الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مريض الوسواس القهري هل هو مؤاخذ بما يتكلم به؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
أنا أريد الحكم في خروج الكفر أو الاستهزاء بالخالق بشيء قبيح جداً من مريض وسواس قهري - أي عنده خلل في الناقلات العصبية للمخ - وخروجه من شخص سليم من المرض؟ أنا أريد الحكم فقط لا أريد غير ذلك لأني ذهبت إلى طبيب نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماهر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالوسوسة - أيها الأخ الحبيب - داء عظيم إذا أصيب به الإنسان تكدرت عليه حياته وحاول الشيطان أن يفسد عليه دينه.

وعلى من أصيب بالوسوسة أن يحتسب مصيبته هذه ويسعى في الدواء فإن الله تعالى ما أنزل داء إلا وأنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالسعي في التداوي فقال: (تداووا عباد الله) ولذا فنصيحتنا لك إن كنت مصاباً بشيء من ذلك أن تشغل نفسك بمداواة هذا الداء، نسأل الله تعالى أن يمن عليك بالشفاء، وعلاج هذه الوساوس الناجع في اقتلاعها هو الإعراض عنها بالكلية فلا تشغل نفسك بها، ومن رحمة الله تعالى أنه لا يؤاخذ الموسوس بمقتضى وسوسته، ولهذا لا يلتفت لشكه في عباداته، بل هو مأمور بالإعراض عنها والاستعانة بالله تعالى على طردها والاستعاذة به سبحانه من شر الشيطان ووسوسته، وقد أحسنت - أيها الأخ الحبيب - حين أخذت بالأسباب المادية في العلاج بذهابك للطبيب، وينبغي أن تواصل ما بدأته وتلجأ إلى الله تعالى وتسأله الشفاء وتحسن به الظن سبحانه وتعالى وسيذهب عنك ما تجد بإذنه سبحانه وحوله وقوته.

أما الاسترسال في الاستفصال عما تمليه عليك الوساوس والإكثار من البحث عما لو كان كذا وكذا كيف سيكون الحكم فهذا لن يزيدك إلا شراً ووبالاً، فخذ نفسك بالجد والحزم، واسع في الإعراض عن الوساوس، واطلب الدواء لها لتخرج مما أنت فيه، ونوصيك بالإكثار من ذكر الله تعالى وقراءة الأذكار في الصباح والمساء وأذكار النوم وأذكار دخول الخلاء وغير ذلك؛ فإن الشيطان إذا ذكر الله سبحانه خنس.

ونؤكد ثانية أن الموسوس غير مؤاخذ بما تمليه عليه الوساوس ما دام غير مختار لذلك وإن عرضت خواطر قبيحة؛ ولذا قال العلماء وهم يتكلمون عن أثر الوسوسة في مسائل العقائد قالوا: ( الوسوسة في هذه الأمور بعد التصديق تدل على صريح الإيمان ومحضه وكماله لأن الشيطان سارق والسارق إنما يدخل بيتاً معموراً، ولهذا قيل الشيطان لا يوسوس للكفار لعدم إيمانهم) انتهى من كلام العلامة محمد ابن الخادمي الحنفي.

فنسأل الله تعالى أن يوفقك للأخذ بهذه الوصايا وأن يذهب عنك ما تجد.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً