الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض الأهل للخاطب بدعوى أنه متزمت وتغيّر مشاعر الفتاة تجاهه

السؤال

إنني أعاني من مشكلة عدم القدرة على اتخاذ القرار بنفسي دون اللجوء إلى الآخرين.
ومشكلتي الآن تكمن في أن شاباً تعرفت عليه من خلال شبكة الإنترنت تقدم لخطبتي إلا أن أهلي لم يكونوا متشجعين له؛ فاضطررت إلى رفضه، بالرغم من أنني كنت أشعر بأنه قريبٌ مني، إلا أن ما كان يخوفني منه هو أنني تعرفت عليه عن طريق الشات، وكان يريد مواصفات معينة في الشكل، مثلاً: بأن أكون لا أرتدي نظارة، إلا أنه بالرغم من ذلك عندما سألت عنه كانت الإجابة بأنه شاب خلوق.

وبعد رفضه تقدم شخصٌ من العائلة لخطبتي مباشرة فوافقت عليه، بدايةً شعرت بأنني مرتاحة للشاب، وكنت أتحدث معه إلا أنني اليوم أتحاشى محادثته، ولا أريد أن أتحدث معه بالرغم من أنه شاب ممتاز، ولا يعيبه شيء، ويُكِنّ لي معزة كبيرة.

وكان لأهلي الأثر الكبير في تغيري ناحيته؛ فهم دائماً يتحدثون عنه بسخرية بأنه شابٌ متزمت، ومعقد في دينه، فهذا يشعرني بالخوف من أنه سوف يبالغ في تزمته، فمثلاً: هو لا يريد أن يجلب تلفازاً إلى المنزل، هذا بالإضافة إلى أنني دائماً أتذكر الشاب الذي تعرفت إليه عن طريق الشبكة.

أفيدوني بحلٍ: هل أستمر مع هذا الشاب -بالرغم من تغير مشاعري ناحيته أم أن هذه مشاعر طبيعية تشعر بها المرأة قبل الزواج- أم أرفضه، بالرغم من أنني سأُواجه اللوم الكبير من عائلتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يرزقك السداد والرشاد، وأن يجنبنا جميعاً الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
فإن التوسع في الحديث مع الشباب من الجنس الآخر له آثاره الخطيرة على حياة الفتاة المستقبلية، وهو لونٌ من المجازفة الخطيرة التي قل أن يخرج الإنسان منها سالماً، وهكذا كل المعاصي والمخالفات لها شؤمها وآثارها: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))[النور:63].
واعلمي أن مسيرة التصحيح لذلك الخطأ تبدأ بالاستغفار والرجوع إلى الله، واحذري من تكرار الحديث مع الشباب عن طريق الإنترنت، وأرجو أن تقبلي بهذا الشاب لأن فيه دينٌ وخير، ولا تلتفتي لآراء الآخرين، خاصة إذا كانت تصادم ديننا الحنيف، وتكره المتمسكين بالإسلام، ويُخشى على من يسخر من الشباب الملتزم ويقلل من شأنهم أن يخرج من دائرة الإسلام، ولابد من قطع كل علاقة مع الشاب الذي تعرفت عليه بواسطة الشات.

واحمدي الله الذي صرفه عنك، وتعاملي مع هذا الجهاز بحذرٍ شديد، واكتمي ما حدث في السابق عن خطيبك الجديد؛ حتى لا تدخل إلى نفسه الشكوك والظنون، والشيطان حاضر ويجتهد في خراب البيوت.

وإذا كان هذا الشاب ممتاز ولا عيب فيه ويكنّ لك الاحترام والتقدير فتمسكي به، واحرصا على إتمام مراسيم الزواج في أسرع وقت، ولا تنظري إلى رأي الناس في هذا الرجل الذي كرهوا فيه حرصه على الخير، والإنسان لا ينبغي أن يكون إمّعة، يتابع الناس في الخطأ والصواب، ولكن وطني نفسك والزمي الصواب والحق.

ومن الخير لك أن تحرصي على الاستمرار مع هذا الشاب، ولا عبرة بهذا التغير الذي حدث لك بعد سماعك لكلام الناس، ويكفي في هذا الرجل أنه صاحب دين ويحرص على الالتزام أكثر وأكثر، وكونه من العائلة أيضاً من الإيجابيات؛ لأنه سوف يحرص على احترام مشاعر الأهل، كما أن الطبائع والعادات سوف تكون متشابهة، واعلمي أن النفس تتطلع إلى الشيء فإذا نالته فتر الطلب والشوق، ولكن الحب الحقيقي يبدأ بالرباط الشرعي، ويصمد ويستمر بطاعة الله وحسن العشرة، ونحن لا نؤيد رفض هذا الشاب الذي وافقت عليه ففيه دينٌ وخير، ويحقق لك رغبة العائلة.
نسأل الله أن يبارك لك فيه، وأن يبارك له فيك، وأن يجمع بينكما في خير.
والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً