين يتولون إعادة تأهيل الذات وإعادة برمجة الإنسان من جديد؛ لأنه يحتاج حقيقة إلى جلسات مصارحة وإلى أن تخرج هذه السلبيات من نفسه، ومهما حاولت أن أتكلم الآن معك فإن الأمر قد يطول؛ لأن كل واحدة من هذه تحتاج إلى علاج خاص، فحدة الطبع هذه لها أسبابها، وعصبية المزاج لها أسبابها أيضاً، وكذلك الانطوائية هذا مرض مستقل لنفسه كذلك أيضاً، وعدم الاهتمام بالدراسة؛ كل ذلك كما ذكرت إنما هي مجموعة من المشاكل مجتمعة.

خاصة ووالده لا يوليه أدنى اهتمام، وهو قطعاً بالتالي أيضاً لا يولي أمه الاهتمام الكافي؛ لأنه يشعر بأنها الجانب الضعيف وأنها تخضع له نتيجة ضغوطه، وأنها تحاول فقط أن تسكته قدر الاستطاعة أو أن تتجنب شره، وبذلك بدأ يشعر بأن عملية رفع الصوت وعملية العصبية هي فاعلة في داخل البيت فبدأ يستعملها.

ولذلك أنا أنصح بضرورة الذهاب به إلى أحد مراكز التأهيل، وأن يجلس معه أخصائي نفساني ليخرج هذه المسائل كلها من نفسه؛ لأن النفس البشرية أشبه ما تكون بالوعاء، فإذا امتلأت ببعض الأشياء يصعب إدخال أشياء جديدة فيها، وولدك حقيقة نفسه مليئة بسلبيات كثيرة، هذه سيطرت على ذهنه وملأت عليه تفكيره وعقله، فأصبح لا يوجد لديه فرصة للاهتمام بالدراسة، بل إنه لا يشعر بأهميتها؛ لأنه في حد ذاته لا يشعر بأنه لا يجد من يهتم به، لذلك أنصح بضرورة أن تذهبوا به إلى أخصائي نفساني وأن يتكلم معه في جلسة أو جلستين أو ثلاث جلسات حتى يخرج هذه السلبيات من نفسه وحتى يعود إنساناً طبيعياً جدًّا، وهذا ممكن وليس مستحيلاً ولا صعباً - بإذن الله تعالى – ولكن يحتاج كما ذكرت إلى نوع من الاهتمام من قبلكم، خاصة أنت الأم، ولا تتوقفي - بارك الله فيك – عن الاهتمام به وعن الإحسان إليه وعن إكرامه وأن تشعريه بأنك لست ضده؛ لأن عدم وجودك حقيقة معه يجعله يشعر بضعف زائد أيضاً، ولكن شعور بأنك معه - بإذن الله تعالى – سيجعله يقف على قدميه، وسيواجه هذه المشكلات - بإذن الله تعالى - .
فأنا أرجو أن تعامليه بأنه في مشكلة وأنت تساعدينه في التخلص منها، وليس على أنه إنسان مثلاً عاصي أو عاق وأنت تصبين عليه جامَّ غضبك، وإنما عليك بالدعاء له، وعليك - بارك الله فيك – بالثناء عليه، وعليك بالدعاء له أمامه أيضاً، وعليك دائماً باستمرار أن تضعي يدك على رأسه وتعبثي في شعره وتمسحي على ظهره وصدره وتكثري من الدعاء له وتقبليه أيضاً؛ لأن هذا الكلام يعيد إليه الثقة في نفسه - بإذن الله تعالى - .

فتوكلي على الله وأسأل الله عز وجل أن يصلحه وأن يبارك فيه، ولكن لابد من عرضه على أخصائي نفساني حتى يخرج هذه السلبيات من قلبه.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً