الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس القهري في أصول الإيمان، كيف أتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا امرأة متزوجة وعندي ثلاثة أولاد وعمري 38 سنة، وأنا امرأة مؤمنة بالله تعالى إيمانا كاملاً وملتزمة في فرائضي وأشكر الله على نعمة الإيمان، حتى جاء يوم أحسست أن الوسواس دخل عقلي ويهز ثقتي بإيماني، فصرت أتضرع إلى الله أن يخلصني منه، وأدعو على هذا الوسواس دعاء جباراً.
كأن أقول: يا رب أسخطه أو حطمه أو اقتله وكأنما أراد هذا الشيطان أن يؤذيني.

بدون سابق إنذار وأنا أدعو عليه دخلت فكرة في رأسي بأنه لا يوجد الله، وأصبحت أقاوم هذا الوسواس وأحاربه واستطعت إرجاع إيماني بالله عن طريق الدلائل التي نعرفها، وعن طريق معجزات الأنبياء ولكن كنت أشعر بأن الوسواس ما زال يريد يحاربني لذلك دخلت فكرة أخرى بأنه يمكن هذه المعجزات من عند الملائكة فصرت أقول لزوجي: هل تستطيع الملائكة أن تعمل معجزات وهي مخلوقات؟ فقال لي: لا طبعاً إلا إذا كانت هي التي خلقتنا ولكن هي مخلوقة، فأدخل في رأسي هذه الفكرة أن تكون هي التي خلقتنا، ودخلت في عذاب شديد أريد أن أقاوم هذه الأفكار، وبعد تفكير استطعت أن أستدل على أن الملائكة مخلوقة عن طريق أجسامها فهي جسم مخلوق من النور؟

كل جسم أو مادة لها صانع أو خالق، ولكن الوسواس لم يتركني بحالي حيث دخلت فكرة في رأسي بأنه من الجائز هم عملوا أنفسهم مادة حتى لا يشعرونا، بأنهم إله، ودخلت في شك وفي عذاب آخر فكلما أصل إلى نتيجة تأتي فكرة أخرى وكأنما هذا الوسواس لا يريد أن يتركني بحالي، أرجو مساعدتي لأنني لم أتحمل العذاب أكثر من ذلك فأنا في مقاومة شديدة مع هذه الأفكار، فأنا أدعو الله حتى يخلصني من هذا المرض أو هذا الوسواس والذي أشعر وكأنه لا يريد أن يتركني، فهل هذا وسواس أم جن أم روح شريرة؟ وهل هناك علاج إذا كانت هذه أرواحاً شريرة مثلاً فأنا أقاوم هذه الأفكار بكل قوتي، أرجو منكم إخراجي من هذه الدوامة خاصة وأنا في غربة وصار عندي كآبة بسبب هذه الأفكار اللعينة، أرجو أن تجاوبوني.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إلهام حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينصرك على هذا الشيطان اللعين، وأن يخلصك منه، ومن وساوسه المدمرة، وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يرزقك الأمن والأمان والطمأنينة وأن يربط على قلبك، وأن تعودي لحالتك الطبيعية، وأن يزيدك إيمانا وفضلا وصلاحا وتقى، وتقدري على مقاومة جميع شياطين الأنس والجن إنه جواد كريم.

اعلمي أختاه أن هذا من الابتلاء الذي قدره الله لبعض عباده، وأن الله إذا أحب عبدا ابتلاه، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط، فاصبري وأبشري، فإن الله تعالى قال: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، [الزمر:10] فالصابرون أجرهم لا يعلمه إلا الله فهم لا يوزن لهم بميزان، ولايكال لهم بمكيال، ولا يعد عليهم بعدد وإنما أجرهم بغير حساب، وهم أحباب الله ومن خاصة أوليائه، فاحرصي على ألا تفقدي هذه المنزلة، واعلمي أن الله مع الصابرين، فأكثري من الدعاء له أن يصرف عنك هذا البلاء، وأن لا يحرمك الأجر والثواب، ولن يخيب الله ظنك به، وقد يكون الذي يحدث لك فعلاً نوع من الوسواس، وعلاجه يتمثل في إهماله، وعدم الاستجابة له، وهذا أفضل علاج، ولا تلتفتي له مهما كان، وأكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، واحرصي أن تكوني دائماً على وضوء قدر استطاعتك، وعليك بأذكار الصباح والمساء خاصة قول: "لا إله الا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" مائة مرة صباحاً ومثلها مساءً، وكذلك حافظي على النوم على وضوء، مع أذكار النوم، ولامانع من عرض نفسك على أحد المعالجين بالرقية الشرعية من المشايخ المشهود لهم بالصلاح والتقى والبعد عن الدجل والشعوذة، كما يمكنك استعمال هذا البرنامج وهو كفيل بمساعدتك -إن شاء الله-.

وعليك بقراءة سورة البقرة يومياً، أو الاستماع إليها من شريط مسجل، وعليك برقية نفسك يومياً، أو الاستماع إلى شريط من أشرطة الرقية الشرعية المشهورة وهي كثيرة ولله الحمد، وعليك بالاستماع إلى شريط اسمه (آية وأذان) وهو عبارة عن شريط مكرر به آية الكرسي مع الأذان الشرعي، فتستمعي لهذه الأشرطة، أوالقراءة لمدة عشرة أيام، أوأكثر حتى تتحسن حالتك إن شاء الله، مع الأشياء التي ذكرتها لك سابقاً وسيحصل الشفاء بهذا البرنامج سواء أكان الذي به مس من جن، أونوع من السحر، أو الحسد وهو مجرب، وبفضل الله استفاد منه كثيرون.

مع دعواتي لك بالشفاء العاجل، والتغلب على هذا الشيطان وقهره، والله ولي التوفيق.

الشيخ / موافي عزب
==============
وبعد استشارة المستشار النفسي أفاد بالتالي:

جزاك الله خيراً، ونسأل الله تعالى أن يزيدك إيمانا به، نقول لك أيتها الأخت الفاضلة إنه إن شاء الله لا حرج عليك، فكل ما يحدث لك هو ما يعرف بالوسواس القهري العصابي، وهو لا علاقة له مطلقاً بالجن أو الشيطان، وهو إن شاء الله ليس دليلا على ضعف شخصيتك، أو قلة إيمانك، حيث أن الوسواس القهري حالة طبية نفسية تسببها بعض العوامل النفسية، خاصة التنشئة والتفاعل مع البيئة، وقد تأكد العلماء الآن من وجود اضطراب كيميائي بسيط في منطقة في الدماغ تعرف بـ ( خلية كوديت) حيث تنقص فيها مادة تعرف بـ (السرتونين)،، معظم الوساوس القهرية في مجتمعنا تحمل الطابع الديني والشكوك حول الذات الإلهية، وقبول العمل والطهارة، وتكرار الوضوء، وإعادة الصلاة، ويرجع ذلك إلى أن مجتمعنا بفضل الله مجتمع متدين، حيث وجد أن الوسواس القهري تكون محتوياته ومكوناته من توجيهات الناس ومعتقداتهم.

وأرجو أن أؤكد لك أن الوساوس القهرية تستجيب للعلاج بصورة ممتازة جداً، ويمكن إضعافها، ثم التخلص منها، كما أن الوسواس القهري يرتبط كثيراً بدرجة من الاكتئاب، وعسر المزاج وهذه أيضاً يمكن علاجها.

والمبدأ السلوكي للعلاج هو تحقير الفكرة الوسواسية ومقاومتها، واستبدالها بفكرة مضادة لها دون اللجوء للحوار مع الذات، واخضاع الأمور للجدل المنطقي، وانتهاج هذا المبدأ سوف يسبب قلقا زائدا في الأيام الأولى ثم يبدأ القلق في الانحسار.

وتعتبر العلاجات الدوائية هامة جداً لعلاج الوساوس القهرية وأنصحك بتناول العقار المعروف باسم (بروزاك) بواقع 20 ملجم يومياً بعد الأكل، ويكون ذلك في الصباح وتتناولي معه العقار المعروف باسم (فافرين) بمعدل 100 ملمجرام ليلاً بعد الأكل أيضاً، وبعد أسبوعين ترفع جرعته إلى 200 ملجم في اليوم، وهذه الأدوية أدوية فعالة وممتازة وسليمة، وعليك الاستمرار في تناولها لمدة ستة أشهر متواصلة، ثم يمكن أن تخفضي الجرعة قليلاً بعد ذلك لتصبح حبة من كل واحد لمدة ستة شهور أخرى، وإذا كانت هنالك أية صعوبة في تغطية التكلفة المادية المتعلقة بهذه الأدوية فيوجد دواء ثالث أقل تكلفة يعرف باسم (أنفرانيل) وجرعته تبدأ 25 ملجم وترفع تدريجياً حتى تصل إلى 200 ملجم في اليوم، وهو علاج فعال أيضاً، وكل ما به أنه يسبب بعض الأعراض الجانبية مثل : جفاف الفم، والإمساك والنعاس، والتي تختفي بمرور الوقت، والاستمرار في تناوله، وبالله التوفيق.
د. محمد عبد العليم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً