الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

احتمال عودة الحالة كما كانت بعد تخفيض جرعة الفلوكستين وعلاج ذلك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكرا للدكتور الفاضل محمد عبد العليم، لقد قمت بمراسلتك من قبل، فقد كنت أعاني من Social phobia، وداومت على فلوكستين لمدة سبعة أشهر، وتحسنت حالتي خلالها، ولكن في آخر شهر شعرت بتلاشي أثر العلاج، فنصحتموني بزيادة الجرعة إلى كبسولتين يومياً، وقد فعلت وتحسنت حالتي والحمد لله، والسؤال:

نصحتني بتخفيض الجرعة إلى كبسولة بعد مرور سبعة أشهر أخرى والاستمرار عليها، فهل هناك احتمال عودة حالتي كما كانت بعد تخفيض الجرعة؟ وماذا أفعل حينئذ، مع العلم أنه قد حدثت لي انتكاسات كثيرة من قبل، فخبرتي مع العلاج منذ سنوات؟

سؤال آخر: أعاني دائماً من ضعف عام، وخصوصاً عند استيقاظي من النوم، فلا أستطيع أن أقبض يدي، فبم تنصحني إن كان تحليل الدم عندي جيداً، وأيضاً وظائف الكبد؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو معاذ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن سؤالك مقبول جدّاً، وهو تخوفك من حدوث أي انتكاسات مستقبلية، وهذا السؤال نُسأل عنه كثيراً؛ لأن صاحب القلق والمخاوف يقلق من كل شيء، حتى حين تأتيه الصحة والعافية يقلق منها، ويسأل إلى أي مدى سوف يظل كما هو؟

أخي الكريم! المبدأ العام أن الإنسان يجب أن يعيش حياته بقوة ويعيش مستقبله بأمل ورجاء، ومن مكونات القلق الرئيسية هو ما نسميه بالقلق التوقعي، وتذكر أخي الكريم! أن التحسن الذي حدث لك يمثل قاعدة قوية جدّاً وثابتة إن شاء الله سوف تمنع احتمال الانتكاسات، ولابد أن نعترف في ذات الوقت أن الرهاب الاجتماعي والقلق بصفة عامة في حوالي أربعين إلى خمسين بالمائة من الناس ربما تحدث لهم انتكاسات، وتنتابهم هذه الحالات مرات ومرات، ولكن في كل مرة تحس أن الحالة أصبحت أقل وأن الانتكاسة أخف، وأن الإنسان حدث له نوع من ما يمكن أن نسميه بالمواءمة، وتحسن الدافعية، وقوة الإرادة، وتكوين الدفاعات النفسية القوية التي تخفف عليه كثيراً هذه الانتكاسات.

أخي! أنا لا أريدك أبداً أن تكون مشغولاً بهذا الأمر، وأؤكد لك أن العلم يسير والحمد لله في صالحك، ويجب أن تأخذ بالأسباب، وتتوكل على الله، وتتفاءل، فالإنسان الذي يتفاءل بالخير لا شك أنه يجده إن شاء الله، كما قال النبي صلى الله عليهِ وسلم: (تفاءلوا بالخير تجدوه)، أو كما قال صلى اللهِ عليه وسلم، وحالتك هي من الحالات البسيطة جدّاً، وهناك بشرى كبرى أخرى، وهي أن الإنسان يتطور نموه النفسي والوجداني والمهاراتي بصورة ارتقائية جدّاً، أي بمعنى أنه عندما يتقدم في العمر، وتستمر الأيام، لا شك أن دفاعاته النفسية ومهاراته سوف تتطور، وهذا لا شك أنه سوف يقلل أعراض الخوف هذه، فيا أخي! لا أريدك أبداً أن تكون مهموماً حول هذا الأمر، والحمد لله تعالى العلاج متوفر.

ونصيحتي الأخرى لك هي أن تطبق المناهج السلوكية، فالمناهج السلوكية تمنع الانتكاسات أكثر من تناول الدواء؛ لأن السلوك بناء طبع وسلوك جديد، وكما تعرف أخي الكريم بأن المخاوف مكتسبة، وكل شيء في الدنيا مكتسب ومتعلم يمكن أن يُفقد، ويفقد أيضاً بالاكتساب وبالتعلم المضاد والمخالف، أعتقد أن هذا منطق سليم، ونظرية يجب أن نعطيها الاعتبار، ويجب أن نأخذ بها، وأنا حين أقول لك: اعتمد على العلاجات السلوكية، أقصد بذلك الإكثار من المواجهة، الثقة بالنفس، التواصل الاجتماعي، إدارة الوقت بصورة جيدة، ممارسة الرياضة، هذه يا أخي الكريم كلها نوع من المهارات الجيدة جدّاً في الحياة التي تقضي إن شاء الله تعالى على هذا الخوف، خاصة الخوف التوقعي الذي لديك.

بالنسبة للدواء؛ فأنا أقول لك: استمر على الدواء بنفس الصورة التي وصفتها لك، والحمد لله تعالى فإن الفلوكستين هو من الأدوية الطيبة والأدوية السليمة والفعالة جدّاً، وإذا حدث – لا قدر الله – لك أي نوع من الانتكاسة المستقبلية، وأنا لا أتوقع ذلك كثيراً، ولكن لابد أن نكون أيضاً واقعيين وعلميين، ففي هذه الحالة سوف تحتاج للدواء، وأعتقد سوف يكون بجرعات صغيرة، ويفضل أن تستمر عليه لمدة أطول، ولا تقلق لكلامي هذا؛ لأنه كلام افتراضي، حيث إن المؤشرات والمعايير الواقعية كلها تشير لمصلحتك.

بالنسبة لشعورك العام للفتور والضعف،خاصة حين الاستيقاظ من النوم، أولاً يجب أن تأخذ قسطاً كافياً من الراحة، هذا مهم جدّاً، ونصيحتي لك الأخرى هي أن تمارس الرياضة؛ لأن الرياضة مفيدة جدّاً، وتبني طاقات نفسية وجسدية إيجابية، وإن شاء الله تجعلك في أفضل حال، ويمكن أن تركز على تمارين قبضة اليدين وإطلاقها، فهذه إن شاء الله سوف تقوي من يديك كثيراً، ولا بأس من أن تقوم بإجراء فحص عام لتحليل قوة الدم ووظائف الكبد ووظائف الكلى، ومستوى الدهنيات في الدم، هذه فحوصات روتينية يجب أن يقوم بها الإنسان بإجرائها على الأقل مرة أو مرتين في السنة، ويمكنك التواصل مع طبيب الأسرة، ومن خلاله تستطيع أن تقوم بذلك.

أتقدم لك بخالص الشكر والتقدير والعرفان، على ثقتك في استشارات إسلام ويب، وعلى ثقتك في شخصي الضعيف، وعلى كلماتك الطيبة، ونسأل الله تعالى لك العافية ودوام العافية والشكر على العافية، وأن يجعلنا جميعاً الذين يحمدون الله تعالى على نعمه الفياضة، بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً