الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف الزوجة من الموت بعد موت زوجها بسكتة قلبية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
أنا امرأة توفي زوجي قبل سنتين ومنذ ذلك الوقت وأنا أعاني من اضطرابات نفسية، وقد قمت باستشارتكم عن وضعي قبل ذلك (رقم الاستشارة (270007) وتناولت العلاج وتحسنت ـ والحمد لله ـ ولكني الآن أعاني من الآتي:
الخوف من الموت، حيث أحس بأنني سوف أموت مثل زوجي بسكتة قلبية (زوجي توفي بسكتة قلبية مساء يوم الجمعة) فأصبحت أخاف أن يأتي مساء يوم الجمعة خوفاً من أن يحدث شيء (زوجي توفي قبل الإجازة الشتوية للمدارس بيوم) فأصبحت أخاف أن تأتي الإجازة خوفاً من الموت أو حدوث شيء، وفي الأيام السابقة أحياناً أصبحت أحس بأن قلبي توقف وأني سأموت، وربما أن خوفي من الموت يعود إلى حبي الشديد لأولادي، وخوفي عليهم ماذا سوف يعملون بعدي، وكيف يعيشون بدوني!؟

هذا الوضع باختصار، مع العلم أنني الآن يوجد عندي مرض الضغط وآخذ دواءً لذلك، وعندما أحس باضطرابات نفسية آخذ حبة موتيفال.

أسكنكم الله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ توفيق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله تعالى لزوجك الرحمة والمغفرة ولك الصبر.
مثال هذا التفاعل النفسي يحدث مع مثل هذا الفقد، وهو فقد شخص عزيز لا شك في ذلك، وحدث لك نوع مما يعرف بالارتباط الشرطي أو نوع التوحد والتواؤم مع الفقد من حيث حجم هذا الفقد ومن حيث المكان والزمان والظروف التي أحاطت به، فأصبحت تأتي هذه الاضطرابات والأحزان والمخاوف في أوقات هي بالنسبة لك مهمة بالطبع من ناحية إن زوجك قد توفي في وقت معين ومكان معين وتحت ظروف معينة، وقد اقترنت هذه الأحداث وتفاصيلها بالعواطف والوجدان التي لديك وسببت لك هذه المخاوف المستقبلية، وحدث لك نوع من التطير والتشاؤم بالأوقات والأزمنة التي وردت برسالتك.
أنا لا أقلل من قيمة مثل هذا الفقد، لا سيما في مثل هذه الحالة وهي افتقاد الزوج، ولكن أختي الكريمة إذا رجعت وأجريت نوعاً من الحوار النفسي الداخلي مع نفسك، ورجعت وتمسكت بالأساسيات، وهي أن الموت حق والمطلوب هو الدعاء وطلب الرحمة لزوجك العزيز، كما أنه سوف يكون من المفيد لك أن تقومي بأعمال ونشاطات متنوعة، وعليك أن تبتعدي عن التفكير في هذه الروابط التي تذكرك بهذه الحادثة، بل اجعلي من هذه الروابط منطلقاً إيجابياً، وهي أن زوجك قد توفى مساء الجمعة، وتذكري أن هذا اليوم يوم طيب، وأن المؤمن إذا مات في هذا اليوم يأمن من فتان القبر كما جاء في الأحاديث الشريفة، وتذكري أن في تلك اللحظة قد يكون مات كثير من الناس وهذا لا شك فيه، وليس زوجك وحده، وتذكري أن الموت يحدث ونحن نتحدث، وتذكري الدعاء بالرحمة والمغفرة وأن تدعي لنفسك بالصبر والثبات وهو الأفضل، وهذه اللحظات حين تأتي عليك بالاستغفار ومحاولة الاسترخاء والنظر إلى أبنائك بإيجابية، وأن تسألي الله لهم الحفظ والنجاح والتوفيق والسداد، أنت محتاجة إلى تغيير هذه الفكرة المعرفية التي قامت على الخوف وعلى وساوس من نوع معينة وقلق مستقبلي، وكل هذا استبدليه بما هو معاكس له، أنا أعرف أن هذه عواطف إنسانية ولكن حتى العاطفة الإنسانية يمكن للإنسان أن يبدلها ويشكلها لأنها تحت الإرادة بدرجة كبيرة وقد يختلف الناس في هذا، ولكن هذه حقيقة الأمر وأنتم في فلسطين! فكم من الشهداء وكم من الشباب قد فقدوا، نسأل الله أن يجعلهم في عليين.

هذه مقارنات طيبة ومقارنات تبعث على شيء من الراحة والطمأنينة، وعليك أيضاً أن تتذكري أنك في موقع المسئولية، ويجب أن تكوني أهلاً لتلك المسئولية مهما تجدين من مساندة من أهلك وأهل زوجك، وتذكري أنك أنت الآن الأم والأب بالنسبة لأولادك، وكوني قوية وكوني ثابتة، وأسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير وأن تكوني ثابتة ومتماسكة.

وبالنسبة لمرض ضغط الدم بالطبع هو مرض شائع، وعليك بالاستمرار في الدواء بصورة منتظمة؛ لأن الضغط في مثل هذه الحالات يحتاج إلى العلاج المنتظم وفي كل الحالات، ولكن خوفاً أن تزيد الحالة النفسية لدى بعض الناس.

بالنسبة للعلاج الدوائي النفسي الموتيفال علاج جيد لا بأس به، ولكن الذي أراه أنك إذا انتقلت إلى أحد الأدوية المتخصصة في المخاوف ربما يكون أفضل بالنسبة لكِ، هناك دواء يعرف باسم سبيرالكس أتمنى أن يكون موجوداً في فلسطين، يمكنك أن تتناولي منه جرعة (10 مليجرامات) ليلاً لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، وإذا لم يوجد يمكنك أن تتناولي البروزاك وسوف يفيدك إن شاء الله بمعدل حبة (كبسولة) واحدة في اليوم أيضاً لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، هذه إن شاء الله تجعلك مرتاحة بعض الشيء، ولكن لابد أن تبني قناعة جديدة، وأن تكوني أكثر ثباتاً، وتنظري إلى الأمور بمنظور مختلف وتتذكري المسئولية التي هي عليك الآن، أعتقد إن شاء الله أنك سوف تتمتعين بصحة بدنية جيدة.
وأسأل الله تعالى أن يحفظ لك أبناءك، وأن يجعلهم من الصالحين. ونسأل الله تعالى جميعاً أن يوفقنا لما يحب ويرضى.
----------------------------------
انتهت إجابة الدكتور ولمزيد من الفائدة يرجى التكرم بالاطلاع على الاستشارات التالية والتي تتناول علاج الخوف من الموت بالوسائل السلوكية: (259342 - 264181 - 265858 - 230225 - 266237).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً