الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شعور الفتاة بالذنب لقطعها التواصل مع رجل اهتدى على يدها

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لثقتي برأيكم وقدرتكم على توجيهي إلى الطريق الصحيح سأعرض عليكم ما يشغلني، آملة منكم مساعدتي.

في البداية أنا ملتزمة دينياً، أعيش في وسط بعيد عن التدين سواءً في المنزل أو العمل، وأحاول جاهدة الثبات ومساعدة من حولي، لأني أشعر بأن هذا واجبي رغم فترات عدم الثبات التي أشعر بها.

المشكلة أني أعمل في شركة، وعملي كله على الإنترنت، ومعظم وقتي في العمل لا يكون لدي واجبات تذكر، فيكون لدي وقت فراغ كبير على النت، ومنه بدأت أستعمل الشات أحياناً، ومن خلال الشات تعرفت على شخص من بلد آخر، وكانت علاقتي به رسمية جداً، لا نتحدث إلا في المواضيع السياسية والدينية، وأستفيد من آرائه السياسية كثيراً؛ نظراً لأنه يعيش في فلسطين وأنا أعيش في بلد عربي آخر، وأنا أحب فلسطين جداً، وأنا أحاول أن أساعده دينياً، وأعتقد أني من خلال نقاشي معه لتشجيعه على التدين أستعيد في أحيان كثيرة إيماني، فكل ما بيننا هو تبادل أفكار وآراء، وأشعر بأني أستفيد من معلوماته وأفكاره نظراً؛ لأنه يكبرني بكثير، وهو يخاطبني بصيغة ابنتي.

المشكلة أن الشعور بالذنب بدأ يغزوني، وخصوصاً عندما أحاول أن أساعد الفتيات في التقرب إلى الله، فبدأت أشعر بأني لست أهلاً للنصيحة، وأخاف أن أكون أفعل حراماً، فقررت أن أنهي الشات معه تماماً، ولكني بعد أن أخبرته بأني لن أحدثه على الشات قال لي بما معناه أني كابنته، ولا داعي لقطع الشات، ومع هذا أنا قطعت الحديث معه، ولكن بعدها أحسست أني مخطئه في قراري ليس لشيء إلا لأني لا أحمل له أي مشاعر سوى الاحترام، وأني بهذا فقدت مصدراً للمعلومات، وشخصاً كان يساعدني في تجاوز بعض العقبات في حياتي دون داع، فاستشرت صديقة لي فقالت لي: إنه إذا كنت متأكدة أنك لا تحملي له أي مشاعر فلا داعي لقطع الاتصال به نهائياً، وإن كان من الجيد أنك قطعت الشات معه، ويمكنك أن ترسلي له رسالة عبر البريد إذا أردت سؤاله عن شيء أو إخباره بشيء مهم دينياً، وخصوصاً أني كنت قد أخبرتها سابقاً أني شجعته على حفظ سور من القرآن الكريم، وأني أتابع حفظه له.

أنا آسفة لأني أطلت عليكم وشغلتكم بهذا التفصيل، ولكني أردت أن أعرف هل أتبع نصيحة صديقتي؟ لأني لا زلت أشعر بالذنب لقطعي الاتصال به نهائياً؛ رغم مساعدته الدائمة لي، وعلمي بأني أساعده أيضاً، أم أكمل طريقي ولا أعود للاتصال به نهائياً، وأحاول التخلص من شعوري بالذنب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يستر عليك في الدنيا والآخرة، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمن عليك بخير الدنيا والآخرة .

وبخصوص ما ورد برسالتك: فأرى فعلاً أن الله وفقك للصواب، وأن قرار قطع الاتصال هو عين الحق، وأن التوفيق كان حليفك في هذا القرار، وأحيي فيك قوة الإرادة وعدم الخضوع لهوى النفس، وأسأل الله أن يزيدك ثباتاً وقوة؛ لأن طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبيين لابد وأن يشوبها اتباع الهوى ونزعات الشيطان بحكم الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فالمرأة طالبة ومطلوبة؛ لأن سنة التكامل تقتضي ميل كل جنس للجنس الآخر، وإلا ما بحث الرجل عن زوجة تشاركه حياته، وكذلك المرأة.

فاحمدي الله أن عافاك من هذه العلاقة التي حتى وإن لم يقع فيها ما يندرج تحت قائمة المحرمات الكبرى، إلا أنها طريق إلى ذلك ولابد، والتفتي إلى أخواتك المسلمات اللواتي هن في أمس الحاجة إلى إنسانة فاضلة مثلك تمد لهن يد العون والنصيحة والدعوة والإرشاد، حيث إن الأمة تعاني من نقص شديد في الأخوات الداعيات ولو بأقل مستوى، اتصال كله أجر ومثوبة وعلاقة كلها محبة وإخاء، ومسئولية تحملينها تجاه أخواتك في الإسلام، وهن في أمس الحاجة إليك وإلى جهودك الطيبة، ولو كان مستواك العلمي ليس متميزاً، المهم أن الجود من الموجود، وإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.

فشمري عن ساعد الجد، ووجهي كل طاقاتك للأخوات، وأوصيك بالصبر الجميل؛ لأن قناعة المرأة بدعوة أختها لها ما زالت دون المستوى، فتحتاجين إلى مزيدٍ من الصبر والاطلاع والتعرف على فنون الدعوة حتى تتمكنين من نفع أخواتك بطريقة صحيحة ومؤثر ومفيدة، ولا يضحك عليك الشيطان بحجة أن مثلك لا يصلح للدعوة، بل على العكس أنت أحق بها وأهلها.

فتوكلي على الله وأكثري من الدعاء أن يعينك الله وأن يتقبل منك، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً